يشعر المهاجرون غير القانونيين الذين يحمل أطفالهم أو أزواجهم الجنسية الأميركية، بالقلق بشكل خاص من تهديدات الرئيس المنتخب دونالد ترامب الذي توعد بطردهم.
وعلى مدى الربع الأخير من القرن الماضي، اقتصرت نسخة ماريا من «الحلم الأميركي» على ركن صغير من جنوب تكساس، محصورة بين الحدود مع المكسيك ونقطة تفتيش محصنة لحرس الحدود على بعد 77 ميلاً إلى الشمال.
ماريا، هي أم لولدين أنجبتهما داخل الولايات المتحدة، حيث عبرت هي وزوجها بشكل غير قانوني إلى الأراضي الأميركية من المكسيك في عام 1998، وهي واحدة من آلاف المهاجرين غير الشرعيين الذين عاشوا فترة طويلة في عالم وصف بـ«السفلي» على طول حدود تكساس مع المكسيك، مرتبطين بمواطنين أميركيين من بني جلدتهم، ومن المستحيل عليهم، دون وثائق هجرة قانونية، الابتعاد عن منطقتهم التي يقيمون فيها، ولذلك بدأوا بتسوية أوضاعهم في أميركا قبل تسلم ترامب مهامه رسمياً في 20 يناير المقبل.
ترحيل جماعي
ومع تعهد ترامب ببدء عمليات الترحيل الجماعي للمهاجرين غير الشرعيين، يخشى العديد من أولئك الذين يعيشون مع أفراد الأسر الأميركية على طول الحدود أن يكونوا هدفاً سهلاً، حيث يحق لضباط حرس الحدود قانوناً إجراء اعتقالات في غضون 100 ميل داخل الحدود، وبما أنهم في الماضي لم يستهدفوا عموماً عائلات مثل عائلة ماريا، فإن هذا الوضع قد يتغير بسرعة.
وإضافة إلى مخاوف الأسر، تعهد حاكم ولاية تكساس جريج أبوت، بالاستعانة بالحرس الوطني في تكساس وضباط إنفاذ القانون في الولاية للمساعدة في أي عمليات اعتقال للمهاجرين.
كما اقترحت مفوضة الأراضي في الولاية، دون باكنغهام، استخدام قطعة أرض على طول الحدود مع تكساس على بعد أميال قليلة من حيث تعيش ماريا، لتكون بمثابة موقع لتجميع المهاجرين وترحيلهم.
أصل واحد
لأجيال اختلط أفراد تلك الأسر ذات الأصل الواحد مع بعضها بعضاً، حيث يكون أحد الوالدين على الأقل غير موثق قانونياً، ويرعى أطفالاً من المقيمين أو المواطنين القانونيين في الولايات المتحدة، وهي المجتمعات ذات الأغلبية اللاتينية في هذا الجزء من تكساس، ولطالما احتفظ سكان المدن الحدودية الأميركية بروابط قوية مع مواطني الجانب المكسيكي، حيث يعبر المهاجرون الذين يحملون وثائق قانونية الحدود الدولية بالسهولة نفسها التي يسافر بها شخص من مانهاتن إلى بروكلين.
وقالت ماريا: «قبل انتخاب ترامب كنا نشعر بالخوف دائماً، لكن كان يمكننا الاختباء في أماكن آمنة»، مضيفة: «الآن نشعر بأنه بمجرد تولي ترامب منصبه، فإن المخاطر تنتظرنا في كل مكان، لا يوجد مكان للاختباء».
وكانت ماريا غادرت مسقط رأسها سان لويس بوتوسي في المكسيك، أواخر تسعينات القرن الـ20، وتزوجت من مهاجر غير شرعي وأنجبت ابنتين.
وفي الأشهر التي سبقت انتخابات نوفمبر، بدأت تشعر بالقلق، فقامت بتعليم ابنتها الكبرى القيادة وأخبرت ابنتيها أن تكونا مستعدتين للانتقال للعيش مع أقارب قانونيين في المنطقة في حالة عدم عودتها إلى المنزل يوماً ما.
وأفادت ماريا في مقابلة أجريت معها في منزلها: «نعلم منذ اللحظة التي عبرنا فيها بشكل غير قانوني أنه من المتوقع إعادتنا من حيث أتينا في أي لحظة».
وقالت ابنتها الكبرى، التي تدعى ماريا أيضاً، إنها تخطط لدراسة قانون الهجرة لإعادة والدتها في حالة ترحيلها، مضيفة: «أريد والدتي أن تكون معي عندما أتخرج وأتزوج، وأن أكمل جميع مراحل حياتي».
مأزق
من جهتها قالت لورا (35 عاماً)، وهي مقيمة أخرى في وادي ريو غراندي، وتشعر بأنها في مأزق مماثل، إنها كانت تعيش على طول الحدود مع تكساس منذ أن كانت طفلة.
