حظي اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله اللبناني بدعم من القادة الإسرائيليين، كما أشار قادة حزب الله إلى دعم مبدئي للاتفاق الذي توسطت فيه الولايات المتحدة.
وتثير هذه المواقف الأولية الآمال بوقف الحرب، لكنها تجدد الأسئلة الصعبة في منطقة تجتاحها الصراعات، فهل ينهي الاتفاق القتال الذي دام أكثر من عام عبر الحدود، والذي قتلت القوات الإسرائيلية خلاله أكثر من 3700 شخص، غالبيتهم مدنيون، ودفعت أكثر من 1.2 مليون لبناني و50 ألف إسرائيلي إلى الفرار من منازلهم؟
ويرى مراقبون أن الاتفاق، الذي دخل حيز التنفيذ في الساعة الرابعة صباح اليوم الأربعاء (الثانية فجرا بتوقيت غرينتش)، قد يهدئ بشكل مؤقت التوترات التي أشعلت المنطقة، إلا أنه قد لا يفعل الكثير بشكل مباشر لحل الحرب الأكثر دموية التي اندلعت في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ويأتي الاتفاق بعد أشهر من القصف عبر الحدود، وتستطيع إسرائيل أن تزعم “تحقيق انتصارات كبرى”، منها اغتيال زعيم حزب الله، حسن نصر الله، ومعظم كبار قادته وتدمير البنية التحتية للحزب على نطاق واسع.
كما أثار الهجوم المعقد في سبتمبر/أيلول، الذي شمل انفجار مئات من أجهزة الاتصال اللاسلكي وأجهزة النداء التي يستخدمها حزب الله، الشكوك بشأن اختراق ملحوظ للحزب، لذلك يرى البعض أن الضرر الذي لحق بحزب الله لم يقتصر على صفوفه، بل شمل السمعة التي بناها من خلال قتال إسرائيل حتى حرب عام 2006.
وعلى الرغم مع ذلك، تمكن مقاتلو الحزب من إظهار مقاومة شديدة على الأرض، مما أدى إلى إبطاء تقدم إسرائيل مع الاستمرار في إطلاق عشرات الصواريخ والقذائف والطائرات المسيرة عبر الحدود كل يوم.
لذلك يعتقد المراقبون أن وقف إطلاق النار يوفر الراحة لكلا الجانبين، مما يمنح جيش إسرائيل المنهك استراحة، ويسمح لقادة حزب الله بالتفاخر بالحفاظ على أرضهم، على الرغم من الميزة الهائلة التي تتمتع بها إسرائيل في الأسلحة.
وإليك ما يجب أن تعرفه عن اتفاق وقف إطلاق النار المؤقت وتداعياته المحتملة:
شروط الاتفاق
يدعو الاتفاق إلى وقف القتال لمدة 60 يوما، مما يعني انسحاب القوات الإسرائيلية إلى جانبها من الحدود مع إلزام حزب الله بإنهاء وجوده المسلح في مساحة واسعة من جنوب لبنان. وقال الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن إن الاتفاق “صُمم ليكون وقفا دائما للأعمال العدائية”.
وبموجب الاتفاق، من المقرر نشر آلاف من أفراد الجيش اللبناني، وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (اليونيفيل) في المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني. وستراقب لجنة دولية بقيادة الولايات المتحدة امتثال جميع الأطراف للقرار.
وبينما طالبت إسرائيل بـ”الحق في التصرف” إذا انتهك حزب الله التزاماته، رفض المسؤولون اللبنانيون كتابة ذلك في الاتفاق. وأكد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أمس أن الجيش الإسرائيلي سيضرب حزب الله إذا لم يتوفر “تطبيق فعال للاتفاق”.
عدم اليقين
وقال أحد زعماء حزب الله إن دعم الحزب للاتفاق يتوقف على التأكيد أن إسرائيل لن تجدد هجماتها. وفي حديثه لقناة الجزيرة أمس قال محمود قماطي، نائب رئيس المجلس السياسي لحزب الله، “بعد مراجعة الاتفاق الذي وقعته حكومة العدو، سنرى ما إذا كان هناك تطابق بين ما ذكرناه وما اتفق عليه المسؤولون اللبنانيون.. نريد نهاية للعدوان بالطبع، ولكن ليس على حساب سيادة الدولة في لبنان”.
من جهته، قال كبير الدبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، أمس إن “المخاوف الأمنية الإسرائيلية تمت معالجتها في الاتفاق الذي توسطت فيه فرنسا أيضا”.
إجابات لغزة
حتى الآن، أصر حزب الله على أنه لن يوقف هجماته على إسرائيل إلا عندما توافق على وقف القتال في غزة. ومن المرجح أن ينظر البعض في المنطقة إلى الاتفاق بين الحزب وإسرائيل على أنه “استسلام”.
وفي غزة، حيث يقول المسؤولون إن العدوان الإسرائيلي المتواصل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 أسفر عن استشهاد أكثر من 44 ألف فلسطيني، يرى الجيش الإسرائيلي أنه ألحق خسائر فادحة بحركة المقاومة الإسلامية (حماس) بما في ذلك اغتيال كبار قادتها.
لكن مقاتلي الحركة يواصلون احتجاز عشرات الأسرى الإسرائيليين، مما يمنح الجماعة المسلحة ورقة مساومة إذا استؤنفت مفاوضات وقف إطلاق النار غير المباشرة. ومن المرجح أن تستمر حماس في المطالبة بهدنة دائمة، وانسحاب إسرائيلي كامل من غزة في أي اتفاق من هذا القبيل.
وقدم رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، الذي يأمل في حكم القطاع مرة أخرى كجزء من دولة فلسطينية مستقلة، تذكيرا واضحا أمس بصعوبة الحرب، مطالبا بـ”تدخل دولي عاجل”.
وقال في كلمة أمام الأمم المتحدة تلتها سفيرته إن “السبيل الوحيد لوقف التصعيد الخطير الذي نشهده في المنطقة، والحفاظ على الاستقرار والأمن والسلام الإقليمي والدولي، هو حل القضية الفلسطينية”.