أثار إعلان وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) اكتمال مهام الرصيف العائم، الذي أنشأته على ساحل غزة منتصف مايو/أيار الماضي لإيصال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، حفيظة الفلسطينيين الذين يتساءلون: هل القطاع الذي يموت جوعا لم يعد بحاجة للمساعدات؟
إذ لا يزال الفلسطينيون في مختلف أنحاء قطاع غزة يعانون ظروفا معيشية قاسية مع انتشار المجاعة جراء استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر/شرين الأول الماضي.
وفي الوقت الذي أعلن فيه الجيش الأميركي الأسبوع الماضي إنهاء عمل الرصيف العائم، حذرت 13 منظمة دولية وإنسانية من تفاقم الأوضاع الإنسانية في القطاع في ظل استمرار إسرائيل في حربها المدمرة وإغلاقها المعابر التي كانت تدخل منها المساعدات بما فيها معبر رفح.
وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي سيطر في السابع من مايو/أيار الماضي على معبر رفح، الذي كان يعد شريان الحياة الأساسي للسكان، مما زاد من حدة الأزمة الإنسانية في القطاع.
وفي ظل هذه الأوضاع الإنسانية القاسية، أعلن الجيش الأميركي إنهاء مهام الرصيف العائم.
“أكذوبة أميركية”
وحول إعلان واشنطن عن إدخال آلاف الأطنان من المساعدات إلى محافظتي غزة والشمال عبر الرصيف العائم، اعتبر المدير العام للمكتب الإعلامي الحكومي بالقطاع إسماعيل الثوابتة هذا الرصيف “أكذوبة وبيعا للوهم ومؤامرة واضحة فضحت النوايا الأميركية”، بحسب تعبيره.
وقال الثوابتة إن خطوة تفكيك الرصيف تُعد اعترافا ضمنيا بفشله فشلا ذريعا في كسر المجاعة وتقديم المساعدات للفلسطينيين بالقطاع، ولا تأتي بسبب اكتمال مهامه كما تدعي واشنطن.
وأضاف المسؤول الفلسطيني أنه على الرغم من الحصار المستمر على قطاع غزة منذ 18 عاما، فإنه كان يدخل يوميا قبل الحرب 600 شاحنة من البضائع والمساعدات.
وواجه الرصيف العائم، الذي بلغت كلفته 230 مليون دولار ونفذه الجيش الأميركي، صعوبات، وتعطّل مرارا.
وأكدت منظمات دولية وجهات فلسطينية رسمية مرارا أن ما دخل عبره من مساعدات لا يمثل سوى نسبة ضئيلة من احتياجات القطاع المحاصر.
مساعدات قليلة
من جهتها، قالت مديرة الإعلام بوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) إيناس حمدان إن شاحنات المساعدات التي تدخل عبر معبر كرم أبو سالم (جنوب شرق القطاع) قليلة جدا.
وأضافت حمدان أنه لا تزال هناك قيود إسرائيلية على وصول المساعدات إلى قطاع غزة، مشيرة إلى أن الأونروا تحتاج على الأقل إلى ما بين 500 و600 شاحنة يوميا.
وأشارت المسؤولة الأممية إلى أن المرافق الصحية للوكالة في قطاع غزة بحاجة ماسة للمستلزمات الطبية والأدوية لمواجهة المخاطر الصحية والأمراض المنتشرة، كما أنها بحاجة للوقود، وأشارت إلى وجود أزمة مياه حقيقية.
وقال مصدر مطلع في وكالة الأونروا إن 2435 شاحنة مساعدات دخلت إلى غزة منذ 7 مايو/أيار الماضي، منها 954 شاحنة لمحافظتي غزة والشمال، و1481 شاحنة إلى جنوب القطاع، مشير إلى أن تلك المساعدات لا تلبي الاحتياجات الملحة للسكان.
عرقلة إسرائيلية
وأكد المدير العام للمكتب الإعلامي الحكومي في غزة إسماعيل الثوابتة أن إسرائيل مستمرة في عرقلة دخول المساعدات إلى القطاع.
وقال الثوابتة إن 15 ألف شاحنة مساعدات لا تزال عالقة داخل معبر رفح، في حين تتكدس 600 ألف طن من المساعدات خارج بوابة المعبر، حيث يرفض الجيش الإسرائيلي إدخال أي منها إلى القطاع.
وأوضح أن ربع مليون فلسطيني يعيلون أسرهم في قطاع غزة فقدوا أعمالهم ووظائفهم منذ بداية الحرب، ويعتمدون هم وعائلاتهم (نحو مليوني شخص) على المساعدات بشكل أساسي.
وأكد المسؤول الفلسطيني أنه منذ 74 يومًا لم تدخل إسرائيل أي مساعدات إلى جنوب قطاع غزة، ومنذ أكثر من 80 يوما إلى الشمال، مشددا على أن السكان يعيشون مجاعة حقيقية ويتعرضون للتجويع.
شحنات محدودة
في المقابل، سمحت إسرائيل بإدخال شاحنات تجارية بكميات محدودة للتجار، ومنعت الطواقم الحكومية من متابعة هذا الملف أو تأمين هذه الشاحنات، بعد تعمد استهداف الأجهزة الأمنية التي كانت تقوم بتأمينها مرات عديدة، مما أسفر عن سقوط عشرات الضحايا.
وشرع تجار ولجان حماية غير حكومية وأبناء العائلات في تأمين هذه الشاحنات التجارية الواصلة إلى غزة، ولم تسلم هذه الجهات من الاستهدافات الإسرائيلية أيضا.
وفي السياق، اعتبر مدير مكتب الإعلام الحكومي في غزة إسماعيل الثوابتة أن عدم تمكن الطواقم الحكومية من القيام بمهمتها في تأمين الشاحنات التجارية سبب كارثة في القطاع، موضحا أن ما دخل غزة من شاحنات تجارية محدود ولا يكفي حاجة المواطنين.
وتستلم وكالة الأونروا شاحنات المساعدات وتوزعها في محافظتي غزة والشمال من خلال مقار ومخازن معروفة مسبقا وموزعة على مناطق وجود المواطنين والنازحين، وذلك بالتعاون مع اللجان المحلية التي تؤمن وصول المساعدات وتوزيعها.
وفي 13 مايو/ أيار الماضي، أعلن الجيش الإسرائيلي إنشاء معبر جديد قرب موقع زيكيم العسكري شمال غرب مدينة بيت لاهيا (شمال) لإدخال شاحنات المساعدات إلى محافظتي غزة والشمال، لتتوقف بعد أيام من بدء العملية العسكرية البرية الأخيرة في مخيم جباليا (شمال).