في أجواء تراثية تجسّد ملامح إماراتية أصيلة، قدم مسرح الشباب الوطني عرض «طوي غبيشة»، ضمن فعاليات «أيام الشندغة»، الذي تنظمه هيئة الثقافة والفنون في دبي (دبي للثقافة)، ليثري «أبوالفنون» فعاليات المهرجان بجرعة إضافية من المتعة، بين جنبات متحف الشندغة على خور دبي.

وفي إطار يجمع بين الكوميديا والدراما، فضلاً عن منح مساحات للغناء الشعبي، حمل العمل حكاية مسرحية قوامها عناصر التراث المحلي، بدءاً من السينوغرافيا، مروراً بالحكاية، وانتهاءً بالأزياء البحرية. ويرفد العمل الذي امتد ما يقارب الساعة، «أيام الشندغة» بفرجة إبداعية تسهم في صون التراث وتعميق علاقة الجمهور به.

وعبر لوحة غنائية بدأت مسرحية «طوي غبيشة»، ليبحر معها الحضور في حياة قرية ساحلية نائية، يعتمد فيها أهلها على بئر واحدة، ويكتسبون رزقهم منها، فتتصاعد الأحداث في القرية حين يستيقظ (أبوالهايات) بعد أن أبصر حلماً مزعجاً لثعبان، فيغرر به كل أصدقائه الذين يفسرون حلمه، كي يدّعي أن البئر مسمومة، وبالتالي يمكنه وحده الاستفادة من بيع مياه هذه البئر.

تتصاعد الأحداث الدرامية التي تقدم في العمل، والتي يدخلها الكثير من الكوميديا، وكذلك أنواع متباينة من الغناء، ومنها (السامري والخماري والفجيري)، عندما يكشف (شواف) والفتاة الكفيفة (غبيشة) كذب (أبوالهايات) بعد أن يذوقا مياه البئر دون أن يتعرضا لأي أذى.

وتميز العمل الذي قدم باللهجة المحلية، بقصته القريبة من الجمهور، والتي قدمت في إطار السهل الممتنع بما يتناسب مع المكان الذي يقدم فيه العرض.

 

حكاية شعبية

وحول هذا العمل، قال الفنان مرعي الحليان، الذي ألّف وأخرج العمل، لـ«الإمارات اليوم»: «تناولت في العرض أشعار الماجدي بن ظاهر، ولكن العمل كان طويلاً جداً، وقمت ببعض التعديلات عليه، فاختصاره كان مناسباً للمكان الذي سيقدم فيه، لاسيما أنه يُعرض في الهواء الطلق، وحذفت التفاصيل الخاصة بالطوي وحكايته، بهدف الاستغناء عن بعض السرد الدرامي، ورفع جرعة الكوميديا، كما عملت على إضافة الأغنيات التي تنتمي إلى أداء (السامري والفجيري) والموال البحري».

وأوضح أن «تقديم العمل في (أيام الشندغة) يأتي في إطار الخطة المتمثلة في ضرورة ذهاب المسرح إلى الجمهور، وكسر تقاليد الصالات الرخامية الباردة، وكذلك من منطلق أن العاملين في الحركة المسرحية منشغلون بالمهرجانات التي تقدم الجوائز، وبالتالي تكون أعمالهم أكاديمية ونخبوية وبعيدة عن الجمهور»، واصفاً العمل المقدم بكونه ينتمي إلى فئة المسرح الشعبي، الذي يُعرض في الساحات العامة والمباني التراثية والمتاحف.

 

الجمهور.. تعب

واعتبر الحليان أن العروض التي تقدم في الأماكن العامة، تتميز بكونها ذات تحدٍ جميل، فقد تم العمل كثيراً على بيئة العرض من خلال ديكور سهل النقل وشديد الطواعية، ومن الممكن نقله أو زيادة حجمه تبعاً للمكان، مع التنويه بأن الفرقة تمتلك الخبرة الكافية للتعاطي مع كل الظروف الخارجية.

وحول التوجه للكوميديا، رأى الفنان الإماراتي أن «الناس قد تعبت من الدراما، والمسرح يجب أن يكون متعة، ومن هذا المنطلق تم الابتعاد عن الدراما، وإضافة الغناء أيضاً الذي زاد جرعة فنية للعمل».

وشكر الحليان «دبي للثقافة» وإدارة متحف الشندغة على منحهما الفرصة لتقديم العمل، من خلال تهيئة كل الظروف وتقديم الدعمين المادي والمعنوي، مشيراً إلى أن دعم المؤسسات قادر على خلق حركة مسرحية قريبة من الناس، خصوصاً في موسم الشتاء، حيث يمكن التوجه للجمهور في الأماكن العامة.

 

دور «أبوالهايات»

ويشارك الممثل حسن يوسف في العمل بشخصية (أبوالهايات)، وهو الإنسان البسيط والغني الذي حفزه أعوانه للسيطرة على الطوي في الحي من خلال تجارته، بهدف سلب أموال السكان.

ووصف يوسف تقديم العمل في «أيام الشندغة» باللفتة المهمة من «دبي للثقافة»، خصوصاً أنه تم الاعتماد على نجوم لتقديم العرض، ما أوجد نوعاً من التحدي من أجل إثبات حضور المسرح هنا، لافتاً إلى أن تجاوب الجمهور كان مميزاً، وما يميز العمل في الأماكن العامة هو البحث عن الناس، ما يعزز التوأمة بين الخشبة والجمهور.

وبخصوص تحديات هذا النوع من العمل، أوضح يوسف أنها «ترتبط كثيراً بالأحوال الجوية، فمن الممكن أن يؤثر المطر أو الرطوبة في الديكورات، ولكن الجميل أن هذه الصعوبات يمكن تذليلها، مع الإشارة إلى أن خبرة التعاطي مع كل الأجواء هو الذي يمكنهم من إيجاد الحلول السريعة، كي يبرز الممثلون، ويقدموا العمل على نحو مثالي، ضمن (أيام الشندغة) الذي انطلق في 24 الجاري، ويستمر حتى الثالث من ديسمبر المقبل».


طاقم عمل

عمل الممثل والمخرج مرعي الحليان، على تأليف وإخراج «طوي غبيشة»، وشارك في التمثيل مع فريق من الفنانين، وهم: حسن يوسف، مبارك خميس، محمد إسحاق، ربيع الجربة، السادات حمد، عهود الجسمي، ويعقوب الياسي، فيما كانت سارة الأمين والطفلة ريم من الوجوه الجديدة في المسرح. وعمل على المؤثرات الضوئية إبراهيم حيدر، فيما كانت إدارة الإنتاج لخديجة العبدولي.


. حسن يوسف: تجاوب الجمهور كان مميزاً.. وحضورنا في (أيام الشندغة) لفتة مهمة.

. مرعي الحليان: الجمهور تعب من الدراما، والمسرح يجب أن يكون جرعة من المتعة.

. عبر لوحة غنائية بدأت المسرحية، ليبحر معها الحضور في حياة قرية ساحلية نائية.

3 ديسمبر المقبل تختتم فعاليات المهرجان، الذي ينظم في متحف الشندغة على خور دبي.

شاركها.