بتجربة حفل كامل العدد، عادت الفنانة الإماراتية أحلام مجدداً بعد غياب دام 28 عاماً، إلى مدرجات المسرح الروماني العريق، لتُسدل الستار على الدورة الـ59 لمهرجان قرطاج الدولي، في حفل لم يكن مجرد عرض فني ناجح بكل المقاييس، بل مناسبة فريدة للاحتفاء بالفنانة الإماراتية العائدة بعد غياب طويل، وبجمهور ظل حاضراً في وجدانها منذ أن صعدت للمرة الأولى على خشبة المسرح نفسه في بداية مسيرتها الفنية، قائلة في مؤتمر صحافي سبق الحفل «لمهرجان قرطاج مكانة خاصة في نفسي، حيث كانت بدايتي من هنا، وحتى إن تغيّر الجمهور، فإنه يبقى محباً للطرب»، مؤكدة أن الزمن لا يزيد العلاقة بين قرطاج وفنانيه إلا رسوخاً، وأن «الفن كلمة وأنا أعشق الكلمة الحلوة، وأحرص على أن تبقى أغنيتي وفيّة».

سهرة استثنائية

على امتداد ثلاث ساعات كاملة، تنقلت خلالها النجمة ما بين كلاسيكيات أغانيها إلى جديدها، استمتع عشاق جمهور قرطاج بكوكبة من الباقات الفنية المتنوعة، حيث سافر فيها الفنانون في رحلة طربية حملت بصمات أحلام الفنية الفريدة وجمالية صوتها وإحساسها، وذلك بعد أن افتتحت سهرتها بمقدمة موسيقية لأم كلثوم حملت عنوان «ألف ليلة وليلة»، قبل أن تنتقل وسط تفاعل جماهيري واضح، إلى «ناويالك على نية» ومن ثم إلى مجموعة من أشهر أغانيها، مثل «مثير»، «بطلنا نحب»، «ما يصح إلا الصحيح»، «عايش حياتك» و«ليه مضايق»، التي مزجت فيها بين المقامات الشرقية والإيقاعات الخليجية المعاصرة، في الوقت الذي بادرت فيه الفنانة إلى تلبية طلب جمهورها وغناء «ما أريد» التي تشاركتها مع أحد الأطفال الحاضرين، في لحظة مؤثرة أعادت إلى الأذهان دفء العلاقة بين الفنان وجمهوره.

وفي بادرة وفاء جميلة، كرّمت النجمة أستاذها الراحل أنور عبدالله الذي آمن بموهبتها منذ بداياتها، وفتح لها أبواب النجاح، كما استعادت علاقتها الأولى بقرطاج عبر أداء الأغنية التونسية الشهيرة «عالمقياس» التي غنتها في بداياتها، بناء على نصيحة الإعلامي الراحل نجيب الخطاب، فيما اصطحبتها بلوحة راقصة من أداء الفرقة الوطنية للفنون الشعبية، وسط تصفيق وزغاريد ملأت فضاء المسرح العريق الذي أسدل الستار في الليلة نفسها، على دورته الـ59.

تنوع فني

ضمت الدورة الـ59 من مهرجان قرطاج الدولي، 20 سهرة من بينها ثماني سهرات تونسية، وتسع سهرات عربية ودولية، وبرزت من الأسماء التونسية، لطيفة العرفاوي، وصوفية صادق العائدة بعد غياب دام ثماني سنوات عن مسرح قرطاج، مقدمة بمناسبة يوم المرأة التونسية سهرة «نساء بلادي»، فيما بادرت المطربة المصرية مي فاروق من جهتها إلى تقديم ليلة طربية كرّمت خلالها مع جمهور قرطاج، الراحلة أم كلثوم. في المقابل، شملت الأسماء العربية التي تناوبت على المسرح الروماني الشهير، كلاً من ناصيف زيتون، وآدم، ومحمد عساف، وإبراهيم معلوف، ونجوى كرم، ونانسي عجرم، بينما اختصرت شانتال غويا، و(Saint Levant)، التجارب العالمية التي استقطبتها دورة هذا العام، وذلك بعد أن تم إثر حملة انتقادات موسعة، إلغاء حفل الفنان الجامايكي كيماني مارلي، ليستعاض عنه بفقرة تكريمية للمبدع الراحل فاضل الجزيري وعرض لفيلمه «ثلاثون».

رسالة إنسانية

لم يكن حفل أحلام في مهرجان قرطاج الدولي، مجرد لقاء فني مملوء بالذاكرة والحنين، بل مناسبة لتجديد التزام أحلام الفني والإنساني، الذي جسّدته في قرطاج هذا العام، عبر إعلانها عدم تقاضي أي أجر عن مشاركتها في ختام دورة المهرجان، معتبرة أن وجودها في قرطاج هو تكريم شخصي و«لقاء قلوب» مع الشعب التونسي، في خطوة نادرة واستثنائية في تجارب الحفلات الكبرى، التي استقبلها الجمهور والإعلام بالكثير من الثناء والتقدير والاحترام.

شاركها.