في ساحات المزاينة، حيث تتلاقى الأصالة والفخر ضمن فعاليات مهرجان الظفرة، تقف الإبل شامخة بأبهى حُلة، في مشهد يروي حكاية عشق ممتدة بين الإنسان والجمال، إذ يتفنن أصحاب الإبل في إبراز جمالها ورونقها، مجسّدين من خلالها ارتباطاً عميقاً بالموروث العربي العريق.
وتتجلى هذه الظاهرة المميّزة، وسط إقبال مُلّاك الإبل المشاركين في منافسات المزاينة أو السباق، على تزيين إبلهم بأجمل وأفخر أنواع الزينة والإكسسوارات المعدنية والقطنية والصوفية.
ولم تعد المنافسة مقتصرة على شكل أو سرعة الإبل فقط، بل أصبحت أناقتها وزينتها جزءاً رئيساً من التميّز، ما دفع تجاراً ومحال متخصصة إلى الاهتمام بتصميم وبيع هذه الإكسسوارات.
وقبل المزاينة بأيام، يبدأ مُلّاك الإبل رحلة إعدادها لتصبح رمزاً للأناقة والفخامة، ويتم الاعتناء بالإبل بشكل كبير، إذ يبدأ ذلك بتمشيط وبرها باستخدام أدوات خاصة تعمل على إزالة الشوائب وإضفاء لمعان طبيعي، وتُستخدم زيوت طبيعية تمنح الوبر بريقاً جذاباً، ويتم تقليم الوبر بعناية لإبراز تفاصيل جسد الإبل بشكل متناسق وجذاب، ما يمنحها مظهراً مميّزاً يعكس فخر صاحبها.
وبعد إتمام العناية الأساسية، تبدأ مرحلة التزيين التي تُحول الإبل إلى لوحة فنية متحركة، وتتجمل الرقبة والصدر بحبال ملونة ومزخرفة بألوان زاهية مثل الأحمر والأخضر والأصفر، تُلف بطريقة متناغمة تُبرز جمال الإبل الطبيعي، وتُعلق على الرأس قطع الزينة التقليدية المزخرفة بالخرز والأحجار الكريمة، حيث تضفي طابعاً ملكياً على الإبل.
كما يتفنن أصحاب الإبل في تجديل وبرها الطويل، على الجانبين أو أعلى الرقبة، بأساليب متقنة تعكس الإبداع والاهتمام بالتفاصيل، وتُعلق أيضاً الجلاجل المعدنية الصغيرة على الأعناق، لتُصدر أصواتاً رنانة تزيد من هيبة الإبل أثناء تحركها.
ولا يكتمل المشهد من دون الأغطية الفاخرة التي توضع على ظهور الإبل، وهي مصنوعة من أقمشة مطرزة بخيوط الذهب أو الفضة، وتحمل نقوشاً وزخارف مستوحاة من التراث، لتمنح الإبل طابعاً فريداً.
وتقول الوالدة مريم المزروعي، وهي حِرفية متخصصة في صناعة زينة الإبل: «يحرص مُلّاك الإبل على اختيار أجمل وأفخر الإكسسوارات لتزيين إبلهم، ونصنع قطعاً يدوية مشغولة بإتقان، مستخدمين مواد كالفضة والحرير، وخيوط القصب والصوف، كما نصمم جدائل بألوان متنوعة مثل الأحمر والأصفر والأخضر والأزرق والأسود، لتنسجم مع ألوان الإبل ذاتها، هناك إكسسوارات يدوية مزينة بالكريستال والطرابيش»، مشيرة إلى تفاوت أسعارها حسب المواد المستخدمة، إذ يبدأ سعر المتر من 20 درهماً للصوف أو الحرير، وقد يصل إلى 3000 درهم، في حين أن أطقم الفضة الفاخرة، التي تضم حزام السنام والتاج ورباط العنق، قد يصل سعرها إلى 10 آلاف درهم.
ولم تعد زينة الإبل مقتصرة على مُلّاكها فقط، بل أصبحت فرصة اقتصادية واعدة للتجار ومحال الزينة التي تستقطب الزوّار والمشاركين.
ويؤكد عبدالله العامري، أحد مُلّاك الإبل، أن «زينة الإبل أصبحت مجالاً فنياً وتجارياً بامتياز، إذ تختلف الزينة حسب جنس الإبل ونوعها ولونها، هذه الاختلافات تضفي مزيداً من الجمال على الساحة، وتجذب السياح والمهتمين بهذا التراث العريق».
رمز للأصالة والجمال
لا تُعدّ ساحات المزاينة مجرد أماكن للمنافسة، بل لوحة حية تعبّر عن ارتباط الإنسان بتراثه وهويته الثقافية، من العناية الدقيقة إلى الزينة الفاخرة، لتتحول الإبل إلى رمز للأصالة والجمال، ولتبقى هذه المنافسات شاهدة على عشق الإنسان العربي لإرثه العريق.
• 3000 درهم، قد يصل إليها سعر متر الزينة الفاخرة.
مريم المزروعي:
• نصنع قطعاً يدوية مشغولة بإتقان، مستخدمين مواد كالفضة والحرير، وخيوط القصب والصوف.
عبدالله العامري:
• زينة الإبل أصبحت مجالاً فنياً وتجارياً بامتياز، وتختلف الزينة حسب جنس الإبل ونوعها ولونها.