عادت لافتات «للإيجار» للظهور على واجهات المباني في بعض مناطق دبي بالفترة الأخيرة، وذلك بعد فترة شهدت ما يمكن أن نطلق عليه استقراراً في حركة انتقالات المستأجرين، في وقت أكد مستأجرون لـ«الإمارات اليوم» أنهم انتقلوا من مناطقهم الحالية التي يقيمون فيها وسط دبي وبعض المناطق الحيوية، إلى أطرافها، أو أنهم يدرسون الانتقال نظراً إلى الارتفاع في الإيجارات أخيراً.
وأوضحوا أنهم اختاروا مناطق بعيدة نسبياً في أطراف المدينة بحثاً عن التوازن بين القيم الإيجارية والمعيشة.
وأكدوا أن نظرتهم للمناطق التي انتقلوا إليها تغيرت، بعد أن وجدوا توافر الخدمات والبنية التحتية بمستوى يقارب المناطق التي كانوا يقيمون فيها، إضافة إلى وجود مدارس ومرافق صحية وأسواق، وشبكة نقل عام واسعة الامتداد إلى كل أنحاء دبي.
من جانبهم، أكد عقاريون أن أسعار الإيجارات في سوق عقارات دبي محكومة بالعرض والطلب، متوقعين أن تشهد السوق نوعاً من التوازن، بعد موجة ارتفاعات في الإيجارات حدثت نتيجة العرض والطلب.
وأرجعوا حركة انتقالات بعض المستأجرين من مناطق رئيسة إلى مناطق أخرى في أطراف المدينة، إلى قلة المعروض في المناطق الرئيسة مقارنة بالطلب الكبير عليها، إلى جانب تحويل معظم الوحدات السكنية في مناطق إلى «بيوت عطلات» لمواكبة الطلب العالي من السياح، لافتين إلى أن أسعار سوق الإيجارات للعقارات السكنية أو التجارية ارتفعت بنسب متفاوتة، وتجاوزت 15% في المناطق الرئيسة، وأكثر من 5% في المناطق الأخرى.
وأشاروا إلى تسجيل مناطق مثل «دبي الجنوب»، و«أبوهيل»، وقرية جميرا الدائرية «جي في سي»، و«واحة دبي للسيليكون»، و«المدينة العالمية»، زيادة في المعروض، يقابله نوع من التنافسية التي تخلق بدورها هدوءاً في الأسعار فيها.
وأوضحوا أنه لا يمكن الجزم بـ«تصحيح سعري» في الوقت الحالي بسبب الطلب المرتفع على العقارات، وإن حدث فلن يمس المناطق الرئيسة، مثل «داون تاون» و«نخلة جميرا»، بسبب قلة المعروض وارتفاع الطلب عليها.
وطالبوا المطورين بالتوسع في مشاريع سكنية بأطراف المدينة بأسعار معقولة، لتخفيف الازدحام داخل المناطق المركزية، مؤكدين أن الطلب مازال أعلى من العرض حالياً، وهو ما يحدّ من أي انخفاض محتمل في أسعار الإيجارات.
آراء مستأجرين
وتفصيلاً، قال المستأجر هاشم صادق إنه كان يقيم في منطقة راقية ذات مستوى خدمات مرتفع، لكنه انتقل أخيراً إلى منطقة «المدينة العالمية»، بعد أن أصبح الإيجار في المنطقة التي يقيم فيها سابقاً لا يتناسب مع دخله.
وأضاف لـ«الإمارات اليوم»: «رغم التغيير في نمط السكن والموقع، فإن المنطقة الجديدة توفّر كل الأساسيات بأسعار مناسبة، لكن الأهم حالياً هو الاستقرار في مكان لا يرهق ميزانيتي كل عام».
بدوره، أكد المستأجر عمرو النجار أن توسع شبكة «مترو دبي» والنقل العام شجّعه وعدداً كبيراً من أصدقائه على الانتقال إلى مناطق سكنية كانت تُعتبر في السابق «بعيدة»، لكنها اليوم أصبحت مرتبطة بشكل فعّال بمناطق العمل والخدمات، ما منحهم حرية أكبر في اختيار مناطق ذات إيجارات منخفضة دون التضحية بسهولة التنقل.
وأضاف: «التحولات التي تشهدها السوق العقارية دفعتنا للتفكير بمنطق أكثر واقعية، فلم نعد نبحث عن الفخامة، بل عن سكن مريح في حدود إمكاناتنا المالية، وهذا ما توفره مناطق مثل (دبي الجنوب) و(المدينة العالمية)، وغيرهما من مناطق على أطراف دبي».
