من يرصد ردة فعل الشارع الفلسطيني، عقب قرار الرئيس، محمود عباس، إحالة عدد من المحافظين إلى التقاعد، لا بد له من أن يتلمس حالة الارتياح العام، ويقرأ الأمل في عيون الفلسطينيين، أن الإصلاح والتغيير، المطلب الملح للشعب، بات واقعاً ملموساً.

الفلسطينيون، يتطلعون لرؤية جيل جديد شاب يعتلي دفة المناصب الرفيعة في الدولة، ومع إقالة عدد من المحافظين في الضفة الغربية، وقطاع غزة، لا شغل لهم سوى الانتظار لمعرفة من سوف يخلفهم، وهل ستكون هذه الخطوة مقدمة لتذليل العقبات التي تعرض المطلب الآخر الأكثر إلحاحاً، بإجراء انتخابات عامة، وخصوصاً أن آخر حضور للعملية الديمقراطية، كان قبل ما يزيد على 17 عاماً؟

في زحمة تداعيات قرار الرئيس (أبو مازن)، جملة قضايا، تحتاج أولاً، وقبل كل شيء، إلى توافق فلسطيني داخلي، يصطف في مقدمتها الانتخابات البرلمانية (التشريعية)، والرئاسية، إضافة إلى قضايا أخرى، ذات علاقة، مثل توسيع رقعة العمل الديمقراطي، ليطال التغيير المجلس الوطني الفلسطيني، وأطر ومؤسسات منظمة التحرير الفلسطيني، باحتسابها ممثلاً شرعياً، ووحيداً، عن الشعب الفلسطيني.

ومن وجهة نظر مراقبين، المنتظر في المرحلة المقبلة، مناقشة ملف الانتخابات العامة، ولا سيما في ظل رغبة الفلسطينيين في تجديد شرعياتهم السياسية، والوطنية، بالتوازي مع ذلك، إعادة هيكلة المنظمة، لتنضوي على القوى السياسية كافة.

ومع أي خطوة للتغيير، يطغى الحديث في الشارع الفلسطيني عن ضرورة وأهمية الانتخابات، كوسيلة ديمقراطية، لتجديد الشرعيات السياسية، بينما يتمحور الترقب في كل ما يتصل أو يتفرع عن الانتخابات من تداعيات وضرورات، وأهمها كما يقول المحلل السياسي، هاني المصري، تعزيز مشاركة الشباب في مراكز صنع السياسات العامة، والإجماع الوطني لضمان نجاحها.

أما المحلل السياسي، محمد الدراغمة، فيفيد بأن قرار الرئيس الفلسطيني، تغيير غالبية المحافظين في الضفة الغربية، وقطاع غزة، ما هو إلا بداية لسلسلة تغييرات مرتقبة، تهدف إلى تحسين مكانة السلطة الفلسطينية، التي شهدت تصدعاً، وتراجعاً ملحوظاً في الآونة الأخيرة، بسبب غياب الانتخابات، ثم بقاء المسؤولين من وزراء، ومحافظين، وسفراء، في مواقعهم فترات طويلة، ليس هذا فحسب، فقد سجلت أيضاً ضد بعضهم في أثناء فترة عملهم اعتراضات شعبية كبيرة، على مواقف وممارسات بعينها.

في الإطار، يرى نشطاء فلسطينيون، أن المحافظين الذين أحيلوا إلى التقاعد، أمضوا سنوات طويلة في مواقعهم، وأظهرت الأحداث الأخيرة قصوراً في أداء بعضهم، كلجوء بعضهم إلى المقاربة الأمنية من دون أي حد من الدبلوماسية، وقيام بعضهم باستفزاز مشاعر المواطنين، ونهوض بعضهم الآخر بأنشطة اقتصادية تتناقض مع مهامهم الرسمية، الأمر الذي دفع الرئيس عباس إلى التغيير.

المطالبة بالتغيير، ترددت كذلك في أروقة الحكومة الفلسطينية، إذ طلب رئيس الحكومة، محمد إشتية، من الرئيس عباس، إجراء تعديل حكومي، وتغييرات واسعة، تشمل: وزراء، ومحافظين، وسفراء، وأعضاء في مجلس القضاء الأعلى.

ويعزو مراقبون السبب، علاوة على التصريحات السياسية لبعض المحافظين التي أثارت جدلاً واسعاً واعتراضات شعبية، وفشل بعض المسؤولين في إدارة مؤسساتهم، إلى فشل لقاءات الحوار الوطني الأخيرة إذ تفيد استطلاعات للرأي العام بتراجع لافت في مكانة السلطة الفلسطينية، وأجهزة الدولة لدى الشارع الفلسطيني، كما تشير الأرقام والإحصاءات، إلى وجود 35 سفيراً فلسطينياً تجاوزوا الـ70 من العمر، وأن نسبة كبيرة من أعضاء مجلس القضاء الأعلى تجاوزوا سن التقاعد منذ سنين مديدة، فضلاً عن وزراء ومسؤولين سجلوا إخفاقات كبيرة، وما دام لا يوجد أفق لأي انتخابات مقبلة، يرجح المراقبون أن يلجأ الرئيس الفلسطيني إلى بعض التغييرات، التي من شأنها تأجيل التعديل الحكومي، وتعطي فرصة إضافية لحكومة وفاق وطني.

عانى الفلسطينيون كثيراً غياب الانتخابات، وممارسة حقهم الديمقراطي فترة طويلة، وباتوا يعلقون آمالاً كبيرة، أن تفتح إقالة المحافظين الباب على مصراعيه، لخلق نقطة تحول في المشهد الفلسطيني، وبارقة أمل في ملف الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وصولاً للتغيير المنشود.

شاركها.