يُعد طيران الإمارات أبرز شركات الطيران الإماراتية وعمودًا من أعمدة الاقتصاد الوطني ومصدر فخر عالمي للإماراتيين والعرب على حد سواء، فقد تحول من فكرة بسيطة قبل أربعة عقود إلى منظومة طيران متكاملة تنافس كبريات الشركات في العالم. رحلة طويلة مليئة بالإنجازات والمواقف الملهمة، تُظهر كيف استطاعت الإمارات أن تجعل من سمائها بوابة للعالم ومركزًا للحركة الجوية الدولية.

البدايات: طموح يتحول إلى حقيقة

تعود بداية القصة إلى عام 1984، عندما وجه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بإنشاء شركة خطوط جوية وطنية تحمل اسم “طيران الإمارات”. وبتمويل أولي لا يتجاوز عشرة ملايين دولار، انطلقت أولى الرحلات في أكتوبر 1985 من دبي إلى كراتشي ومومباي، مستخدمة طائرتين مستأجرتين. كانت المهمة واضحة منذ البداية: تقديم خدمة راقية، وتحقيق الربحية، دون الاعتماد على دعم حكومي مباشر.

التوسع السريع وبناء السمعة العالمية

لم تمضِ سوى سنوات قليلة حتى بدأت طيران الإمارات تحقق حضورًا قويًا في سماء العالم. في عام 1987، استلمت الشركة أول طائرة مملوكة لها من طراز “إيرباص A310″، لتصبح بداية عهد جديد من النمو. وبحلول أوائل التسعينيات، كانت الشركة قد وصلت إلى أكثر من 14 وجهة دولية، وبدأت في ترسيخ سمعتها كشركة تقدم تجربة سفر فاخرة ومريحة.

عام 1992 كان مفصليًا، حيث أدخلت طيران الإمارات أنظمة الفيديو في جميع المقاعد، لتصبح أول شركة في العالم تقدم هذه الخدمة على جميع درجات السفر. كما أطلقت أول طلب لشراء طائرات “بوينج 777″، ما أعاد الثقة إلى صناعة الطيران بعد حرب الخليج الأولى. ومع نهاية التسعينيات، توسعت شبكة وجهاتها إلى 50 وجهة حول العالم، ما جعل دبي مركزًا إقليميًا مزدهرًا للطيران والسفر.

إنجازات ضخمة في الألفية الجديدة

شهدت الألفية الجديدة انطلاقة غير مسبوقة لطيران الإمارات. ففي عام 2000، أصبحت أول شركة تقدم طلبًا لشراء طائرات “إيرباص A380”، أكبر طائرة ركاب في العالم، التي أصبحت فيما بعد رمزًا لرفاهية السفر الجوي. وفي عام 2004، وقّعت الشركة صفقة تاريخية مع نادي أرسنال الإنجليزي بلغت قيمتها 100 مليون جنيه إسترليني، تضمنت رعاية الملعب والقميص، لتصبح من أطول شراكات الرعاية الرياضية في العالم.

عام 2005، دخلت طيران الإمارات التاريخ مجددًا عندما طلبت 42 طائرة “بوينج 777” في صفقة بلغت قيمتها 9.7 مليار دولار، لتصبح أكبر مشغل لهذا الطراز في العالم. كما افتتحت الشركة في عام 2008 المبنى رقم 3 في مطار دبي الدولي، وهو منشأة مخصصة بالكامل لطيران الإمارات، مما عزز تجربة السفر الفاخرة لعملائها.

شراكات استراتيجية وتوسع عالمي

واصلت طيران الإمارات تعزيز مكانتها من خلال شراكات استراتيجية مهمة. ففي عام 2012، عقدت اتفاقية تعاون واسعة مع شركة “كوانتاس” الأسترالية، مما وفر شبكة رحلات عالمية متكاملة وخدمات متميزة للمسافرين. وفي 2017، تم الإعلان عن شراكة استراتيجية مع “فلاي دبي”، أتاحت تنسيق الجداول وتوسيع شبكة الرحلات لتغطي مئات الوجهات عبر العالم.

الريادة والتميز في القرن الجديد

عام 2014، حصلت طيران الإمارات على لقب “العلامة التجارية الأكثر قيمة بين شركات الخطوط الجوية في العالم”، بقيمة بلغت 3.7 مليار دولار. وفي 2016، توّجت كأفضل شركة خطوط جوية في العالم وفق تصنيف “سكاي تراكس”، مع استمرارها بالفوز بجائزة أفضل ترفيه على متن الطائرة للعام الثاني عشر على التوالي.

كما أطلقت الشركة في 2017 أجنحة الدرجة الأولى المغلقة بالكامل المستوحاة من تصاميم “مرسيدس بنز”، لتصبح أول شركة تقدم تجربة فريدة من الخصوصية والترف في السماء. أما في عام 2019، فقد حطمت الشركة رقمًا قياسيًا عالميًا عندما جمعت 540 راكبًا من 145 جنسية مختلفة على متن رحلة واحدة احتفالًا باليوم الوطني الإماراتي.

شركات طيران إماراتية أخرى تثري المشهد

رغم أن طيران الإمارات تتصدر المشهد، إلا أن الإمارات تحتضن أيضًا مجموعة من شركات الطيران المتميزة. الاتحاد للطيران، ومقرها أبوظبي، تعد ثاني أكبر ناقل وطني وتوفر رحلات إلى أكثر من 70 وجهة حول العالم. أما فلاي دبي، فهي نموذج ناجح للطيران الاقتصادي منخفض التكلفة الذي يخدم أكثر من 90 وجهة. كذلك، أطلقت الإمارات شركات أخرى مثل العربية للطيران وويز للطيران أبوظبي لتلبية احتياجات مختلف فئات المسافرين، من الباحثين عن الرفاهية إلى محبي السفر الاقتصادي.

في الختام

منذ أول رحلة في عام 1985 حتى اليوم، قطعت طيران الإمارات وشركات الطيران الإماراتية الأخرى رحلة مذهلة في عالم الطيران، جمعت بين الطموح والابتكار والرؤية المستقبلية. من طائرتين مستأجرتين إلى أسطول ضخم يضم مئات الطائرات المتطورة، ومن خطوط محدودة إلى وجهات تغطي قارات العالم الست، استطاعت الإمارات أن تثبت أن الحلم عندما يُصنع في سماء دبي، فإنه لا يعرف حدودًا.

شاركها.
Exit mobile version