تواصل دولة الإمارات تعزيز مكانتها في قطاع البتروكيماويات، مستفيدةً من الاستثمارات الضخمة ومشروعاتها التوسعية التي تهدف إلى تنويع اقتصادها وتعزيز الإنتاج المحلي لتعظيم الاستفادة من النفط فيما تمتلك الدولة استراتيجيات واضحة لتعزيز موقعها العالمي في صناعة البتروكيماويات، من خلال تنفيذ مشاريع مستقبلية طموحة.
وتستند هذه المشاريع إلى رؤية طويلة الأمد لتنويع الاقتصاد، وتعزيز القيمة المضافة، وتحقيق الاكتفاء الذاتي في الإنتاج الكيماوي، مع مواكبة التوجه العالمي نحو الاستدامة وتقليل الانبعاثات الكربونية.
وقال مركز “إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية” في أبوظبي، إن دولة الإمارات تشهد تنوعا ملحوظا في مشاريعها بالقطاع الصناعي والبتروكيماويات، حيث تتوزع المبادرات الرئيسية عبر عدة إمارات لتحقيق التكامل الصناعي وتعزيز مكانة الدولة في الأسواق العالمية.
وتُعد أبوظبي المركز الرئيسي لصناعة البتروكيماويات في الدولة، حيث تقوم شركات كبرى مثل “أدنوك” بتنفيذ مشاريع استراتيجية ضخمة. وتعمل دبي على تعزيز موقعها كمنصة صناعية إقليمية ومركز لوجستي يخدم عمليات التصدير العالمية وتم تطوير مناطق مثل جبل علي، التي تستضيف عددًا من الشركات المتخصصة في تصنيع المنتجات الكيماوية، مثل الكلور ومشتقاته، بالإضافة إلى تطوير البنية التحتية اللوجستية لتسهيل عمليات النقل والتصدير.
وقال “إنترريجونال”: “وفقاً للاتحاد الخليجي للبتروكيماويات والكيماويات «جيبكا»، استحوذت دولة الإمارات على نحو 18.6 مليون طن من إجمالي الإنتاج الخليجي من البتروكيماويات خلال العام 2021 بدعم من التوسعات في الصناعات البتروكيماوية، خصوصاً في أبوظبي ووفقًا للاتجاهات السابقة والاستثمارات الحالية، من المتوقع أن يصل إنتاج الإمارات من البتروكيماويات إلى 20 مليون طن سنويًا”.
ومن المتوقع أن تحقق الإمارات نموًا بنسبة 8-10% سنويًا في قطاع البتروكيماويات خلال السنوات الـ 5 المقبلة وتستهدف الدولة زيادة إنتاج البولي أوليفينات والمواد الكيميائية المتخصصة لمواكبة الطلب المتزايد عالميًا.
وتسلط بعض المؤشرات الضوء على نمو القطاع أهمها: تحقيق شركة بروج، أرباحًا بقيمة 1.23 مليار دولار خلال 2024، بزيادة 24% مقارنة بـ 2023. كما ارتفعت مبيعاتها إلى 5.3 مليون طن، وهو أعلى مستوى تصل إليه الشركة.
وتأتي الزيادة في الإنتاج مدفوعة بمشاريع التوسعة الكبرى، مثل مشروع “تعزيز” في الرويس، واستثمارات شركة “بروج”، والتوجه نحو إنتاج مواد بتروكيماوية متقدمة ذات قيمة مضافة، كما أن استحواذ “أدنوك” على شركات عالمية في مجال الكيماويات يعزز من نمو القطاع.
وأضاف “إنترريجونال “: شهد القطاع في الإمارات العديد من التطورات الاستراتيجية التي عززت من دور الدولة كلاعب رئيسي في الصناعة إقليمياً وعالميًا أبرزها: قيام شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) باستكمال صفقة الاستحواذ على شركة “كوفيسترو” الألمانية، المتخصصة في إنتاج المواد الكيميائية المتقدمة، بقيمة 13 مليار دولار ما يعزز قدرات الإمارات في إنتاج المواد الكيميائية المتخصصة وفتح أسواق جديدة أمام منتجاتها.
وأعلنت “أدنوك”، بالشراكة مع شركة OMV النمساوية، عن دمج أصولهما في قطاع البتروكيماويات لتأسيس “بروج جروب إنترناشيونال”، بقيمة سوقية 60 مليار دولار بهدف توسيع عمليات إنتاج البولي أوليفينات، ما يجعل المجموعة رابع أكبر شركة في هذا القطاع على مستوى العالم.