في السياق نفسه، قال المستأجر (ع.خ) إنه قرر الانتقال من الشقة التي يقيم فيها في منطقة «البرشاء»، رغم كونها حيوية وقريبة من الخدمات مثل مركز التسوق وخط المترو، لافتاً إلى أن قرار الانتقال إلى أطراف المدينة، بحثاً عن إيجار مناسب، يأتي بعد قرار شركة إدارة العقارات رفع القيمة الإيجارية عند تجديد العقد بعد ثلاثة أشهر. وأوضح أنه بحث عن إيجارات مناسبة في مناطق قريبة نسبياً مثل «أرجان»، و«البرشاء هايتس»، و«ديسكفري جاردنز»، دون جدوى، ولذلك فإنه يدرس اكتشاف مناطق أبعد مثل «دبي الجنوب» تناسب ميزانيته.
من جهته، قال المستأجر السيد عبدالهادي إنه قرر الانتقال من منطقة «مارينا دبي» إلى «واحة دبي للسيليكون»، نتيجة ارتفاع الإيجارات بشكل كبير.
وأوضح أنه وجد في المناطق الطرفية خيارات سكنية أكثر تناسباً من حيث الكلفة مع خدمات وصيانة أفضل.
توازن مرتقب
إلى ذلك، قال الرئيس التنفيذي للإيرادات في منصة «بروبرتي فايندر» العقارية، شريف سليمان، إن «أسعار الإيجارات في سوق عقارات دبي محكومة بالعرض والطلب كما جميع القطاعات الأخرى، وقطاع العقارات ليس استثناء من هذه القاعدة».
وتوقع سليمان أن تشهد السوق نوعاً من التوازن، بعد موجة الارتفاعات المتسارعة في الإيجارات، والتي حدثت نتيجة توجهات العرض والطلب، مرجحاً أن يحافظ الطلب على مستوياته الطبيعية، في وقت تواصل فيه العوامل المؤثرة في السوق طريقها نحو التوازن.
وتابع: «على الرغم من دخول كمية جيدة من المعروض إلى السوق خلال العامين الماضيين، لاسيما في شريحة الشقق السكنية، فإن التوازن بين العرض والطلب كان ضرورياً للغاية»، كاشفاً عن أن الحصة الكبرى من عمليات البحث عن العقارات في دبي تتركز على الاستوديوهات، والشقق السكنية المكونة من غرفة نوم واحدة وغرفتين.
ولفت سليمان إلى أن الفترة الماضية شهدت أيضاً خطط تطوير مستدامة في فئات الفلل و«تاون هاوس»، وهي الفئات التي لطالما عانت من نقص مزمن، نظراً للطلب القوي عليها، ما يدفع نحو تعزيز التوازن بين العرض والطلب عموماً.
ارتفاع الإيجارات
في السياق نفسه، قال المؤسِّس والرئيس التنفيذي لـ«شركة الرواد للعقارات»، المتخصصة في الاستشارات والتسويق العقاري بدبي، إسماعيل الحمادي، إن «أسعار سوق الإيجارات في دبي سواء بالنسبة للعقارات السكنية أو التجارية ارتفعت بنسب متفاوتة، وتجاوزت 15% في المناطق الرئيسة، وأكثر من 5% في المناطق الأخرى»، مرجعاً ذلك إلى ارتفاع الطلب، وزيادة عدد المقيمين في دبي حيث قارب عدد سكان الإمارة أربعة ملايين نسمة.
وأرجع الحمادي حركة انتقال المستأجرين من مناطق رئيسة إلى مناطق أخرى، إلى قلة المعروض في المناطق الرئيسة مقارنة بالطلب الكبير عليها من طرف الأثرياء الذين يتوافدون على دبي، إلى جانب تحويل معظم الوحدات السكنية في تلك المناطق إلى «بيوت عطلات» لمواكبة الطلب العالي من السياح الوافدين إلى دبي.
وتابع: «بالمقابل، تسجل مناطق أخرى مثل (دبي الجنوب)، و(أبوهيل)، وقرية جميرا الدائرية (جي في سي)، و(البرشاء هايتس – تيكوم)، و(واحة دبي للسيليكون)، و(المدينة العالمية)، زيادة في المعروض، يقابله نوع من التنافسية التي تخلق بدورها هدوءاً في الأسعار، حيث تشهد سوق الإيجارات تنوعاً واسعاً في الأسعار، ما يتيح خيارات متعددة للفئات ذات الدخل المتوسط، علاوة على أنها مناطق سكنية متكاملة للعائلات، لتلبية أغلب احتياجاتهم من مدارس، وحدائق مجتمعية، ومراكز خدمية».
