طرح رجل الأعمال الإماراتي مؤسس ورئيس مجلس إدارة مجموعة الحبتور، خلف أحمد الحبتور، رؤية اقتصادية جريئة تقوم على إشراك رواد الأعمال الإماراتيين في ملكية الشركات العائلية الكبرى في دولة الإمارات، عبر فتح جزء من هذه الشركات للاكتتاب العام بنسبة تصل إلى 20%، بما يمنح الشباب فرصة المساهمة في مؤسسات قائمة بدلاً من (البدء من الصفر) في بيئة أعمال تنافسية ومعقدة.
وقال الحبتور، في حوار مع «الإمارات اليوم»، إن «الوقت الحالي (صعب جداً) للدخول في قطاع الأعمال من البداية، ولا نريد أن نرسم صورة مبالغاً فيها»، مشيراً إلى أن تأسيس الشركات من نقطة (الصفر) في ظل حجم المنافسة وتكاليف التشغيل العالية لم يعد سهلاً، خاصة في بعض القطاعات الاقتصادية.
وأضاف: «يمكن أن تكون هناك نصائح وتوجيهات من الجهات الحكومية أو المسؤولين، لتشجيع الشباب ورواد الأعمال الإماراتيين على شراء 20% من أسهم المؤسسات أو الشركات الكبرى في الدولة، التي تمتلك أصولاً تقدر بعشرات المليارات من الدولارات. هذا أفضل من أن يبدأ الشاب مشروعه منفرداً».
واقترح الحبتور أن يتم تشجيع الشركات العائلية الكبرى على طرح نسب محددة من ملكيتها بأسعار مدروسة، ضمن خطة منظمة، بحيث يتمكن الشباب من الدخول كمستثمرين صغار أو متوسطين، مع إمكانية تمثيل بعضهم في مجالس الإدارة.
وتابع: «أرى أن تنصح الحكومة الشركات العائلية وتعطي توجيهات لتخصيص نسبة من أسهمها بتسعيرة محددة، وتذهب هذه الشركات للطرح العام.. حينها يتمكن رواد الأعمال الشباب من شراء حصص فيها، والاستفادة من أرباحها، وربما المشاركة في إدارتها، ويمكن لأحدهم أن يستثمر 10 آلاف درهم أو 100 ألف أو حتى مليون درهم، فيكون هذا استثماراً آمناً ومثمراً له وللشركات الكبرى في الوقت نفسه».
ويرى الحبتور أن هذه الخطوة يمكن أن تشكل جسراً بين الأجيال في عالم الأعمال الإماراتي، حيث تستفيد الشركات العائلية من دخول دماء جديدة وأفكار حديثة، بينما يكتسب الشباب خبرة عملية واستثمارية حقيقية.
الشركات العائلية
وأوضح أن انفتاح الشركات العائلية على الشراكات المحلية مع الشباب سيعزز من استدامة الاقتصاد الوطني، ويخلق نموذجاً جديداً من التكامل بين الخبرة المتراكمة لرؤوس الأموال الكبرى والطاقة الإبداعية لجيل جديد من رواد الأعمال.
وأكد الحبتور أن «هذه الخطوة ستكون (سنداً للطرفين)»، موضحاً: «حين يستثمر الشباب في الشركات القائمة فإنهم يضمنون استقراراً مالياً ويستفيدون من خبرات المؤسسات الكبرى، بينما تحصل هذه الشركات على مساهمين شباب، يحملون طاقة جديدة وأفكاراً تطويرية، ويمكنهم جني الأرباح فوراً.. إنها معادلة رابحة للجميع».
إلى ذلك، انتقد الحبتور القوائم التي تصدرها بعض المجلات والمنصات الإعلامية العالمية والإقليمية لتصنيف أغنى رجال الأعمال في منطقة الخليج والعالم العربي، مؤكداً أن كثيراً مما يُنشر في هذا المجال يفتقر إلى الدقة والمصداقية ويعتمد على تقديرات غير واقعية، لا تستند إلى بيانات مالية حقيقية أو معلنة.
