بعد طول ترقب وانتظار للمناظرة بين المرشحين الديمقراطية، كامالا هاريس، والجمهوري دونالد ترامب، في ظل سباق محموم نحو كرسي البيت الأبيض بعد أقل من شهرين، خرج المرشحان إلى العلن عبر بوابة شبكة «إيه بي سي»، والتي تابعها عشرات ملايين الأمريكيين عبر الشاشات.
وأجبرت هاريس خصمها ترامب على اتخاذ موقع الدفاع بعد أن هاجمته بقوة في عدة ملفات، إذ ردت بنظرات ساخرة في البداية، وسرعان ما أثارت غضبه بقولها، إنها تمثل انطلاقة جديدة بعد فوضى ولايته الرئاسية الأولى، مضيفة: لن نعود إلى ذلك. وأشارت هاريس إلى أن ترامب مجرم مدان ومتطرف، مشيرة إلى أن المأساة تكمن في كونه استخدم طوال مسيرته العرق لقسمة الشعب الأمريكي. وأشارت هاريس إلى أن مسؤولي ترامب السابقين في البيت الأبيض اعتبروه وصمة عار، قائلة إن قادة العالم يسخرون من دونالد ترامب. ورأت أن ترامب سيسلم أوكرانيا إلى الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين.
وأشارت إلى أن من أسمتهم الطغاة والمستبدين يحبذون عودة ترامب رئيساً. وفيما قال ترامب إن بإمكانه إنهاء الحرب في أوكرانيا باتصال هاتفي مع بوتين، اتهم منافسته بكره إسرائيل، التي ستزول في غضون عامين حال انتخابها رئيسة، على حد قوله، نفت هاريس الاتهام، مشيرة إلى أنها دعمت إسرائيل طوال حياتها ومسيرتها المهنية.
وشكل ملف الإجهاض محور تبادلات حادة بين المرشحين، ففيما شدد ترامب على أنه دفع باتجاه منع حق الإجهاض على الصعيد الفدرالي، وترك كل ولاية تعتمد سياساتها الخاصة في هذا الشأن، شددت هاريس على أن ترامب ينشر شبكة من الأكاذيب، وأن سياساته على هذا الصعيد مهينة لنساء أمريكا. ورداً على اتهام هاريس لترامب بأن الناس في تجمعاته الانتخابية غالباً ما يغادرون مبكراً بسبب الإرهاق والملل، قال المرشح الجمهوري: «حشودنا هي الأكبر والأكثر روعة في تاريخ السياسة».
اتهام
واعتبر ترامب أن المناظرة كانت الأفضل له على الإطلاق، متهماً مذيعي الشبكة التلفزيونية اللذين أدارا الحوار بالتحيز ضده. وكتب ترامب على وسائل التواصل الاجتماعي: «أعتقد أن هذه كانت أفضل مناظرة لي على الإطلاق، خاصة أنها كانت مواجهة بين ثلاثة ضد واحد!». وقال ترامب إن الانتقادات التي وجهها إليه خصومه واتهامه بأنه يشكل خطراً على الديمقراطية كادت تكلفه حياته، مضيفاً: «كنت على الأرجح سأتلقى رصاصة في رأسي، بسبب الأشياء التي يقولونها عني.. يتحدثون عن الديمقراطية، إنني تهديد للديمقراطية.. هم التهديد للديمقراطية».
رفض اعتراف
وفيما ذكرت هاريس خصمها الجمهوري بأنه يخوض الانتخابات ضدها وليس ضد الرئيس جو بايدن، بعد هجوم شنه على الرئيس المنتهية ولايته، رفض ترامب مجدداً الاعتراف بهزيمته في الانتخابات الرئاسية قبل 4 سنوات، مكرراً مزاعمه بشأن تزوير نتيجة الانتخابات. وانتهر ترامب منافسته، لمحاولتها مقاطعته، بينما كان يتكلم خلال المناظرة، مستخدماً عبارة ضمّنها إشارة واضحة إلى توبيخها نائب الرئيس السابق مايك بنس قبل 4 سنوات، خلال مناظرة جرت بينهما حينها. وقال ترامب: «انتظري دقيقة، أنا أتحدث الآن، إذا لم تمانعي، من فضلك!»، قبل أن يضيف: «هل يبدو لك هذا مألوفاً؟ في إشارة إلى المناظرة، التي جرت بين هاريس وبنس».
سجال
وفيما اتهم ترامب هاريس بأنها ماركسية لا تمتلك برنامجاً اقتصادياً، وأنها نسخت برنامج الرئيس جو بايدن، وليس لديها خطة لخفض الضرائب، نفت المرشحة الديمقراطية الاتهامات بقولها إن لديها خططاً لخفض الضرائب، وإن إدارة بايدن اضطرت إلى تنظيف الفوضى، التي خلفها ترامب من كساد عظيم وأسوأ جائحة صحية منذ قرن، وأسوأ هجوم على الديمقراطية. وشن ترامب هجوماً شرساً على المهاجرين، مكرراً اتهامات بأن وافدين جدداً من هايتي إلى ولاية أوهايو الأمريكية يأكلون قطط السكان، رغم نفي رئيس بلدية مدينة سبرينغفيلد هذه القصة وألا أساس لها من الصحة.
وبعد فترة قصيرة من انتهاء المناظرة، أعلنت المغنية الأمريكية الشهيرة، تايلور سويفت، تأييدها كامالا هاريس، فيما توعدها ترامب بدفع ثمن دعمها للمرشحة الديمقراطية.
خيبة أمل
بدورهم، أعرب أعضاء الحزب الجمهوري في مجلس النواب الأمريكي، عن أسفهم بشأن أداء ترامب في المناظرة. ووفق ما ذكر موقع ذا هيل الأمريكي فإن بعض الجمهوريين اعتبروا أن هاريس نجحت في استفزاز ترامب، ما أثر على أدائه وجعله أقل فعالية مما كان متوقعاً. وقال أحد أعضاء مجلس النواب الجمهوريين: «أنا حزين للغاية.. لقد كانت تعرف بالضبط أين تتدخل لتزعج ترامب.. الأمر مخيب للآمال بشكل عام، لأنه لم يكن أكثر هدوءاً مثل المناظرة الأولى، الطريق أصبح ضيقاً للغاية، وهذا ليس جيداً».
نتائج
كما أظهر استطلاع لرأي المشاهدين، أن كامالا هاريس هي الأوفر حظاً من خصمها دونالد ترامب، وذلك عقب المناظرة الرئاسية التلفزيونية. ومن بين المشاركين في الاستطلاع، أعرب 45 % عن آراء إيجابية لهاريس مقابل 39 % لترامب.
استياء روسي
في الأثناء، أبدى الكرملين استياءه من طريقة الحديث عن روسيا في المناظرة، قائلاً إنه لم تعجبه الطريقة التي تم بها تداول اسم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين. ورد الكرملين على تصريح ترامب بأنه يمكنه إنهاء الحرب في أوكرانيا باتصال هاتفي مع بوتين قائلاً: «مثل هذا الاتصال لن ينهي أي شيء، ما قد يساعد في إنهاء الصراع هو توقف الولايات المتحدة عن استخدام أوكرانيا كوسيلة لإضعاف روسيا».