وتتذكر لورا ما حدث معهم قبل سنوات عديدة، عندما أخبرتها والدتها بأنها تريد أن تقدم لها ولإخوتها حياة أفضل من تلك التي عاشوها في ماتاموروس بالمكسيك، حيث سحبتها والدتها هي وشقيقيها ليعبروا نهر ريو غراندي باستخدام إطار سيارة.
وقد تزوجت لورا، التي تعمل الآن كاتبة في عيادة طبية، من مواطن أميركي، وأنجبت طفلين في البلاد، يبلغان من العمر ثلاث و10 سنوات، حيث أصبح لديها وضع قانوني محدود، وفقاً لما وفره لهم برنامج من عهد الرئيس السابق باراك أوباما المعروف باسم «الإجراء المؤجل للقادمين في مرحلة الطفولة»، والذي يهدف إلى حماية الشباب الذين تم جلبهم إلى الولايات المتحدة وهم أطفال.
لكن تفويض هذا البرنامج ينتهي في غضون شهرين، وهي ليست واثقة بأن ترامب سيبقي البرنامج قائماً.
وتدرس محكمة الاستئناف الأميركية للدائرة الخامسة طعناً قد ينهي هذا برنامج، وقالت لورا: «لا أريد حتى التفكير في ترك طفلَي ورائي إذا كان علي العودة إلى أرض لم أعد أعرفها».
مجتمعات الحدود
ويبدو أن مجتمعات الحدود في تكساس تشعر بنفاد صبر متزايد بشأن المهاجرين غير الشرعيين.
وقالت توني تريفينو التي تقود الحزب الجمهوري في مقاطعة ستار على طول الحدود: «أعتقد أن الأشخاص الذين هم مواطنون أميركيون، وأنا أتحدث عن معظم سكاننا، يرون أنه يجب تطبيق قوانين الهجرة».
وأضافت تريفينو أن المهاجرين مرحب بهم طالما اختاروا المسار القانوني، مشيرة إلى أنه في حالة مثل حالة ماريا، فإن أولادها يمكنهم تقديم التماس لعودتهم بشكل قانوني إذا تم ترحيلها.
وقد أصبحت المخاوف من إمكانية فصل بعض الأسر المختلطة واضحة خلال اجتماع نظمه أخيراً ناشطون من منظمة «لا يونيون ديل بويبلو إنتيرو» في مدينة سان خوان الحدودية في تكساس.
وقالت الناشطة إليزابيث رودريغيز التي تعمل مع عمال المزارع المهاجرين: «يشعر العديد من الأطفال بالرعب من أنهم سيعودون إلى المنزل من المدرسة ليجدوا منزلهم خالياً، لأن والديهم قد تم ترحيلهم».
وتابع حشد متوتر من المهاجرين منظمي الاجتماع وهم يعرضون سلسلة من الرسومات التي تهدف إلى تثقيفهم حول حقوقهم كمهاجرين غير موثقين.
ولعب أحد الأشخاص دور ضابط شرطة وآخر دور مهاجر تم القبض عليه في نقطة تفتيش مرورية.
تحذير
وحذر مدير المنظمة خواكين غارسيا الجمهور من أن المهاجرين غير الشرعيين عليهم توخي الحذر الشديد بحلول 20 يناير عندما يعود ترامب إلى البيت الأبيض، مؤكداً على ضرورة أن يكونوا مقيمين قانونيين في الولايات المتحدة.
وقال إنه يتعين عليهم بذل كل ما في وسعهم لتجنب التفاعل مع الشرطة المحلية والولائية وشاحنات دورية الحدود الخضراء والبيضاء المنتشرة في كل مكان والتي يمكن رؤيتها في كل منعطف تقريباً في مدن الحدود في تكساس.
وطمأن غارسيا الحشد بأن لديهم الحق في التزام الصمت، والحق في الاتصال بمحامٍ للهجرة والحق في طلب جلسة استماع أمام قاضي الهجرة.
كما حذرهم من التوقيع على أمر ترحيل طوعي، حتى لو تعرضوا لضغوط للقيام بذلك.
وأصدر غارسيا تعليمات للمهاجرين بوضع خطة في حال وجدوا أنفسهم في سجن الهجرة، بما في ذلك تأمين توكيل رسمي لمنح حضانة أطفالهم لمقيم قانوني حتى لا ينتهي بهم الأمر في رعاية حاضنة.
تسوية
وتساءل أحد الرجال عما إذا كان من الأفضل للأشخاص المعرضين لخطر الترحيل أن يحزموا حقائبهم ويعودوا إلى بلدهم الأصلي لتجنب الاحتجاز خلف القضبان، قائلاً: «لماذا تنتظر حتى يتم ترحيلك؟ لأنهم سيرحلونك على أي حال». وأكدت بريتاني (22 عاماً)، أنها مواطنة أميركية، لكنها تخشى على زوجها، المهاجر المكسيكي الذي كان يقاوم أمر الترحيل.