وأرست “أدنوك” في نوفمبر 2024، عقودًا بقيمة 196.2 مليون دولار على 11 شركة محلية، بهدف تعزيز الاعتماد على المنتجات المصنعة داخل الإمارات.
وذكر “إنترريجونال”، أن دولة الإمارات شهدت تطورًا ملحوظًا في قطاع البتروكيماويات مع تنفيذ عدة مشاريع استراتيجية لتعزيز قدراتها الإنتاجية وتوسيع نطاق منتجاتها وكان من أبرزها: مشاريع البنية التحتية لمنظومة “تعزيز” للكيماويات والوقود الانتقالي: حيث أعلنت “تعزيز”، المشروع المشترك بين “أدنوك” و”القابضة” (ADQ)، عن ترسية عقود بقيمة 7.34 مليار درهم لتنفيذ أعمال الهندسة والمشتريات والتشييد لعدد من مشاريع البنية التحتية الأساسية في مدينة الرويس الصناعية بمنطقة الظفرة.
وتشمل هذه المشاريع: ميناء مخصص للكيماويات لتسهيل تصدير “الميثانول” و”الأمونيا” منخفضي الكربون والمواد الكيماوية الصناعية الجديدة المنتجة لأول مرة في الإمارات ومحطة الكيماويات والتي: تضم مستودعات تخزين، وخطوط أنابيب، وشبكة أنابيب داخلية، ومستودع تخزين المنتجات السائلة.
ويأتي المشروع ضمن جهود “تعزيز” لإنشاء سلسلة توريد محلية للمواد الكيماوية منخفضة الكربون، ودعم استراتيجية “أدنوك” للنمو والتوسع في مجال الكيماويات، مع طموح أن تصبح ضمن أكبر خمس شركات عالمية منتجة لها.
وتخطط “تعزيز” لبدء عمليات الإنتاج في عام 2027، بهدف إنتاج 4.7 ملايين طن سنويًا من المواد الكيماوية بحلول عام 2028. تشمل المرحلة الأولى إنتاج 6 مواد كيماوية محليًا لأول مرة في الإمارات، وهي: المواد الكاوية وثاني كلوريد الإيثيلين ومونومر كلوريد الفينيل والبولي فينيل كلوريد والأمونيا والميثانول بهدف تقليل الاعتماد على استيراد هذه المواد، وتعزيز المحتوى الوطني، ودعم الصناعات المحلية مثل مواد البناء، والزراعة، والرعاية الصحية.
ويأتي مشروع إنتاج الأمونيا منخفضة الكربون ضمن مشاريع “تعزيز”، لإنتاج الأمونيا منخفضة الكربون بطاقة مليون طن سنويًاً لتلبية الطلب المتزايد على الوقود الانتقالي والمواد الكيماوية منخفضة الكربون في الأسواق الإقليمية والعالمي كما تعمل “تعزيز” على تشييد مصنع ميثانول في مدينة الرويس الصناعية.
وقال “إنترريجونال”: “تُظهر هذه المشاريع التزام الإمارات بتعزيز قدراتها في صناعة البتروكيماويات، وتطوير سلسلة توريد محلية، ودعم التنويع الاقتصادي في الدولة كما وتمتلك الإمارات موقعًا جغرافيًا مميزًا يسمح لها بتصدير المنتجات البتروكيماوية إلى الأسواق الآسيوية والأوروبية والأفريقية بسهولة.
وعززت الشراكات مع الصين، والهند، وأوروبا تساعد في تطوير المشاريع البتروكيماوية والاستفادة من الأسواق الاستهلاكية الكبرى ويأتي التوسع عالمياً كما تخطط الإمارات لاستثمار مليارات الدولارات خلال السنوات القادمة لتعزيز قدراتها الإنتاجية في الأسواق الناشئة، خاصةً في آسيا وأوروبا”.
وتعد الصين من أبرز الأسواق المستوردة للبتروكيماويات الإماراتية، حيث استوردت بنحو ملياري دولار من الإمارات، ما يمثل 12% من إجمالي صادرات البتروكيماويات الخليجية إلى الصين بلغت قيمة واردات الأسواق الإفريقية من البتروكيماويات 249 مليون دولار من الإمارات، ما يمثل 2.6% من إجمالي الواردات.