أكّد اتحاد الإمارات للتأمين أن هناك ممارسات وإجراءات طبية غير ضرورية، ووصفات أدوية مبالغاً فيها، تُعدّ سبباً رئيساً لزيادة أسعار أقساط التأمين الصحي سنوياً بأكثر من 20%، وتؤدي إلى استهلاك كامل سقف المبلغ المخصص للتأمين سريعاً، وترفع «نِسَب التحمّل» التي يدفعها المريض، كما تؤثر سلباً في الاقتصاد وقطاع التأمين في الدولة.

وشدد «الاتحاد» على أهمية وضع معايير موحدة للعلاج مستقبلاً، وحدود عليا للأسعار، إلى جانب القيام بتدقيق مُكثّف على المستشفيات أكبر مما هو معمول به حالياً، ومراقبتها بشكل أكبر، مقترحاً كذلك منح شهادات أو تصنيف للجهات الملتزمة بـ«الممارسات النظيفة».

وكان متعاملون قالوا لـ«الإمارات اليوم»، إنهم دفعوا مبالغ مالية كبيرة، كنسبة تحمّل، نتيجة تعدد الإجراءات الطبية التي تطلبها بعض المستشفيات، فضلاً عن إيهامهم بضرورة القيام بفحوص مخبرية، يثبت لاحقاً عدم أهميتها.

ممارسات طبية

وتفصيلاً، قال رئيس لجنة التأمين الصحي في اتحاد الإمارات للتأمين، عبدالمحسن جابر لـ«الإمارات اليوم»، إن «هناك مستشفيات ومراكز طبية تقوم بعمل إجراءات إضافية لا يحتاج إليها المريض، مثل التحاليل الطبية المتعددة، أو إبقاء المريض في المستشفى من دون وجود أي سبب لذلك، ما يحمله مبالغ مالية كبيرة، كنسبة مشاركة في العلاج (نِسَب التحمل)، وتؤثر أيضاً في قطاع التأمين والشركات العاملة فيه، وبالتالي الاقتصاد».

وأضاف: «هذه المشكلة على الرغم من أنها شائعة في كثير من الدول، فإن لها العديد من الآثار السلبية في المريض نفسه، نتيجة الإجراءات الطبية المطوّلة، وإعطائه وصفات أدوية مبالغ فيها، وبجرعات طويلة لا يحتاج إليها، ما يؤدي إلى تجاوز سقف التغطية الخاص به في وقت قصير».

وتابع: «هناك أيضاً جهات طبية ترسل طلب تغطية تأمينية لم تتم أصلاً، أو تم عمل جزء منها فقط، أو تسجل بعض الإجراءات، أو المواد التي لم يتم استخدامها، ما يُعدّ إساءة استخدام، وتصل إلى حد إرسال تقارير غير صحيحة، ما يُعدّ تحايلاً واضحاً».

ورأى جابر أن «كل هذه الممارسات تُعدّ مشكلة كبيرة، وتُكبّد الشركات والاقتصاد مبالغ ضخمة، كما أنها السبب الأساسي في زيادة أسعار أقساط التأمين الصحي بين 10 و20% سنوياً، وأحياناً أكثر من ذلك».

ضوابط ورقابة

ورداً على سؤال حول الضوابط والإجراءات التي تُتخذ للحد من هذه الممارسات الطبية، قال جابر: «من ناحية القوانين والضوابط، تقوم الهيئات الصحية على مستوى الدولة بإجراءات تخفف من هذه الممارسات، عن طريق أدوات يتم بها اكتشاف إساءة استخدام التأمين الصحي إلى جانب وضع تسعير وحدود قصوى لبعض الإجراءات الطبية، فضلاً عن التقييم السنوي لشركات التأمين ووسطاء التأمين، وشركات إدارة المطالبات الطبية، والمستشفيات من قبل هيئات الصحة، كشرط لتجديد الرخص، يأخذ في الاعتبار مدى التزام هذه الجهات، ومخالفة الجهات التي تسيء الاستخدام أو تتحايل».

ورأى رئيس لجنة التأمين الصحي في اتحاد الإمارات للتأمين أن على المريض أيضاً القيام بدور أساسي لوقف إساءة استخدام التأمين الصحي، وقال: «على المريض دور أساس عن طريق السؤال والاستفسار عن أهمية الإجراءات الطبية الإضافية التي يعملها، وأن يفهم جيداً حالته الصحية، لأنه سيشارك بنسبة في الكُلفة، كما يمكنه أخذ رأي طبي آخر في حال الشك، وألّا يوقع بالموافقة على إجراءات يشك في أهميتها، وأخيراً، فإن بوسعه تقديم شكوى إلى الهيئة الصحية التابع لها».

وشدد جابر على أهمية الوعي بين مستخدمي التأمين الصحي، وألّا ينفذوا كل ما يطلب منهم دون فهم حتى لا يكونوا عرضة للاستغلال.

مقترحات للظاهرة

وطالب جابر بضرورة وضع معايير موحدة للعلاج مستقبلاً، وحدود عليا للأسعار إلى جانب القيام بتدقيق مُكثّف على المستشفيات أكبر مما هو معمول به حالياً، وكذلك ربط تجديد الترخيص بعدم وجود حالات مبالغ فيها لاستخدام بطاقات التأمين الصحي.

وتوقع جابر أن يكون للذكاء الاصطناعي دور مستقبلي في مراقبة الجهات الطبية، بما يقلل من الممارسات الخاطئة، ووقف إساءة الاستخدام.

واقترح كذلك بعض الحلول التي يمكن أن تحد من هذه الظاهرة، مثل منح شهادات أو تصنيف للجهات الملتزمة بـ«الممارسات النظيفة»، فضلاً عن إجراء تدريب وورش عمل توعوية للجهات الطبية، واعتماد العلاج الوقائي الذي يمنع وقوع الأمراض مستقبلاً.

%40 نمواً في كُلفة فاتورة علاج المؤمَّن لهم خلال 5 سنوات

تُظهر إحصاءات المصرف المركزي أن كُلفة علاج المؤمَّن لهم التي دفعتها شركات التأمين في صورة «مطالبات»، سجلت خلال عام 2024 ما قيمته 24.9 مليار درهم، فيما سجلت خلال عام 2023 ما قيمته 20 مليار درهم.

وسجلت كُلفة العلاج في عام 2022 نحو 17.06 مليار درهم، وفي عام 2021 نحو 15.61 مليار درهم، وفي عام 2020 ما قيمته 14.91 مليار درهم.

ووفق البيانات، فقد شهدت المطالبات المدفوعة من قبل شركات التأمين للمستشفيات ارتفاعاً نسبته 40% خلال آخر خمس سنوات، وتحديداً في الفترة من عام 2020 إلى نهاية عام 2024، وذلك بحسب آخر بيانات صادرة عن المصرف المركزي.

شاركها.