تشهد التداولات على ما يسمى بـ «الأسهم الرخيصة» طفرة كبيرة، وفي مقدمة القائمة جاءت شركة لبيع المعادن الخردة، وأخرى لتصنيع المركبات الكهربائية لم تبع سوى أربع سيارات، لكن مثل هذه الشركات تتفوق في التداول على أسهم شركة مثل «تسلا» و«أبل»، مما دعا بعض المحللين إلى التحذير بقوة من أن الأسواق صارت محمومة بصورة متزايدة.
وأشارت «سي بي أو إي ماركتس» إلى أن سبعة من الأسهم العشرة الأكثر تداولاً خلال الشهر الماضي، والتي قيست وفق عدد الأسهم المشتراة والمباعة، كانت أسهم رخيصة تقل قيمتها عن دولار أمريكي واحد، والعجيب أنه لم يكن من بينها أي شركة محققة للربح.
وتشي الأحجام الهائلة للتداولات على الكثير من الأسهم غير المعروفة بتجدد شهية المستثمرين الأفراد تجاه الأسهم الرخيصة للشركات التي يعتقدون أنهم قد يجنون من ورائها مكاسب سريعة كبيرة.
وقال جيمس أنجيل، أستاذ العلوم المالية لدى جامعة جورج تاون: «غالباً ما تتأثر الأسهم الرخيصة بالمغالاة في المضاربة حينما تكون الأسواق مفرطة في الأداء، وهي علامة كلاسيكية لبلوغ السوق ذروتها، مشدداً على أن الأسهم الرخيصة تتسم بالتقلبات الشديدة، لذا يمكن لك معها أن تحقق الكثير من الربح أو أن تمنى بخسارة كبيرة بسرعة شديدة». وتابع: «يروق هذا لمن تتملكهم غريزة المضاربة».
هذه التداولات المحمومة تأتي في أعقاب مكاسب قوية حققتها الأسهم القيادية الأمريكية على مدى الأشهر السبعة الماضية، كما بلغت أسهم شركات التكنولوجيا مستويات قياسية مرتفعة جديدة الأسبوع الماضي. وجاءت شركة غرينويف تكنولوجي سولوشنز لتجارة معادن الخردة، التي يدعي موقعها الإلكتروني أن «الخردة هي المعادن النفيسة الجديدة»، في صدارة القائمة في مايو.
ويبلغ عدد الأسهم قيد التداول 588 مليون سهم، وتداول المستثمرون 510 ملايين سهم يومياً في المتوسط خلال الشهر، بحسب بيانات «سي بي أو إي ماركتس». وقد تأرجحت القيمة السوقية للشركة في غضون ذلك بين 4 ملايين دولار و159 مليون دولار، وتقلبت قيمة الأسهم ما بين 4 سنتات و16 سنتاً.
كانت «تسلا» الشركة الوحيدة ذات رأس المال الكبير التي تمكنت من دخول قائمة أكثر 10 أسهم تداولاً، وهي تعد بالفعل واحدة من الأكثر تفضيلاً في صفوف المستثمرين النشطين.
وفي حين يشكل تداول الأسهم الرخيصة نسبة ضئيلة للغاية من حركة تداول الأسهم ذات رأس المال الكبير من حيث القيمة، فقد تزامن ازدياد اهتمام المستثمرين بها مع عودة الصعود القوي لما يطلق عليه أسهم «الميم»، مثل شركة غيم ستوب للتجزئة وسلسلة إيه إم سي لدور العرض، التي استفادت من الاهتمام المحموم من المستثمرين الأفراد في 2021.
وحلّت «إيه إم سي» في المرتبة السادسة كأكثر الأسهم الأمريكية تداولاً في مايو، بأحجام تداول تفوق متوسطها بسبع مرات. ويرى ستيف سوسنيك، كبير الخبراء الاستراتيجيين للسوق لدى شركة الوساطة «إنترأكتيف بروكرز»: «الأسهم الرخيصة ليست مثل ظاهرة أسهم الميم، لكنهما متناغمان. الأمر ببساطة يتعلق برغبة الأشخاص في تنحية الأساسيات جانباً ومطاردة العوائد».
