في عالم كرة القدم، لا تصنع النجومية بالأهداف فقط، ولا تقاس العظمة بعدد البطولات وحدها، بل تتجسد أيضاً في الألقاب التي تمنحها الجماهير والإعلام للاعبين، فكل لقب يحمل حكاية ويختصر مسيرة ويعكس شخصية اللاعب داخل المستطيل الأخضر، لقب يولد من موهبة استثنائية، أو أداء حاسم، أو كاريزما لا تنسى.

فحين يلقب كريستيانو رونالدو بـ«الدون»، فإن اللقب يعكس شخصيته القيادية وطموحه اللامحدود، بينما جاء لقب «البرغوث» لليونيل ميسي ليجسد مهارته الاستثنائية وسرعته ومراوغاته التي حيّرت أقوى الدفاعات، أما كريم بنزيما، المعروف بـ«الحكومة»، فقد نال لقبه بفضل ذكائه الكروي وقدرته على إدارة اللعب وحسم المباريات الكبرى، أما حمدالله فيلقب بـ«الساطي» بسبب شراسته الهجومية داخل منطقة الجزاء، وقدرته على ضرب الدفاعات بسرعة وإنهاء الفرص دون تردد.

وحول هذه الألقاب يقول الاستشاري النفسي والمهتم بالشأن الرياضي الدكتور محمد الغامدي لـ«عكاظ»:

«الألقاب التي تمنح للاعبين في عالم كرة القدم لا تعتبر مجرد مسميات عابرة، بل تحولت إلى جزء أصيل من هوية اللاعب ومسيرته الرياضية، إذ إن هذه الألقاب تختصر فيها سنوات من العطاء والإنجازات واللحظات المؤثرة التي رسخت اللاعب في ذاكرة الجماهير، ودلالات هذه الأسماء غالبًا ما تعكس صفات فنية أو نفسية مميزة لدى اللاعبين، فبعضها يرتبط بالمهارة والذكاء، وأخرى بالقوة والقيادة أو الحسم في اللحظات الصعبة، كما أن اللقب يصبح مع مرور الوقت مرآة تعكس شخصية اللاعب داخل الملعب، وتؤثر أحياناً في صورته الذهنية لدى المتابعين وحتى في طريقة تعامله مع الضغوط».

وتابع: «منح هذه الألقاب لا يصدر عن جهة رسمية، بل هو نتاج تراكمي تشارك في صناعته الجماهير والإعلام والمعلقون الرياضيون، حيث يولد اللقب في المدرجات أو عبر الشاشات، ثم ينتشر ويتكرس مع تكرار استخدامه، إلى أن يتحول إلى اسم رديف للاعب إلى جانب اسمه الحقيقي». وأوضح أن لهذه الألقاب تأثيراً واضحاً في الخطاب الإعلامي، إذ يعتمد عليها المعلقون الرياضيون لإضفاء بعد درامي وحماسي على المباريات، كما تمنح الجماهير وسيلة للتعبير عن الإعجاب والانتماء، وتسهم في تعزيز العلاقة العاطفية بين المشجع واللاعب، فبعض الألقاب تجاوزت حدود الملاعب لتصبح جزءاً من الثقافة الرياضية العامة.

وأشار إلى أن الألقاب أصبحت عنصراً فاعلاً في صناعة العلامة التجارية أيضاً للاعبين، إذ تستثمر إعلامياً وتسويقياً، وتساعد في ترسيخ اسم اللاعب عالمياً، كما أن بعض الألقاب تحولت إلى علامات مسجلة ارتبطت بالإعلانات، ووسائل التواصل الاجتماعي، وصورة اللاعب خارج الملعب، ما يعكس اتساع دور كرة القدم من لعبة إلى صناعة متكاملة.

وختم الدكتور الغامدي تصريحه بالتأكيد على أن الألقاب الكروية حين تمنح بصدق وتعكس واقع الأداء، تتحول إلى قيمة معنوية تضاف إلى سجل اللاعب، وتبقى شاهداً على مكانته حتى بعد اعتزاله، لتصبح جزءاً من تاريخ كرة القدم وذاكرتها الشعبية، كما أن هذه الألقاب تسهم أيضاً في حفظ ذاكرة كرة القدم ونقل قصص نجومها للأجيال القادمة، لتبقى الأسماء حاضرة حتى بعد غياب أصحابها عن المستطيل الأخضر.

شاركها.