مع الاقتراب من نهاية العام، ينظر الاتحاد الأوروبي (27 دولة) خلفه إلى 12 شهراً مضطربة من التطورات الجيوسياسية وصناعة السياسات.
من حرب أوكرانيا إلى توتر العلاقات عبر ضفتي الأطلسي، كانت هناك تحديات كبرى عدة هيمنت على النقاشات، وهي مرشحة للاستمرار.
وتبدو الرهانات مرتفعة مع قدوم 2026، فالحرب في أوكرانيا لاتزال مستمرة، والاتحاد الأوروبي يمر بمرحلة غير مسبوقة في علاقته مع أميركا، كما يواجه صعوبات في تعزيز النمو الاقتصادي، فيما تضيف وتيرة التغير التكنولوجي السريع المزيد من الضغوط.
وفي الوقت نفسه، أدى احتمال اتساع نطاق المواجهة مع روسيا إلى تصاعد الدعوات إلى إعادة تسليح أوروبا، ما دفع إلى زيادة الإنفاق الدفاعي وتحويل الأولويات بعيداً عن التحول الأخضر.
وقال الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، في منتصف ديسمبر الجاري، إن «روسيا تستعد لخوض عام حرب جديد ضد بلاده في 2026»، بعدما قال نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، إن موسكو ستحقق أهدافها «بالتأكيد».
ولطالما جرى تهميش الاتحاد الأوروبي في المحادثات التي تهدف إلى إنهاء الحرب، حيث يقود الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الجهود التي تهدف إلى جمع كييف وموسكو إلى طاولة المفاوضات، وقد فاجأت واشنطن، الشهر الماضي، أوكرانيا وحلفاءها الأوروبيين بطرح خطة من 28 نقطة لإنهاء الحرب، اعتُبرت على نطاق واسع استجابة لمطالب أساسية للكرملين، قبل تعديلها لاحقاً بعد إشراك أوكرانيا وأوروبا. وبات احتمال إجراء محادثات مباشرة بين أوروبا وروسيا يلوح في الأفق.
وشهدت علاقات الاتحاد الأوروبي التجارية مع شركائه الرئيسين تحولات في 2025، إذ تظل العلاقات مع الولايات المتحدة والصين، وكذلك آفاق إبرام اتفاق تجارة مع دول أميركا الجنوبية، من أبرز مواضع الخلاف.
ومن المتوقع، حال استمرار التقديرات الحالية، أن يتجاوز حجم التجارة العالمية في 2025 حاجز 35 تريليون دولار، بحسب الأمم المتحدة، بزيادة نحو 2.2 تريليون دولار، أي نحو 7% مقارنة بعام 2024، بحسب آخر تحديث في 2025.
ولكن آفاق عام 2026 تبدو أكثر قتامة، بحسب ما أفادت الأمم المتحدة في أوائل ديسمبر، كما قالت المفوضية الأوروبية، في نوفمبر الماضي، إن اقتصاد منطقة اليورو سينمو بأقل من المتوقع العام المقبل، في ظل المخاطر الناجمة عن التجارة الدولية والتوترات الجيوسياسية.
ومنذ عودة ترامب للبيت الأبيض، في يناير، فرض الرئيس الأميركي موجات من الرسوم الجمركية الجديدة على الواردات للسوق الأميركية.
وفي مسعى لتجنب اندلاع حرب تجارية شاملة، توصلت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، وترامب، في يوليو، إلى اتفاق بفرض رسوم جمركية بنسبة 15% على معظم صادرات الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك السيارات وأشباه الموصلات والأدوية والأخشاب.
وتتوقع المفوضية نمو اقتصاد منطقة اليورو بنسبة 1.2% في 2026، مقارنة بتوقعات سابقة أشارت إلى 1.4%.
وتصاعدت التوترات التجارية بين الصين والاتحاد الأوروبي على مدى سنوات عدة.
وتصاعد الخلاف التجاري أخيراً، عندما فرضت الصين رسوماً جمركية مؤقتة تراوح بين 21.9% و42.7% على بعض منتجات الألبان الأوروبية، وفق بيان لوزارة التجارة الصينية.
وفي ضوء سعي الاتحاد الأوروبي إلى تقليص البيروقراطية من أجل التنافسية، يبرز سؤال رئيس للعام المقبل حول ما إذا كانت جهود تخفيف القيود التنظيمية ستساعد التكتل على مواكبة القوى التكنولوجية الكبرى، خاصة في مجالات صاعدة مثل الذكاء الاصطناعي.
وبعد ثلاث سنوات من النمو السريع وارتفاع التقييمات، يدخل قطاع الذكاء الاصطناعي عام 2026 مع تراجع شيء من الحماسة أمام تساؤلات صعبة، ويتم ضخ استثمارات ضخمة في هذا المجال، إذ من المتوقع أن يتجاوز الإنفاق العالمي على الذكاء الاصطناعي تريليوني دولار في 2026، وفقاً لشركة الاستشارات «غارتنر».
وسارع الاتحاد الأوروبي إلى إقرار قانون شامل للذكاء الاصطناعي، دخل حيز التنفيذ العام الماضي، ولكن عشرات من كبرى الشركات الأوروبية، من بينها «إيرباص» و«مرسيدس-بنز»، طالبت بتعليق بعض بنوده، معتبرة أنها قد تعرقل الابتكار.
وفي الوقت نفسه، تستمر المواجهة بين الاتحاد الأوروبي وعمالقة التكنولوجيا، في ظل إعادة بروكسل النظر في أطرها التنظيمية الرقمية الرائدة، وواجهت القواعد الأوروبية الرئيسة ضغوطاً قوية من إدارة ترامب، ومن الشركات وحكومات أخرى.
• أدى احتمال اتساع نطاق المواجهة مع روسيا إلى تصاعد الدعوات إلى إعادة تسليح أوروبا، ما دفع إلى زيادة الإنفاق الدفاعي، وتحويل الأولويات بعيداً عن التحول الأخضر.