وتساءل الحبتور: ما الذي اعتمدت عليه هذه المجلات في إعداد هذه القوائم؟ كيف توصلوا إلى تقدير هذه الثروات؟ مشيراً إلى أن معظم رجال الأعمال المذكورين هم أصحاب شركات ومؤسسات خاصة، لا تعلن عن أرباحها أو ميزانياتها السنوية، فكيف يمكن تحديد ثرواتهم بدقة؟
وأضاف أن الكثير من رجال الأعمال يمتلكون أصولاً وشركات ذات قيمة تفوق بكثير ما يُنشر في تلك القوائم، موضحاً أن البيانات المعلنة في تلك التصنيفات لا تعبر عن الواقع الحقيقي، خصوصاً في دول مثل الإمارات التي تضم عدداً كبيراً من الشركات العائلية والخاصة ذات الانتشار العالمي.
وذكر أنه لا يمكن إدراج «مجموعة الحبتور» في هذه القوائم قانونياً، قائلاً: «نحن شركة خاصة ولسنا مدرجين في سوق الأسهم، ولا نعلن بياناتنا المالية للعموم، لذلك من غير المنطقي أو القانوني أن تدرجنا أي مجلة ضمن قائمة للأثرياء. هذه القوائم تعتمد على (التخمين) لا على الأرقام، وبشكل قانوني لا يمكن للجهات التي تعد هذه القوائم إدراج اسمنا».
وأكد الحبتور أن رجال الأعمال الإماراتيين المعروفين في دبي وخارجها يمتلكون استثمارات تمتد عبر القارات، سواء في قطاعات العقارات أو الضيافة أو السيارات أو التجزئة أو البنية التحتية، ما يجعل تقييم ثرواتهم عملية معقدة، ولا يمكن حصرها بالأرقام المتداولة في هذه التقارير.
تجار دبي
وأكد الحبتور أن «العلاقة بين تجار دبي تقوم على التكامل والتعاون أكثر من التنافس»، مشيراً إلى أن «روح العمل الجماعي والبيئة الاقتصادية المنفتحة التي أرساها المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراه، وسار على نهجه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله؛ هي الأساس في النهضة الاقتصادية التي تشهدها دبي اليوم».
وتابع: «العلاقة بين تجار دبي تكاملية. التجار الذين دعموا دبي في بداياتها هم الذين دعمهم المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراه. كان بيننا تنافس صحي، وكل واحد في اختصاصه، وهو ما يجعلنا نفكر دائماً في كيفية العمل لمنفعة سكان دبي ودولة الإمارات».
وقال إن «المنافسة الإيجابية بين رجال الأعمال كانت دائماً المحرك الأساسي للنمو الاقتصادي»، مضيفاً: «من دون منافسة لا يكون هناك هدف. المنافسة تعلمنا وتدفعنا للتطور، وهي سر من أسرار نجاح دبي».
وفي سياق حديثه، شدد الحبتور على أن الحكومة تساعد رجال الأعمال، وتوفر البيئة التي تمكنهم من النجاح، وهناك تكامل بين الحكومة والقطاع الخاص لخدمة الوطن والناس.
وتوقف الحبتور عند النظام القضائي في دبي والإمارات، مشيداً بما وصفه بأنه «أحد أهم أسرار نجاح الدولة في جذب المستثمرين»، حيث تسود العدالة والمساواة أمام القانون دون أي استثناءات.
وقال: «الشيء الجميل في هذا البلد أن القانون فوق الجميع، ومحاكمنا لا يوجد فيها واسطة. القضاء مستقل. نحن سواسية أمام القانون، وهذه المساواة هي التي تثلج صدورنا وصدور المستثمرين الأجانب».
وأكد أن «البيئة الاقتصادية في دبي مشجعة لكل من يريد أن يعمل ويجتهد، فالقوانين واضحة، والإجراءات سهلة، والفرص متاحة للجميع. هذا ما جعل الإمارة وجهة أولى للمستثمرين من مختلف أنحاء العالم».
وتابع أن «دولة الإمارات ليست مركزاً للأعمال فقط، بل مركز للثقة، فالمستثمر الذي يأتي إلى هنا يشعر بالطمأنينة لأن هناك نظاماً يحميه وعدالة تضمن له حقه».
