يواجه العراق وضعاً مائياً صعباً، وبما يثير مخاوف واسعة في صفوف العراقيين المحملين بأعباء وضغوطات هائلة أمام التحديات الناجمة عن نقص المياه ضمن أبرز المشكلات التي تواجه بغداد، وتعمل الحكومة على إيجاد حلول جذرية لها، من خلال التحركات الدبلوماسية مع دول الجوار، وكذلك إجراءات ومشاريع داخلية للتعامل مع تلك الأزمة في بلاد الرافدين.

تعود أزمة نقص المياه في العراق إلى أسباب رئيسية عدة، من بينها نقص الإمدادات من دول المنبع (تركيا وإيران وسوريا)، فضلاً عن شح الأمطار والتغيرات المناخية بما في ذلك ارتفاع درجات الحرارة وتبعات ذلك على الموارد المائية بالبلد، إضافة إلى سوء استخدام المياه.

ولخصت وزارة الموارد المائية العراقية، في بيان سابق نفت فيه صحة مزاعم عبور نهر دجلة مشياً على الأقدام التي نشرتها بعض المنصات، الإجراءات التي تتبعها الحكومة للتغلب على تلك الأزمة، من بينها العمل على اعتماد أساليب الري الحديثة في تنفيذ مشاريعها الإروائية، كمشروع التبطين باستخدام اللحاف الخرساني ووسائل أخرى، فضلاً عن حملات إزالة التعديات وتطهير الأنهار والجداول، وكذلك مطالبة تركيا بتأمين الحصص المائية من نهري دجلة والفرات، من خلال إرسال الوفود الفنية وبواسطة القنوات الدبلوماسية.

مسارات

تعكس تلك الخطوات جانباً مع السياقات الرئيسة التي تعتمد عليها حكومة محمد شياع السوداني، في إيجاد حلول لأزمة الجفاف وضعف إمدادات المياه من دجلة والفرات، وقد اتخذت مسارات عدة، أهمها حسب رئيس مركز الأمصار للدراسات الاستراتيجية، د. رائد العزاوي، محاولة إيجاد صيغة مع دول الجوار بشأن دجلة والفرات، توازياً مع جهود دبلوماسية هادفة للحفاظ على حصص العراق من النهرين. كما تعمل الحكومة في الأطر الدبلوماسية مع إيران من أجل فتح مصبات مياه الأنهار القادمة منها.

ويقول لـ «البيان» إن المشكلة الكبرى تتمثل في ارتفاع الحرارة مع الهدر الكبير للمياه بسبب عدم التقنين، فيما لم تسع الحكومة حتى الآن للاستفادة من كميات الأمطار التي تهطل على بغداد، ومن المياه الجوفية في بعض المناطق الغربية والجنوبية الغربية.

وتبعاً لذلك، يشدد العزاوي على ضرورة اتخاذ الحكومة إجراءات محددة لإنهاء المشكلة الأساسية (حسم الملف مع دول الجوار). ويوضح العزاوي، في حديثه لـ «البيان»، أن البيانات الحكومية تكشف سعي الحكومة للعمل على ترشيد المياه والاستفادة منها للزراعة، من عمليات التحلية من خلال مشروعين في البصرة ومشاريع أخرى.

ناقوس الخطر

وكان المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك، دق ناقوس الخطر الأسبوع الماضي، حين قال إن ما يواجهه العراق من ارتفاع في درجات الحرارة وجفاف هو بمثابة «إنذار» للعالم أجمع، حيث «الحقول جرداء ورازحة تحت وطأة الجفاف».

وتعكس تلك التحذيرات الأممية وغيرها خطورة الوضع في العراق، حيث تأتي أزمة نقص المياه هناك على رأس الأزمات التي تشغل العراقيين.

ويشير مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، د. غازي فيصل حسين، في تصريحات لـ «البيان»، إلى أن العراق يعاني من أزمة جفاف وتلوث بيئي ونقص المياه الحاد في الأنهار، بسبب شحها وانقطاعها من إيران وتركيا، إضافة إلى قلة الأمطار. ويشير إلى «عدم وجود استراتيجية وتخطيط علمي لمواجهة تحديات البيئة، والتحديات الاقتصادية الممثلة في شح المياه وغيرها».

شاركها.