البعض منا يعاني من حساسية مفرطة وقلق مستمر قد يكبر ويشكل له مشكلة تعترض طريقه خلال مسيرته نحو المستقبل، إن القلق له تأثير بالغ على حضورك الاجتماعي، بل قد يتزايد، ويصبح موضوع التواصل والاندماج صعباً، مما يسبب فقدان المرء للكثير من الفرص الثمينة.

توصل العلماء إلى أن القلق مرض عادي، ولكن التمادي فيه قد يشكل مشكلة نفسية، ولعل أول تواجد لها هي في مرحلة الطفولة؛ فالإنسان الذي لديه حساسية مفرطة وقلق دائم سيواجه حتماً صعوبات في المواقف الاجتماعية، وصعوبة نسيان المواقف التي تحدث له، أسوق لكم قصة رجل فقد ابنته الصغيرة، وكان يحبها ومتعلقاً بها كثيراً، وبعد خمس سنوات أنجبت زوجته الطفلة الثانية، ولكنه فقدها مرة أخرى، وكان الوجع كبيراًً واستبد به المرض والهموم والقلق والخوف، وقصد الأطباء فوصفوا له دواء منوماً، ورحلة لتغيير الجو والمناظر الطبيعية، وجرب الوصفتين ولكن دون جدوى، حتى وهبه الله طفلاً صار عمره أربعة أعوام، وذات يوم عندما طلب الطفل منه أن يصنع له قارباً، رفض الرجل وظل الطفل يلح عليه حتى صنع اللعبة، وانتبه الرجل أنه قد أنفق ثلاث ساعات حتى انتهى من صناعتها، فلما انتهى أدرك أن هذه الثلاث ساعات قد صنعت له فرقاً في حياته لم يشعر به طيلة سنوات منذ وفاة طفلتيه، لقد نسي القلق، وأصبح الانشغال هو الدواء الذي أنقذه من براثن المرض والخوف.

الشاهد على ذلك أن هذه الأمور التي فعلها الرجل قد ساعدته في القضاء على القلق، فقد حفزته على الخروج من وحدته وقلقه الدائم وتفكيره، كلنا نحتاج إلى البحث عما يشغلنا ليس بالضرورة أن تكون صناعة قوارب، المهم أن يظل فكرك مشغولاً بعمل يتطلب منك الابتكار والتفكير، تستطيع أن ترتّب أولوياتك وتساعد أشقاءك على الدراسة مثلاً، أن تضع لك قائمة بالأشياء التي تحتاج لتصليحها في المنزل، ضع قائمة تحتوي على ترتيبات معينة في المنزل والكراج والمطبخ، وربما في السيارة ، وأخرى في القراءة والعمل وممارسة الرياضة، وتعلم هواية أو شارك في التطوع والجمعيات الخيرية، واحضر ورشاً تدريبية وفعاليات ومحاضرات أو شارك في جمعيات للتبرع للحالات الإنسانية، المهم أن تبقى مشغولاً حتى لا يكون لديك وقت لتفكر في المشاكل.

أسوق لكم قصة سيدة كنت أعرفها كانت تعاني من الفراغ كثيراً والقلق فقررت أن تسرح خادمتها وصارت تقوم بعملها بنفسها، تقول هذه السيدة بأنها في الصباح تقوم بترتيب الغرف وغسل الأواني وغيرها من الأعمال ثم إنها وجدت لها وظيفة بدوام كامل، لقد استطاعت أن تبعد عن نفسها شبح القلق وأصبحت حياتها حلقة من النشاط فلم تتح لها فرصة للتفكير بل لم تفكر في الليل إلا في راحة قدميها، لقد اكتشفت هذه السيدة أسباب الراحة والبعد عن التفكير.

الكاتب جون كوبر بويز يقول في كتابه «فن نسيان الشقاء»: «إن إحساساً بالاطمئنان والسلام النفسي والاسترخاء الهنيء يطغى على أعصاب الإنسان عندما يستغرق في العمل». لقد لخص جورج برنارد شو هذه الحقيقة تلخيصا رائعا حين قال: «إن سر الإحساس بالتعاسة هو أن يتوفر لديك الوقت لتتساءل هل أنت سعيد أم لا».. ومن ثم يجب ألا تتوقف لتفكر أسعيد أنت أم لا؟ انفخ في يديك وعد إلى العمل في غير إبطاء هناك سيجري الدم في عروقك وسيمتلئ ذهنك بالأفكار البناءة، فقط ابقَ منشغلا ربما هذا أرخص دواء في العالم وأعظمه أثراً، حتى تحطم عادة القلق استغرق في العمل، حتى إذا ساورك القلق انشغل عنه ولا تسمح له أن يحطمك ويقتلك.

شاركها.
Exit mobile version