وقالت إنها كانت تتصل بمحاميها المتخصص في الهجرة كل يوم تقريباً للمطالبة بالتحديثات، موضحة أنه قيل لها إن زوجها قد يكون لديه طريق للإقامة القانونية لأنه متزوج منها ولديهما طفلان مولودان في أميركا، لكنها تخشى أنه عندما يعود ترامب إلى منصبه قد تتبخر هذه الحماية ببساطة، وأضاف: «أحاول فقط تسوية وثائق زوجي قبل يناير. في هذه المرحلة نصلي من أجل معجزة لإبقاء عائلتنا معاً».
عن «نيويورك تايمز»
رئيسة المكسيك تحاول استرضاء ترامب
تحاول المكسيك جاهدة منع حدوث أزمة على حدودها مع الولايات المتحدة قبل تولي الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، ولايته الثانية التي تعهد خلالها بترحيل جماعي للمهاجرين.
وتقدر السلطات الأميركية أن هناك نحو 11 مليون شخص غير مرخص لهم يعيشون في الولايات المتحدة، معظمهم من المكسيك وأميركا الوسطى.
وكان ترامب هدد، الشهر الماضي، بفرض رسوم جمركية باهظة بنسبة 25% على الواردات من المكسيك بسبب تدفق المهاجرين وكذلك الاتجار بالمخدرات.
وتحاول الرئيسة المكسيكية، كلوديا شينباوم، استرضاء ترامب من خلال منع المهاجرين من الوصول إلى الحدود بين البلدين.
وتحدثت مع ترامب، في 27 نوفمبر الماضي، مشيرة إلى أنها أوضحت أنه بموجب استراتيجية حكومتها، يتم «الاهتمام» بقوافل المهاجرين قبل الوصول إلى الحدود.
وكانت قوافل عدة من المهاجرين غادرت جنوب المكسيك إلى الحدود الأميركية منذ نوفمبر، وفي معظم الحالات بعد الحصول على تصاريح للبقاء في البلاد. وقالت مديرة مكتب المكسيك في منظمة «ولا»، ستيفاني بروير، وهي منظمة مقرها الولايات المتحدة تعمل على تعزيز الحقوق في الأميركتين، إن المكسيك تطبق سياسة «احتواء واستنزاف (المهاجرين). ومنذ تولي شينباوم منصبها في الأول من أكتوبر، اعترضت السلطات المكسيكية ما يقرب من 5400 مهاجر غير موثق يومياً».
وهذا أعلى من 3400 مهاجر غير شرعي تم اعتراضهم في نهاية ولاية سلفها أندريس مانويل لوبيز أوبرادور، كما أظهرت أرقام رسمية في الثالث من ديسمبر. وخلال ولاية ترامب الأولى، نشر لوبيز أوبرادور آلاف حرس الحدود لمنع المهاجرين من أميركا الوسطى من الوصول إلى الأراضي الأميركية، ما أسعد الجمهوريين، لكن الكثير من المهاجرين الذين اندفعوا نحو الحدود الأميركية في محاولة دخول الولايات المتحدة قبل بدء ولاية ترامب الثانية، كما توقع بعض الناشطين، لم يحالفهم الحظ في الدخول. عن «وول ستريت جورنال»
تغير المناخ يسهم في زيادة الهجرة
تسهم الظروف الجوية المتطرفة في الهجرة غير الشرعية بين المكسيك والولايات المتحدة، ما يشير إلى أن المزيد من المهاجرين قد يخاطرون بحياتهم عند عبور الحدود مع تغير المناخ وانتشار الجفاف والعواصف وغيرها من المصاعب، وفقاً لدراسة جديدة.
ويعتبر المهاجرون من المناطق الزراعية في المكسيك أكثر عرضة لعبور الحدود بشكل غير قانوني بعد الجفاف، وكانوا أقل احتمالية للعودة إلى مجتمعاتهم الأصلية عندما استمر الطقس المتطرف، وفقاً لبحث أجرته مجلة «بروسيدنجز أوف ناشيونال أكاديمي أوف سايانس».
في المكسيك، وهي دولة يبلغ عدد سكانها ما يقرب من 130 مليون نسمة، أدى الجفاف إلى نقص حاد في المياه وخفض إنتاج الذرة بشكل كبير، ما هدد سبل العيش.
وقال الباحثون إن المكسيك دولة بارزة لدراسة الروابط بين الهجرة والعودة وضغوط الطقس.
ومن المرجح أن تدمر الظروف الجوية المتطرفة اقتصادات المجتمعات الريفية التي تعتمد على الزراعة المطرية. كما تشهد الولايات المتحدة والمكسيك أكبر تدفق للهجرة الدولية في العالم.
ويتوقع العلماء زيادة الهجرة مع ارتفاع درجة حرارة الكوكب على مدار الـ30 عاماً المقبلة. ومن المرجح أن يهاجر 143 مليون شخص في جميع أنحاء العالم من بيئاتهم بسبب ارتفاع منسوب مياه البحار والجفاف ودرجات الحرارة المرتفعة والكوارث المناخية الأخرى، بحسب تقرير اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة. عن «سي إن إن»
. آلاف المهاجرين غير الشرعيين عاشوا فترة طويلة في عالم وُصف بـ«السفلي» على طول حدود تكساس مع المكسيك.