على شاشات عملاقة، تتماوج ألوان الطبيعة المتنوّعة بين الأخضر والأصفر والبرتقالي، في سلسلة من اللوحات الفنية الغامرة التي قدمها الفنان التركي رفيق أناضول باستخدام البيانات. وتسمح الأعمال التي قدمها الفنان التركي في «متحف المستقبل» ضمن معرض دائم يحمل عنوان «أحلام الأرض»، بتخيل واقع جديد تمتزج فيه إبداعات الذاكرة الإنسانية مع قدرات الذكاء الاصطناعي، ومكونات البيئة الطبيعية في قالب فني ملهم ومفعم بالحياة، تتكسر فيه ألوان الأعمال على المرايا التي تحيطها.
استكشاف الكوكب
ويمثّل معرض «أحلام الأرض»، دعوة إلى استكشاف الكوكب من خلال عدسة التكنولوجيا المتطورة والتعبير الفني، وإعادة تعريف العلاقة بين الفن والتكنولوجيا بنظرة استكشافية، من خلال تصور مبتكر للعلاقة المتداخلة بين الابتكار التكنولوجي والحس الفني في عصر الذكاء الاصطناعي. ويصنع الفنان التركي غلافاً معلوماتياً يبتكر منه أعمالاً فنية، حيث يسخّر أدوات التكنولوجيا الحديثة من صور الأقمار الاصطناعية أو بيانات الأرصاد الجوية وغيرها، ويستخدمها في التعبير الإبداعي، فتتجاوز أدوات جمع البيانات هذه حدود وظيفتها العلمية لإنتاج أعمال خارجة عن المألوف.
ويحمل المعرض تجربة مبتكرة، حيث تتبدل اللوحات بألوانها التي تتموج على الشاشات وتنعكس على المرايا لتشكل رحلة ملهمة، عنوانها المزج بين التكنولوجيا والفن والطبيعة. ويعتمد المعرض الأول من نوعه على ملايين الصور للطبيعة حول العالم، التقطتها الأقمار الاصطناعية، وبيانات الأرصاد الجوية، وجمعها الفنان التركي من أجل تقديم تصور فني باستخدام أكثر من 30 جهاز عرض. ويوظف أناضول إمكانات نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي لتحويل هذه البيانات إلى عرض بصري تفاعلي يجسد تفاصيل كوكب الأرض ويعكس جمالياته.
سيمفونية بصرية
وتُشكل الأعمال سيمفونية بصرية لتداخل مكونات الطبيعة وترابطها، إذ تقسم الأعمال إلى ثلاثة أقسام، الأول يعود إلى سلسلة اللوحات الفنية الرقمية التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي تحت عنوان «الهواء»، وهو مستوحى من صور السحب والغلاف الجوي، ليمنح الزوار مشهداً واسعاً للسماء على امتداد الأفق. فيما القسم الثاني يحمل عنوان «الأرض»، وقد صممت أعماله بالاستناد إلى البيانات المفصلة التي تشمل صوراً لكوكب الأرض، وبيانات الأرصاد الجوية، بهدف خلق تجربة فنية تبرز جمال كوكب الأرض، فيما يحمل القسم التفاعلي الأخير عنوان «الماء»، ويمزج فيه الفنان العالمي الماضي بالمستقبل، والذكاء الاصطناعي بالحياة الطبيعية، مع إبداعات الفكر الإنساني والحركة المادية.
التباين في مصادر جمع الصور التي تم تركيبها وجمعها في الأعمال، أوجد مناخات فنية خارجة عن حدود المكان والزمان، ويشعر المتلقي وكأنه أمام تعاقب لفصول السنة، فيتسلل إلى المتلقي دفء الألوان المشعة بالحياة كالبرتقالي والأخضر، وكأنه فصل الربيع بأبهى ألوانه، فيما تأخذنا سطوة لوني الأسود والأبيض إلى الاندماج بإحساس البرودة.
تجربة مبتكرة
وعن أهمية هذا المعرض والمميزات التي يحملها، تحدثت تنفيذي أول تقنيات متحف المستقبل، مروى محمد، لـ«الإمارات اليوم»، وقالت: «يُشكّل المعرض أحدث تجربة مستقبلية توجد على نحو دائم في الطابق الثاني في متحف المستقبل، وقد صمم المعرض خصيصاً للمتحف من قبل الفنان العالمي المعروف بخبرته الواسعة في مجال التكنولوجيا رفيق أناضول، ويتضمن المعرض لوحات فنية تقدم للزوّار تجربة مبتكرة ترتكز على ثلاثة عناصر رئيسة وهي الفن والتكنولوجيا والطبيعة». وأضافت محمد «استغرق التحضير للمعرض وقتاً طويلاً، وهو يتماشى مع رسالة متحف المستقبل، بأن يكون منارة لبث روح الإلهام لدى زواره، والمشاركة في تصميم الحقبة المقبلة من مستقبل البشرية الذي تتكامل فيه إبداعات الذاكرة الإنسانية مع قدرات الذكاء الاصطناعي، ومكونات الطبيعة الحية».
سيرة فنية
تتميز رحلة الفنان التركي رفيق أناضول (المولود عام 1985) في كونها بنيت على وسائط مختلفة، ومنها الذكاء الاصطناعي ومجال جماليات الذكاء الآلي. ويشغل أناضول حالياً منصب مدير استوديو رفيق أناضول في لوس أنجلوس، كما أنه يعمل محاضراً في قسم تصميم الفنون الإعلامية في جامعة كاليفورنيا. وبالاعتماد على البيانات كمادة أساسية واستخدام الشبكة العصبية لعقل محوسب كشريك، يقدّم أناضول وفريقه تصورات جذرية لذكرياتنا الرقمية. وقدم أناضول أعماله في العديد من المتاحف والمراكز، ومنها متحف الفن الحديث، مركز بومبيدو-ميتز، والمعرض الوطني فيكتوريا، وبينالي البندقية للعمارة.
مروى محمد:
. المعرض صُمِّم خصيصاً للمتحف، ويُشكّل أحدث تجربة مستقبلية توجد على نحو دائم في متحف المستقبل.