تشهد أسواق المال المحلية حالة من التفاؤل الكبير، تزامناً مع بداية موسم إعلان نتائج أعمال الشركات المدرجة خلال النصف الأول من عام 2025، بدعم من التوقعات الإيجابية لأداء القطاعات الرئيسة، خصوصاً قطاعَي «البنوك» و«العقارات».

وقد بدأ موسم الإفصاح عن نتائج أعمال الشركات المدرجة في سوقَي «دبي المالي» و«أبوظبي للأوراق المالية»، حيث كشفت بنوك كبرى عن أداء قوي خلال النصف الأول من العام، فيما يترقب المستثمرون خلال الفترة المقبلة إعلان نتائج شركات وبنوك إضافية، لاسيما ضمن القطاعات القيادية في السوق.

وأرجع محللون ماليون لـ«الإمارات اليوم» هذا التفاؤل إلى قوة الاقتصاد الوطني، ومرونته العالية في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية، الأمر الذي يعزز الثقة بالأسواق، ويحفّز تدفقات الاستثمار خلال المرحلة المقبلة، مشيرين إلى أن الحوافز الحكومية في دبي لعبت دوراً محورياً في تعزيز جاذبية السوق.

وقالوا إن هذه النتائج تعزز ثقة المستثمرين، وتدفع بعجلة الاستثمار نحو مزيد من الانتعاش، في وقت تُظهر معظم القطاعات، وفي مقدمتها البنوك والعقارات، أداءً متصاعداً، وسط توقعات إيجابية باستمرار النمو خلال الفترة المتبقية من العام.

تفاؤل ملحوظ

وتفصيلاً، أكد كبير محللي السوق في «سنشري فاينانشال»، أرون ليزلي جون، أن أسواق المال الإماراتية تشهد تفاؤلاً ملحوظاً مع بدء موسم الإعلان عن نتائج النصف الأول من عام 2025، في ظل توقعات قوية بتحقيق الشركات المدرجة أداءً إيجابياً، ما يعزز ثقة المستثمرين، ويدفع بزخم التداول نحو مستويات أعلى.

وأضاف أن نتائج الأرباح الفصلية تلعب دوراً محورياً في تحفيز نشاط التداول، إذ تخلق موجة تفاعل سريع بين المستثمرين، تؤدي إلى زيادة في حجم التداول، والأسعار، خصوصاً في يوم الإعلان وما يليه مباشرة.

وأوضح أن السوق المالي عادةً يشهد تحسناً بعد الإفصاح عن النتائج، مع تقلّص فروقات الأسعار بين العرض والطلب، وعودة السيولة تدريجياً، منوهاً بأن مؤشر سوق دبي المالي خلال يوليو الجاري جاوز حاجز 6000 نقطة، للمرة الأولى منذ عام 2008، مدعوماً بأداء قوي للشركات المدرجة.

ولفت إلى أن المؤشر حقق أرباحاً بنسبة 18%، ونمواً سنوياً قدره 5% في الربع الأول من 2025، كما أظهر خلال السنوات الخمس الماضية نمطاً موسمياً إيجابياً أثناء مواسم الأرباح، مع متوسط عائد بلغ 0.75%، ما يعكس ثقة مستمرة من المستثمرين المحليين والأجانب.

وتابع: «في الربع الأول من العام، جذب سوق دبي المالي أكثر من 19 ألف مستثمر جديد، بينهم نحو 86% من الأجانب، في حين بلغت مساهمة الأجانب في التداول نحو 53%، بينما ظلت ملكيتهم في القيمة السوقية مستقرة عند 21%».

وأفاد بأن المؤسسات الاستثمارية شكلت نحو 72% من إجمالي قيمة التداول، مقارنة بنحو 65% في عام 2024، مؤكداً أن «الحوافز الحكومية في دبي لعبت دوراً محورياً في تعزيز جاذبية السوق، من خلال الإعفاءات الضريبية، والملكية الأجنبية الكاملة، وحرية تحويل الأرباح، إلى جانب المبادرات الرقمية التي أسهمت في تسريع الابتكار وتحسين بيئة الأعمال».

