كشفت دراسة دنماركية حديثة نُشرت في مجلة “جمعية القلب الأمريكية” عن وجود صلة وثيقة بين قضاء الأطفال والمراهقين وقتاً طويلاً أمام الشاشات الإلكترونية وارتفاع مخاطر إصابتهم بأمراض القلب والتمثيل الغذائي في سن مبكرة. وتأتي هذه النتائج في وقت تشير فيه بيانات جمعية القلب الأمريكية إلى أن 29% فقط من الشباب الأمريكي يتمتعون بصحة قلبية وأيضية جيدة.
واعتمدت الدراسة على تحليل بيانات أكثر من 1000 مشارك من فئتي عمرية (10 سنوات و 18 سنة). وقام الباحثون بقياس “درجة القلب والأيض” المركبة التي تعكس مستوى الخطر بناء على عوامل مثل محيط الخصر، ضغط الدم، الكوليسترول، والدهون الثلاثية.
وأظهرت التحاليل أن كل ساعة إضافية من وقت الشاشة الترفيهي (المشاهدة، الألعاب، التصفح) ترتبط بزيادة ملحوظة في درجة الخطر. وأن الطفل الذي يقضي ثلاث ساعات إضافية يومياً أمام الشاشة يكون أكثر عرضة للخطر بمقدار يتراوح بين ربع ونصف انحراف معياري مقارنة بأقرانه. كما أن الخطر يتراكم مع تراكم الساعات، مما قد يؤدي إلى تحول ملحوظ في صحة جيل كامل يستمر حتى مرحلة البلوغ.
واكتشفت الدراسة أن قلة النوم تلعب دوراً محورياً وخطيراً في هذه المعادلة، حيث أن الارتباط بين استخدام الشاشات ومخاطر أمراض القلب والأيض كان أقوى بشكل ملحوظ بين الشباب الذين ينامون ساعات أقل. وأنه في مرحلة الطفولة، فسرت قلة النوم حوالي 12% من هذا الارتباط، مما يشير إلى أن الشاشات تضر بالصحة جزئياً من خلال “سرقة” وقت النوم.
وباستخدام تقنيات التعلم الآلي، تمكن الباحثون من تحديد “بصمة أيضية” في دم المشاركين؛ وهي نمط محدد من التغيرات في نواتج الأيض مرتبط بوقت الشاشة الطويل. هذه البصمة تثبت وجود تأثير بيولوجي ملموس لسلوك استخدام الشاشات وتشير إلى إمكانية استخدامها كمؤشر مبكر على المخاطر المستقبلية.
وفي ضوء هذه النتائج، قدم الخبراء عدة نصائح عملية للحد من هذه المخاطر من بينها التركيز على جودة النوم وروتينه، وتحديد أوقات خالية من الشاشات خاصة أثناء الوجبات العائلية وقبل النوم، لخلق مساحات للتواصل الحقيقي وتحسين جودة النوم. وتقديم نموذج القدوة الحسنة من قبل البالغين بحيث يكونوا نموذجاً في الاستخدام المعتدل للشاشات ووضعها جانباً في الأوقات المهمة إضافة لتعليم مهارات الترفيه البديل وتشجيع الأطفال على تطوير هوايات وأنشطة لا تعتمد على الشاشات، وتدريبهم على تحمل الملل الذي يعد محفزاً للإبداع.
وختاماً، أكدت هذه الدراسة أن حماية صحة الأطفال والمراهقين على المدى الطويل تتطلب نهجاً متوازناً يجمع بين الحد من الوقت الطوعي أمام الشاشات وضمان حصولهم على قسط كافٍ من النوم الجيد، مما ينشئ جيلاً أكثر وعياً وصحة.