وذكر أن «ما يميز اقتصاد دبي هو التنوع والمرونة، حيث إنه لا يعتمد على قطاع واحد، بل على منظومة متكاملة، وهذه هي القوة الحقيقية للاقتصاد الحديث»، مؤكداً أن «دبي لا تعرف المستحيل.. في كل مرة يظن البعض أن النمو وصل إلى ذروته، نفاجأ بمشروعات جديدة وأفكار مبتكرة، تعيد تعريف النجاح من جديد».
وأوضح أن «ما تحقق في دبي لم يكن صدفة، بل نتيجة تخطيط دقيق، وجهد جماعي، وإيمان بأن النجاح لا يتوقف. وهذا الإيمان هو ما يجعلنا نواصل البناء كل يوم».
التوطين
وأكد الحبتور دعمه الكامل لجهود الحكومة في تعزيز التوطين في القطاع الخاص، مشدداً على أن «نجاح هذا الملف لا يعتمد فقط على المبادرات الحكومية، بل هو مسؤولية وطنية مشتركة تتطلب تفاعلاً حقيقياً من القطاع الخاص والشركات الوطنية الكبرى».
وقال: «الحكومة اليوم تركز على التوطين في القطاع الخاص، ونحن نؤيد ذلك تماماً. من المهم أن يكون المواطن الإماراتي متواجداً أكثر في هذا القطاع الحيوي، وأن يشارك في قيادة الشركات وإدارتها ومختلف مجالاتها».
وأضاف أن الجهات الحكومية قامت بدورها على أكمل وجه في وضع الأطر والبرامج اللازمة لتشجيع التوطين، قائلاً: «الحكومة لم تقصّر، وقدمت كل ما يلزم من دعم وتشريعات وتسهيلات، لكن لا يمكن تحميل الحكومة كل شيء. نحن كشركات ورجال أعمال مسؤولون أيضاً عن دعم أبناء الوطن وتمكينهم في مواقع العمل».
وأشار إلى أن «مجموعة الحبتور» تضم عدداً كبيراً من الكفاءات الإماراتية في مواقع قيادية وإدارية عليا، مؤكداً أن هؤلاء الموظفين يشكلون نماذج ناجحة ومشرفة لأداء المواطن في القطاع الخاص.
وقال الحبتور: «لدينا في (المجموعة) عدد كبير من المواطنين، بعضهم يشغل مناصب مديرين ونواب مديرين، وهم نشطون، ومنتجون، ويديرون شركات ضمن المجموعة بكفاءة عالية. هذه النماذج تعطينا الثقة بأن أبناء الوطن قادرون على الإبداع متى أُتيحت لهم الفرصة في القطاع الخاص».
وشدد الحبتور على ضرورة أن يتولى القطاع الخاص دوره كاملاً في توظيف المواطنين وتأهيلهم، لتخفيف الضغط عن الحكومة وتمكينها من التركيز على التخطيط الاستراتيجي طويل المدى.
وأضاف: «على الحكومة أن تتنفس. نحن يجب أن نتحمل مسؤولياتنا في توظيف المواطنين وإيجاد فرص عمل تناسب مؤهلاتهم. لا يمكن أن نعتمد على الحكومة في كل شيء. دورنا هو أن نفتح الأبواب للمواطنين، ندربهم، نمنحهم الثقة، ونمكنهم من المشاركة في مسيرة التنمية».
• نحن يجب أن نتحمل مسؤولياتنا في توظيف المواطنين وإيجاد فرص عمل تناسب مؤهلاتهم.
• ما تحقق في دبي لم يكن صدفة، بل نتيجة تخطيط دقيق، وجهد جماعي، وإيمان بأن النجاح لا يتوقف.
خلف أحمد الحبتور لـ«الإمارات اليوم»:
• دبي لا تعرف المستحيل.. في كل مرة يظن البعض أن النمو وصل إلى ذروته، نفاجأ بمشروعات جديدة تعيد تعريف النجاح من جديد.
• روح العمل الجماعي والبيئة الاقتصادية المنفتحة التي أرساها المغفور له الشيخ راشد بن سعيد، وسار على نهجه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، هي الأساس للنهضة التي تشهدها دبي اليوم.