وتوقع جون أن يستمر زخم الأرباح في دعم أداء الأسواق خلال الربعين الثالث والرابع من العام، لاسيما مع استمرار النمو في القطاعات غير النفطية، والتوسع في الاستثمارات الأجنبية، وارتفاع ثقة المستثمرين الأفراد والمؤسسات على حد سواء، ما يمهد لطفرة في مؤشر دبي المالي خلال 2025.

محفزات حكومية

من جانبه، توقع رئيس قسم التداول في «الشارقة الإسلامي للخدمات المالية»، شادي بطاينة، نتائج قوية للشركات في القطاعين العقاري والمصرفي، مشيراً إلى أن الشركات العاملة في هذين القطاعين دائماً ما تقدم نتائج مالية إيجابية وتوزيعات نقدية سخية، ما يُعزّز جاذبية هذه القطاعات من قبل المستثمرين الأفراد والمؤسسات.

ولفت إلى أن ذلك يعود إلى سلسلة من المحفزات الحكومية المتتالية التي ساعدت في جذب أصحاب الثروات للإقامة والاستثمار في دولة الإمارات، مؤكداً أن هذه المحفزات لعبت دوراً محورياً في تحفيز البيئة الاستثمارية، وزيادة ثقة المستثمرين بالأسواق المحلية.

وقال: «أداء القطاع المصرفي كان متميزاً على مدار السنوات الثلاث الماضية، مع استمرار النمو من ربع إلى آخر مقارنة بالسنوات السابقة»، لافتاً إلى أن استمرار الأداء الإيجابي في القطاع المصرفي يعود إلى الزخم الاقتصادي، وارتفاع الطلب على التمويل من قبل الأفراد والشركات.

وتوقع بطاينة أن يستمر هذا الاتجاه حتى مع احتمالية خفض أسعار الفائدة في المستقبل، موضحاً: «أي خفض متوقع في أسعار الفائدة سيكون له تأثير هامشي على ربحية البنوك، في ظل ارتفاع الطلب على الاقتراض الذي سيعزز من العائدات»، وشدد على أن المحفزات الحكومية أسهمت بشكل مباشر وغير مباشر في دعم أرباح الشركات، ما انعكس على أداء الأسواق المالية، وزيادة حركة السيولة داخلها.

وأكد بطاينة أن استمرار النتائج الإيجابية سيدفع نحو تسريع دوران السيولة، واستقطاب مزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية على حد سواء، مشيراً إلى أن الاستثمار الأجنبي دخل إلى الأسواق الإماراتية خلال الفترة الأخيرة بشكل إيجابي ومتوازن بين السوقين الرئيسين، ما يعكس ثقة المستثمرين الدوليين بالاقتصاد الإماراتي وقطاعات الأعمال المختلفة.

ولفت إلى أن الزخم في الأرباح خلال الربع الثالث سيعتمد على عوامل عدة، من أبرزها المشاريع العقارية الكبرى، والمبادرات الاقتصادية ذات الأثر المباشر، في حين تعمل البنوك الإماراتية على رفع رؤوس أموالها، وتوسيع أنشطتها التشغيلية، ما ينعكس على قدرتها في مواصلة تحقيق عوائد إيجابية في ظل النمو المستمر في الطلب على الخدمات المصرفية.

ونوه بطاينة بأن قطاع الطاقة والخدمات أيضاً حقق نتائج قوية جداً في الربع الأول من العام الجاري، مع توقعات باستمرار هذا الأداء الإيجابي في الربعين الثاني والثالث، مشيراً إلى أن الشركات التي تحقق عائدات استثمارية تجاوز 5 إلى 6%، وتتمتع بتاريخ طويل من التوزيعات السخية، تُعد من الخيارات الجاذبة للمستثمرين.

