أثارت حالة الإضراب التي تمر بها إسرائيل، وبخاصة بعد العثور على جثث 6 من الأسرى الإسرائيليين المحتجزين، انقساماً غير مسبوق في الشارع والمؤسسات كما في المستوى القيادي على حد سواء، وذلك بالتزامن مع ضغط مصدره أمريكا التي قال رئيسها جو بايدن إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو لا يقوم بما يكفي لاستعادة الأسرى، الأمر الذي أثار رداً غاضباً فورياً من إسرائيل.
بايدن قال أمس، إنه على وشك تقديم اقتراح نهائي لاتفاق لإطلاق سراح أسرى محتجزين في غزة، كما نقلت عنه وكالة رويترز، وكان يتحدث للصحافيين في البيت الأبيض حول استعادة جثث الأسرى الستة، ومن بينهم هيرش غولدبرغ بولين، الأمريكي الإسرائيلي البالغ 23 عاماً. ولدى سؤاله بخصوص ما إذا كان يعتزم تقديم اقتراح نهائي لاتفاق للجانبين هذا الأسبوع، قال بايدن «نحن قريبون جداً من ذلك». وعندما سُئل عما إذا كان يعتقد بأن نتانياهو يبذل جهداً كافياً للتوصل لاتفاق، قال «لا».
وفيما اعتبر قيادي في «حماس» تصريحات بايدن اعترافاً بمسؤولية نتانياهو عن تعطيل الصفقة، نقلت «رويترز» عن مصادر إسرائيلية انتقادها لهذه التصريحات، قائلة «من اللافت للنظر» أن بايدن يضغط على نتانياهو، وليس على زعيم «حماس» يحيى السنوار، بشأن الجهود الرامية للتوصل لاتفاق في غزة. وأضافت إن تصريح بايدن خطير أيضاً لأنه جاء بعد أيام من «إعدام حماس» ستة أسرى ومن بينهم أمريكي، وفق المصادر.
ضغوط داخلية
يأتي هذا الموقف الأمريكي، في حين تتزايد الضغوط في إسرائيل على الحكومة من أجل إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، وفي ظل إضراب عام وتظاهرات في شوارع العديد من المدن.
وأثار العثور على الجثث الست غضباً عارماً حيث خرج آلاف الإسرائيليين إلى الشوارع في تل أبيب وفي القدس وغيرها من المناطق، غداة تظاهرات حاشدة الليلة قبل الماضية، للمطالبة بصفقة فورية.
وكان الاتحاد العام للعمال (هستدروت) دعا الأحد إلى إضراب عام، قبل أن تصدر محكمة إسرائيلية قراراً أمس، بوضع حدّ له، بناء على طلب من وزير المالية بتسلئيل سموتريتش. وشمل الإضراب وزارات المالية والداخلية والاقتصاد والصناعة والتعليم والصحة والدفاع وشركة الكهرباء والبريد وهيئة الطبيعة والمتنزهات ومؤسسة التأمين الوطني ومصلحة الضرائب. وأعلنت بلديات عدّة التزامها بالإضراب، ومنها تل أبيب وحيفا، وتأثرت وسائل النقل العام جزئياً بالإضراب، في حين لم تلتزم بلديات مثل القدس وعسقلان بالإضراب.
وأغلقت رياض الأطفال والجامعات أبوابها، فيما عملت المدارس الابتدائية والمتوسطة جزئياً، كما توقفت عمليات الإقلاع والهبوط في المطارات صباحاً، وعملت المستشفيات في وضع الطوارئ. وأفادت القناة الـ13، بأن رؤساء قطاع الأعمال أعلنوا انضمامهم إلى الإضراب، بينما معظم مراكز التسوق مغلقة.
في الوقت نفسه، خرجت مظاهرات بدعوة من أوساط اليمين والمستوطنين تدعو لمواصلة الحرب، ورفض أي صفقة توقف إطلاق النار.
غير مسبوق
الإذاعة الإسرائيلية، في توصيف جريء غير مسبوق كذلك، قالت إن إسرائيل منقسمة على نفسها ومفككة أكثر من أي وقت مضى، وإنه حتى يعود بقية الأسرى الـ101 الباقين في غزة، فإنه «لن تقوم قائمة لإسرائيل».
ولفتت إلى وجود خلافات حقيقية داخل حكومة نتانياهو، عمقت حالة الانقسام الواضحة، مشيرة إلى وجود خلافات بين يوآف غالانت، وزير الدفاع ونتانياهو، بشأن بقاء الجيش الإسرائيلي في محور فيلادلفيا جنوبي غزة.
ونوهت الإذاعة إلى وجود خلافات أيضاً حول مدى التعاطي مع صفقة تبادل أسرى، بدعوى أنه كان بالإمكان تجنب وجود قتلى بين صفوف الأسرى، لو تم التوقيع على اتفاق يقضي بعودتهم في سياق عملية تبادل.
نتانياهو الذي اعتبر الإضراب دعماً للسنوار، نقلت عنه صحيفة «يسرائيل هيوم» الإسرائيلية قوله إن حكومته ترغب في استعادة الأسرى الإسرائيليين، لكن من دون التخلي عن الوجود الإسرائيلي في محور فيلادلفيا جنوبي قطاع غزة.
ووسط خلافات باتت علنية مع نتانياهو، أكد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أمس، أنه لن يستقيل من منصبه العسكري، وذلك على خلفية تداول أنباء عن تقديمه لاستقالته. ونقلت «يسرائيل هيوم» عن غالانت في محادثة مغلقة لأعضاء من «الكنيست» الإسرائيلي، عدم اعتزامه الاستقالة من منصبه كوزير للدفاع.