لا شيء أكثر أهمية من التواصل والإنصات مع الآخرين، صفة من الصعب أن نكتسبها بسهولة، البعض يقول عن نفسه إنه مستمع جيد من حيث هز الرأس والابتسامة، أو ربما استخدام حركات اليد، وربما الإيماءة وأحياناً يقوم المتحدث بإعادة الحديث بصورة أخرى للتأكد من أنه فهم جيداً. ولكن في رأيي لا تكفي تلك الملاحظات، فحتى يصبح الشخص مستمعاً جيداً فإنه يحتاج إلى التفاعل والتركيز.
وأن يقترح ويناقش ويستفسر ويتفاعل مع الآخرين، إن تطوير مهارة الإنصات تحتم على المستمع أن يكون لديه حس الإنصات لما يسمعه، حيث لوحظ في الفترة الأخيرة أن الإنصات أصبح فناً مفقوداً، وأكثر الأمثلة وضوحاً في التجمعات العائلية والأسرية، وحتى في الاجتماعات، أن الناس أصبحت ترغب بالحديث أكثر من الإنصات؛ لذلك لا يطيقون صبراً حتى تتوقف عن الحديث، بل البعض قد يضطر لمقاطعتك.
هناك الكثير من الدراسات التي أثبتت أن الإدراك الحسي يؤكد على أنك لو أرسلت فكرة غير حسية ولم يكن أحد يستقبلها فإنها ببساطة غير موجودة، وقس ذلك على أية محادثة قد تحدث في أي مكان، إن لم يكن هناك من يستمع لها فإن تلك المحادثة لا وجود لها، لذلك فإن الإنصات يعتبر سمة التواصل الفعال والأكثر أهمية على الإطلاق، ولكنه من الفنون المفقودة.
والتي تتعرض للكثير من التجاهل، لقد تعلمنا طيلة 12 عاماً فنون تعلم الكتابة والقراءة والحروف الأبجدية، وغيرها من العلوم، ولكن بعض المهارات التي يحتاجها أطفالنا للأسف تعتبر مفقودة في مناهجنا؛ لذلك فإن الإنصات وسيلة للفهم، وأكثر ما يهدم العلاقة بين اثنين هو اللامبالاة والصمت والسخط والضجر والتهكم، وربما المقاطعات التي تأتي دون تفسير، ودون مراعاة للطرف الآخر؛ لذلك حتى تكون منصتاً جيداً ينبغي أن تكون منصتاً أكثر، الجميع في محيطك يجب أن تعيره الاهتمام. يقول كاتب رواية الشيخ والبحر إرنست همنغواي: «يحتاج الإنسان إلى سنتين ليتعلم الكلام، وخمسين سنة ليتعلم الصمت».