حافز مزدوج

في السياق نفسه، قال كبير محللي الأسواق في «XTB MEN»، هاني أبوعاقلة: «من المتوقع للنتائج نصف السنوية لأسواق المال الإماراتية أن تعكس أداءً قوياً تقوده قطاعات المصارف والعقارات والسياحة»، مشيراً إلى أن القطاع المصرفي يستفيد من نمو ملحوظ في الإقراض والودائع.

وأشار إلى أن القطاع العقاري يواصل تحقيق طفرات غير مسبوقة، مدفوعة بطلب متزايد وتدفق الاستثمارات الأجنبية، بينما يعزز انتعاش حركة السفر والمبادرات الحكومية مكانة قطاع السياحة رافعة حقيقية للعائدات.

وأكد أن «السياسات الحكومية لعبت دوراً محورياً في دعم البيئة الاستثمارية»، موضحاً أن «برامج مثل أجندة دبي الاقتصادية (D33)، والإنفاق السخي على البنية التحتية والاستقرار التشريعي، كلها عوامل تعزز ثقة المستثمرين، وتدعم نمو الأرباح في معظم القطاعات».

وفيما يخص انعكاسات موسم النتائج على السوق، شدد أبوعاقلة على أن نتائج قوية من الشركات القيادية ستسهم في رفع مستويات السيولة، وزيادة أحجام التداول، لاسيما في حال إعلان توزيعات أرباح مجزية، ما يشجع على إعادة ضخ السيولة داخل السوق.

وأكد أبوعاقلة أن «النتائج الإيجابية تشكّل حافزاً مزدوجاً يدفع بالسوق صعوداً، حيث يعزز ثقة المستثمر المؤسسي، ويحفز المستثمر الفردي، ما قد يؤدي إلى اختراق مستويات فنية ونفسية جديدة في المؤشرات».

وتوقّع أبوعاقلة استمرار الزخم الربحي في الربع الثالث من عام 2025، مشدّداً على أهمية تنويع المحافظ الاستثمارية، والابتعاد عن المضاربات قصيرة الأجل، مع التركيز على القطاعات الواعدة، مثل: التكنولوجيا، والطاقة المتجددة، والرعاية الصحية، والخدمات اللوجستية، والعقارات، والقطاع المصرفي، والتي تستند إلى أسس نمو طويلة المدى في السوق الإماراتية.


جول: توقعات بارتفاع السيولة بنسبة تصل إلى 30% خلال الربع الثالث

توقعت كبيرة محللي الأسواق في «Xs» منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، رانيا جول، أداءً قوياً لنتائج النصف الأول من عام 2025 في أسواق المال الإماراتية، تقوده القطاعات المصرفية والطاقة والعقارات، مشيرة إلى أن القطاع المصرفي تحديداً يستفيد من توسع الإقراض، وتحسن جودة الأصول.

وأضافت جول لـ«الإمارات اليوم»: «قطاع الطاقة يواصل تسجيل أرباح قوية، مستفيداً من استقرار نسبي في أسعار النفط والغاز، بفضل تخفيضات (OPEC بلس)، والطلب القوي من الأسواق الآسيوية»، لافتة إلى أن «القطاع العقاري استفاد أيضاً من الزخم العمراني، وارتفاع الطلب من المستثمرين الأجانب».

وفي ما يتعلق بتأثير السياسات الحكومية، أشارت جول إلى أن الحوافز الحكومية المتنوعة – بما فيها خفض الرسوم، واستقطاب الاستثمارات الأجنبية، ودعم القطاعات الحيوية – وفّرت بيئة تشغيلية داعمة للشركات المدرجة، لاسيما في المصارف والعقارات.

وأكدت جول أن النتائج الإيجابية أسهمت بالفعل في رفع مستويات التداول بنسبة تصل إلى 25%، مدفوعة بأداء قوي للشركات القيادية، متوقعةً أن ترتفع السيولة بنسبة تصل إلى 30% خلال الربع الثالث، لاسيما إذا ترافقت مع إدراجات جديدة أو توسعات استراتيجية للشركات الكبرى.

. مؤشر دبي المالي تجاوز حاجز 6000 نقطة للمرة الأولى منذ 2008.

شاركها.