بإصرار على تعزيز الركائز الثقافية العربية وتنميتها وترسيخها لدى فئة الأطفال، تم إطلاق أول مركز باللغة العربية للطفولة المبكرة في دبي، تحت إدارة الإماراتية رفيعة أحمد بن بيات، يضم حضانة ورياض أطفال، ويحمل اسم «الأكاديمية العربية للصغار»، وقد نجح المشروع التربوي الطموح بجدارة، منذ انطلاقه بداية العام الجاري، وبفرعيه الأول في منطقة «ند الشبا» والثاني في «عود المطينة»، في تكريس بصمة فارقة، لفتت إليه أنظار واهتمام الأهالي الراغبين في تنمية لغة أطفالهم العربية، والنهل من أصول العلم والمعرفة والتربية السليمة، التي أضافتها تجربة الأكاديمية إلى ألق صون لغة الضاد، وتكريس مكانتها الأثيرة في بناء مستقبل أجيال الغد.
قيم ومبادئ
في بداية حديثها عن فكرة هذا المشروع، قالت رفيعة بن بيات إن تجربة الأكاديمية العربية للصغار «تحمل رؤية تربوية وثقافية تنويرية جلية المعالم، طموحة المخرجات، تتجسد في إيجاد بيئة سعيدة، آمنة ومحفّزة للتعلم والاكتشاف، وفق معايير عالية في الصحة والسلامة، من خلال مرافق مجهزة بأحدث الوسائل التربوية، وكادر تربوي متخصص في الطفولة المبكرة، يسهم بشكل تأطيري فعال في تنمية مهارات الطفل الإبداعية، عبر تطبيق نهج الطفل الشمولي».
وتابعت بن بيات أن الأكاديمية العربية للصغار، انطلقت مع بداية العام الجاري «واضعة نصب أعينها تربية جيل إماراتي يهتم باللغة العربية، ويحترم القيم الإسلامية والهوية الإماراتية والعربية التي تشكل مصدر فخر للجميع، وعلامة فارقة في مسيرة الأفراد الإنسانية، لما قدمته من إنجازات وشواهد يجب على الجيل الجديد أن يتعرف إليها ويتمثل خطاها».
«فراشات» و«نحل» و«غزلان»
وعن الفئات العمرية التي تستقطبها تجربة الأكاديمية اليوم، أكدت بن بيات أن الأكاديمية تحتضن الصغار من عمر 45 يوماً إلى عمر ست سنوات، لتضم فئة الأطفال الرضع أو «الفراشات» من عمر 45 يوماً إلى 11 شهراً، وفئة «النحل» ما بين عام واحد وعامين، وصولاً إلى فئة الأطفال الأكبر سناً وهي فئة «العصافير» ما بين العامين والثلاثة أعوام، وفئة «الغزلان» وهم الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة ما بين عمر ثلاثة وأربعة أعوام، في الوقت الذي تضم فيه فئة الروضة الأولى «الصقور» ما بين عمر أربعة وخمسة أعوام، وفئة الروضة الثانية «الفرسان» ما بين خمسة وستة أعوام.
وفي ما يتعلق بالنموذج التعليمي المعتمد في الأكاديمية، أشارت بن بيات إلى اعتماد الأكاديمية على نموذج المنهج الإبداعي المعتمد من قبل هيئة المعرفة والتنمية البشرية في دبي، والذي يعد بحثاً إبداعياً شاملاً ونظاماً قائماً على الدراسة، يهتم بالتركيز على الفهم الأساسي لجوانب تنمية الطفل، ومعرفة كيفية تطور الأطفال وتعلمهم الخصائص والتجارب التي تنمي أبرز الجوانب الفريدة في شخصيتهم، مع المحافظة على خصوصية كل شخصية على حدة، إضافة إلى خلق بيئة تعليمية غنية وسريعة الاستجابة من خلال جدول يومي وخطة أسبوعية واضحة، تراعي أهداف التنشئة الإبداعية ومراحلها، منوهة بالقول «نحرص كل صباح على القيام بعدد من الأنشطة والفعاليات التي تنطلق مع طابور الصباح، بقراءة سورة الفاتحة والنشيد الوطني، مروراً بوقت الفطور وآداب الطعام والبسملة، والتي نهدف من خلالها إلى تنشئة الأطفال على عدد من المبادئ والسلوكيات اليومية الحميدة، إضافة إلى اهتمامنا بتعزيز ثقافتهم الإسلامية من وقت إلى آخر من خلال تعليمهم مبادئ الوضوء والصلاة، وحفظ ما تيسر من آيات الذكر الحكيم، كل بحسب عمره».