وكشف المسح الأسبوعي الذي يجريه سوسنيك للأسهم الأكثر تداولاً على منصة «إنترأكتيف بروكرز»، عن ظهور عدد كبير من الشركات الصغيرة وغير المعروفة. وعلق قائلاً: «الأمر يرمز إلى ما أعتبره سوقاً أصبحت تتسم بمغالاة شديدة». وتواجه الأسهم التي تتداول دون دولار واحد لفترة معينة خطر شطبها من البورصات، وتميل المؤسسات الاستثمارية إلى عدم الاقتراب منها لهذا السبب.
وقد أعادت زيادة أحجام تداول الأسهم الرخيصة إحياء مخاوف بشأن تأثير أساليب تمويلها على المساهمين، وكذلك على القواعد التي تسمح لها بأن تظل مدرجة. وباعت الكثير من الشركات الأكثر تداولاً في مايو من حيث الحجم أسهم جديدة أخيراً.
وتؤدي الصفقات الجديدة، التي عادة ما تكون على هيئة سندات يمكن تحويلها إلى أسهم بسعر أقل من السعر السوقي، إلى إضعاف حصص المساهمين وتضخيم أحجام التداول عند إعادة بيع الأسهم الجديدة، وهو يحدث سريعاً في العادة.
وحلّت شركة فاراداي فيوتشر إنتليجنت إلكتريك للمركبات الكهربائية في المرتبة الثانية كأكثر الأسهم تداولاً في مايو. وأظهرت تقاريرها المالية عن عام 2023 التي قدمتها بعد تأخير الأسبوع الماضي على إثر مشكلات ذات صلة بالموظفين، بيعها أربع سيارات وتأجير ست سيارات أخرى منذ إطلاق الشركة الذي تأخر طويلاً خلال العام الماضي. وقد تضمنت التقارير المالية تحذيراً من أنها «ستتقدم بطلب الحماية من الإفلاس حال عدم تمكنها من الحصول على رأس مال إضافي».
وركزت العديد من التعليقات بموقع ريديت للتواصل الاجتماعي على التقلبات الشديدة التي كشفها عدد أسهم «فاراداي». فقد قفز عدد الأسهم من 57 مليون سهم في نوفمبر الفائت إلى 1.4 مليار سهم بحلول فبراير، وقد أجرت الشركة ما يطلق عليه «تجزئة عكسية للأسهم»، فبادلت ثلاثة أسهم قائمة مقابل سهم جديد. وتظهر آخر تقارير الشركة وجود 440 مليون سهم.
وأصبحت التجزئة العكسية للأسهم وسيلة شائعة بين الشركات التي تقل قيمة أسهمها عن دولار واحد، باعتبارها طريقة لتعزيز أسعار الأسهم وتحاشي خطر الشطب من البورصة. وتشير بيانات «إس آند بي غلوبال ماركت إنتليجنس» إلى وجود 471 شركة يتم أسهمها دون دولار واحد في الولايات المتحدة، مقارنة مع 125 فقط قبل عام.
تجدر الإشارة إلى أن العام الجاري شهد إعلان أكثر من 70 عملية تجزئة عكسية للأسهم، وفق شركة وول ستريت هورايزون للبيانات. وتضاعف العدد تقريباً في 2023 إلى 219 مقارنة بالعام السابق، على الرغم من المكاسب الكبيرة التي حققتها أسواق الأسهم بعد الصعوبات التي لاقتها في 2022.
وأعلنت «غرينويف» عن تجزئة عكسية بواقع سهم مقابل 150 سهماً اعتباراً من جلسة الاثنين الماضي. أما «فاراداي فيوتشر» التي لم تعلن تقاريرها المالية بعد وانخفضت أسهمها بمقدار النصف منذ نشرت نتائج عام 2023، فقد تقدمت باستئناف على قرار شطبها من بورصة «ناسداك».
وقالت الشركة لـ «فايننشال تايمز»: «نتوقع استمرار إدراج الأسهم في مؤشر ناسداك في المسار الطبيعي لحين جلسة الاستماع».