قد يكون الانطلاق من الجانب النقدي هو أبرز ما ميز مسيرة الكاتبة الأردنية هيا صالح، التي تنوعت تجربتها بين الرواية، والمسرح، والكتابة للأطفال واليافعين. تعمل صالح في الكتابة دون استراحة، مركزة على الكتابة لليافعين بأسلوب أدبي تنسج لغته بين الواقع والخيال بشكل غرائبي، وهذا ما جعلها تحصد العديد من الجوائز الأدبية المرموقة في العالم العربي.
في رصيد الكاتبة ما يقارب 27 عملاً أدبياً، الأكثرية الغالبة منها تركز على فئة اليافعين. وأكدت هيا صالح في حديثها مع «الإمارات اليوم» على وجود الكثير من التحديات التي تواجه الكاتب الذي يقرر الكتابة لفئة اليافعين، فهي من الفئات التي تتسم بالحساسية النفسية والجسدية، خصوصاً في مرحلة المراهقة التي تشهد الكثير من التغيرات الهرمونية، فضلاً عن الانفتاح التكنولوجي الذي أضاف العديد من التحديات إلى الكاتب، فالأخير عليه أن يلاحق كل جديد في التكنولوجيا، كي يتمكن من تمرير رسائله التربوية التي يجب أن تبقى موجودة في الأدب. واعتبرت صالح أن انتشار الذكاء الاصطناعي و«شات جي بي تي» لن يلغي دور الكتاب. وأضافت: «من خلال ورش الكتابة التي أقوم بها مع الفئات العمرية الصغيرة، وجدت أن الصغار يفضلون الكتاب الورقي على النسخ الإلكترونية، وهذا يؤكد الحفاظ على وجود ودور الكتاب». ولفتت إلى أنها أجرت تجارب علمية على فئة الصغار في إحدى الورش، بحيث أحضرت لهم الألعاب الخاصة بالفقاعات من جهة والكتب من جهة أخرى، ووجدت أن معظم الأطفال توجهوا نحو الكتاب، مشددة على أنه يصعب الحديث عن انقراض الكتاب الورقي حالياً.
واعتبرت صالح أن الكتاب يجب أن ينطوي على التنمية الذاتية المرتبطة بمواجهة الصعاب، مستشهدة بالتجربة التي عرضتها في رواية «جرعة زائدة»، وكيفية معالجتها آفة المخدرات. ولفتت إلى انتشار أشكال للجريمة، وبالبحث خلف الأسباب يتبين دائماً أن التعاطي هو السبب الكامن وراء هذه الجرائم، مشيرة إلى أن الشخص المتعاطي يتعرض لتلف في أجزاء من الدماغ أو مرض ثنائي القطب. ولفتت إلى أن محاربة الآفة بالشكل البوليسي والاجتماعي تتطلب أيضاً المساندة من الناحية الأدبية، لمحاربتها عبر القلم، مؤمنة بأن الكتاب مازال قادراً على لعب دور التوعية، مع الإشارة إلى أن حجم الدور يتعاظم حين تقوم المؤسسات التعليمية بوضع الكتاب ضمن المنهاج المساند، أو مع تقديم الفيديوهات التي تنشر التوعية للفئات العمرية الشابة. وأكدت صالح أن الجانب التربوي يجب أن يكون الضوء في أي كتاب، ولكن يجب ألا يسيطر على الأحداث، فلابد من وضع المغامرات ضمن الكتاب، وإثارة العاطفة، وكذلك التركيز على جانب الحركة من أجل إثارة الحماس عند القارئ.
حصدت صالح العديد من الجوائز في مجالات كتاباتها المتعددة سواء الكتابة للأطفال أو حتى في النقد والمسرح، واعتبرت أن الجوائز مهمة لأنها تشجع على الكتابة، وقد فتحت باب التنافس في العالم العربي. وأشارت إلى أن الكتب الفائزة لا يمكن أن تكون غير جيدة، ووضعت الجوائز في مرتبة الاستحقاق الجيد للكاتب.
تتنوع الأنماط التي تكتب بها الكاتبة هيا صالح، وأشارت إلى أنها انطلقت من خلفية نقدية، وهذا ما جعلها تنغمس في البدء في أدوات الكاتب وكيف يجب أن تتعاطى مع الشخصيات ومفاتيح الكتابة، وبالتالي قادها إلى انتقاد كتابتها على نحو كبير، موضحة أن الكاتب الذي يمتلك أدواته ويكون متمكناً من الطابع العام للشكل الأدبي الذي يكتبه، ستكون عملية الكتابة يسيرة عليه، أما الكتابة للمسرح فأشارت الى أنها تتيح للكاتب خلق شخصيات محددة والالتزام بوقت محدد وإيجاد حوارات وفي الأخير إيصال فكرة من خلال النصوص، موضحة أن إحدى نقاط اعتزازها بنصوصها هي أنها تقدم على المسرح، وهو استحقاق لجهد سنوات في عالم الكتابة. ونوهت إلى أن العالم العربي واقعياً يعاني أزمة حقيقية في النصوص، مؤكدة على أن تواجدها في أكثر من لجنة تحكيم لمهرجانات مسرحية جعلها ترصد وجود أزمة حقيقية في الكتابة المسرحية. ولفتت إلى أن أسباب الأزمة متعددة، منها الاستعجال وعدم المعرفة، أو حتى السرد الكبير على حساب المشهد والأداء والفرجة، وإهمال بعض الأدوات التي يجب ألا يهملها الكاتب، كالطاقة التي يجب أن تستخدم على الخشبة، وكذلك السينوغرافيا، وغياب هذه التوليفة يوقع الكاتب في أزمة مع النص.
جلسة نقاشية
شاركت الكاتبة الأردنية هيا صالح في جلسة نقاشية في مكتبة محمد بن راشد، أخيراً، واعتبرت هذه المشاركة بمثابة جائزة تكريمية لوجودها في هذا الصرح الثقافي وسط جمهور من المهتمين. وسلطت الجلسة الضوء على روايتها «جرعة زائدة» التي تتوجه من خلالها لليافعين، وعلاقتها بهذا النوع من الكتابة. وجمعت الجلسة العديد من المهتمين بالأدب وعالم الكتابة، فيما كان اللافت حضور صغار مهتمين بتجربة الكاتبة، منهم الطفلة هيا أحمد التي حضرت صدفة، وكانت قد رسمت غلاف إحدى القصص التي نشرتها الكاتبة.
هيا صالح:
. الكتاب يجب أن ينطوي على التنمية الذاتية ومواجهة الصعاب.
. الانفتاح التكنولوجي أضاف العديد من التحديات إلى الكاتب.