ورداً على سؤال حول احتمال وجود تصحيح سعري قريب، قال الحمادي: «لا يمكن الجزم بـ(تصحيح سعري) في الوقت الحالي بسبب الطلب المرتفع على العقارات».
وقال: «إن حدث تصحيح سعري فلن يمس المناطق الرئيسة، مثل (داون تاون) و(نخلة جميرا)، بسبب قلة المعروض وارتفاع الطلب عليها»، مشيراً إلى أن المناطق التي يشملها خط «مترو دبي» الجديد ستشهد ارتفاعاً في الأسعار مع انتهاء تنفيذ المشروع.
طلب مرتفع
من جهته، قال الرئيس التنفيذي لـ«شركة ستاندرد لإدارة العقارات»، عبدالكريم الملا: «هناك طلب متزايد على الوحدات السكنية المناسبة للأسر ولفئات الدخل المتوسط في مختلف مناطق دبي»، مشيراً إلى وجود نمط واضح في السوق يعكس هذا التوجه.
وطالب الملا المطورين بالتوسع في مشاريع سكنية في أطراف المدينة بأسعار معقولة، ما من شأنه أن يخدم هذه الفئة ويسهم في تخفيف الازدحام داخل المناطق المركزية، منوهاً بأن الطلب مازال أعلى من العرض في الوقت الحالي، وهو ما يحدّ من أي انخفاض محتمل في أسعار الإيجارات.
وأكد الملا أن العائد الإيجاري لن ينخفض، لكن من المتوقع أن تشهد الأسعار نوعاً من الثبات، مع احتمال ارتفاعات محدودة بنهاية العام الجاري، منوهاً بأن التعافي الاقتصادي القوي يحافظ على استقرار الإيجارات، ويؤكد متانة السوق العقارية في الإمارة.
بدائل عملية للعائلات
شهدت مناطق مثل «ديرة»، و«واحة دبي للسيليكون»، و«مدينة دبي للإنتاج»، و«الكرامة»، وفقاً لمنصة «بروبرتي فايندر»، زيادة ملحوظة في الإيجارات بسبب ارتفاع الطلب عليها، وهي تصنف بين المناطق الأقل كلفة، حيث تراوح أسعار الوحدات السكنية بغرفة نوم واحدة بين 65 ألف درهم و69 ألف درهم سنوياً.
وأكدت المنصة العقارية أن هذه المناطق تُعد بدائل عملية للعائلات الباحثة عن مزيج من السعر المناسب والبنية التحتية الملائمة، خصوصاً مع توافر الخدمات التعليمية والتجارية، إضافة إلى وسائل النقل العام التي تربط بينها وبين بقية مناطق الإمارة، موضحة أن الطلب على الشقق بغرفة نوم واحدة وغرفتين لايزال مرتفعاً، كونها تُشكل الخيار الأنسب للعائلات أو الأفراد الباحثين عن توازن بين المساحة والسعر.
المناطق الأعلى كلفة إيجارياً
أظهرت بيانات، أعدتها منصة «بروبرتي فايندر» العقارية لـ«الإمارات اليوم»، أن مناطق مثل «بلو واترز»، و«مركز دبي المالي العالمي»، و«داون تاون دبي»، و«مساكن شاطئ جميرا»، تعد الأعلى كلفة من حيث الإيجارات في دبي، لافتة إلى أن إيجارات الشقق المكونة من غرفة نوم واحدة تراوح في تلك المناطق حالياً يراوح بين 125 ألف درهم و299 ألفاً سنوياً، فيما راوحت الأسعار في العام الماضي بين 140 ألفاً و320 ألف درهم.
وأشارت إلى أن هذه المناطق لاتزال وجهة للباحثين عن نمط حياة فاخر، لكنها بدأت تُظهر بوادر استقرار أو حتى تراجع في بعض الأسعار، نتيجة للمنافسة وزيادة المعروض.
الطلب على الشقق والفلل
وفقاً لاتجاهات الطلب، حسب بيانات البحث على منصة «بروبرتي فايندر»، خلال يوليو 2025، فقد شهدت الشقق إقبالاً بنسبة 80%، والفلل 20%.
واستحوذت الشقق السكنية من غرفة نوم واحدة على نحو 32% من عمليات البحث، والشقق المكونة من غرفتين على 30%، وثلاث غرف نوم 20% والاستوديوهات 8%.
كما اتجه الطلب نحو الشقق المفروشة بالكامل بنسبة 64%، وغير مفروشة بنسبة 35%، ما يعكس رغبة المستأجرين في انتقال سريع من دون تكاليف إضافية.
. البحث عن التوازن بين القِيَم الإيجارية والمعيشة وراء اختيار المستأجرين السكن في أطراف المدينة بمناطق بعيدة نسبياً.