وتابعت «تضم الأكاديمية عدداً كبيراً من الأنشطة الترفيهية والتفاعلية، حيث يمكن للأطفال من خلال غرف خاصة، تنمية مواهبهم ومداركهم المعرفية»، ويأتي ذلك ضمن تجارب غرف مثل غرفة «لغتي العربية» التي تهتم بالتنمية اللغوية والتواصل والتعبير، وغرفة اللغة الإنجليزية، وغرفة «فن الحياة» المخصصة للتنمية العاطفية والنفسية والاجتماعية، وغرفة «علماء المستقبل» الموجهة لتنمية الفكر العلمي، في حين تختص غرفة «الأبطال» بالتنمية البدنية، وغرفة «المهارات» بالتنمية الذهنية والرياضيات، وصولاً إلى غرفة «المبدعون» التي تسعى بالدرجة الأولى إلى تنمية الحس الإبداعي والتذوق الجمالي والفني لدى الأطفال.
إنجازات فريدة
وحول ردود الأفعال ومدى تجاوب أهالي الأطفال مع هذه التجربة التربوية المتفردة في الإمارات، أكدت رفيعة بن بيات على الإنجاز الكبير الذي حققته الأكاديمية منذ انطلاقها في المجال، قائلة «أعتقد أننا حققنا إلى اليوم إنجازاً كبيراً، تتضح ملامحه في ما لمسناه ولانزال نلمسه إلى اليوم، من إقبال كبير من قبل الأهالي على تسجيل أبنائهم، وذلك بعد أن استوعبوا تفاصيل تجربة المركز وأهدافها، واكتشفوا مستوى كادرنا التربوي والتعليمي العالي الذي يتحدث العربية الفصحى، ويتمتع بخبرات أكاديمية وشهادات تخصصية رفيعة المستوى».
الهوية الوطنية أولاً
في معرض حديثها عن مشروعها الطموح، حرصت رفيعة بن بيات على الإشارة إلى اهتمام «الأكاديمية» الكبير بتعزيز قيم التراث والهوية الوطنية، وتكريس مفاهيمها لدى الأطفال، وذلك من خلال تجارب العديد من الأنشطة التي تسلط الضوء على العادات والتقاليد الإماراتية الأصيلة، ومواكبة فعاليات اليوم الوطني، وأبرز المناسبات الدينية الخاصة، مثل «المخيم الرمضاني» و«حق الليلة» و«يوم العلم»، وغيرها من الفعاليات التي تسهم في التعريف بالأزياء المحلية والأطعمة التقليدية، وغيرها من مكونات التراث والهوية، قائلة «نراهن انطلاقاً من الطفولة، على بناء المواطن الإماراتي المسؤول، المبتكر والخلاق، المتمسك بهويته الوطنية وجذوره، المحب لوطنه، والمؤمن بهويته ولغته العربية، والمتمسك بقيمه وأخلاقه الإسلامية».
حلم المدارس العربية
أعربت رفيعة بن بيات عن امتنانها للدعم الكبير الذي تلقاه المشروع منذ انطلاقه، من لدن القيادة الرشيدة والشيوخ الكرام والهيئات الحكومية المساندة، وأبرزها هيئة المعرفة والتنمية البشرية بدبي، مشيدة في الوقت نفسه بموقف الأهالي الذين تحمسوا لهذه المبادرة، وآمنوا بها، وأسهموا في توسيع صداها الإيجابي وألق حضورها في الإمارات، قائلة «نرفع دائماً سقف الطموحات والآمال في أن تتوسع فروعنا لتصل إلى جميع إمارات دولتنا الحبيبة، لأن أطفالنا يستحقون الالتحاق بمدارس وأكاديميات تعليمية مرموقة، تركز بالدرجة الأولى على اللغة العربية، كما نتشبث بحلم الارتقاء بتجربة الحضانة ورياض الأطفال، لتأسيس مدارس باللغة العربية تواكب مختلف المراحل التعليمية للجيل الإماراتي الصاعد».