تعكف إدارات مدارس حكومية وخاصة على إجراء مسح تربوي شامل، للوقوف على أسباب الغياب المتكرر لدى بعض الطلبة في مختلف الحلقات الدراسية، لتعزيز الانضباط المدرسي والارتقاء بمستوى التحصيل الأكاديمي للطلبة، بما يواكب خطط التطوير التعليمي التي تنتهجها المؤسسات التربوية في الدولة.

وتأتي الخطوة في ظل تنامي الوعي بأهمية حضور الطلبة الكامل في العملية التعليمية، باعتباره أحد أهم المؤشرات المرتبطة بالأداء الأكاديمي والسلوكي، وإحدى الركائز الأساسية لتحقيق نتائج تعليمية نوعية وتعزيز مهارات الطلبة في مختلف المواد.

وأطلقت المدارس استبانة تتضمن خمسة أسئلة محورية، اطلعت عليها «الإمارات اليوم»، تهدف إلى تحليل الإشكالية بعمق ومن زوايا متعددة، وتبدأ الاستبانة بتحديد الصفوف الدراسية المستهدفة من الخامس حتى الـ12، بما يسمح بتجميع بيانات دقيقة وربطها بخصوصية كل مرحلة تعليمية، والتعرّف إلى الفروق السلوكية والأكاديمية بين المراحل المختلفة.

وتحتوي الاستبانة على مجموعة من الأسئلة الموجهة لاستخلاص الأسباب الحقيقية للغياب، سواء كانت صحية أو أسرية، أو ناجمة عن صعوبات مدرسية تتعلق بالفهم والمتابعة الأكاديمية.

وتعكس هذه الخطوة إدراك المدارس أهمية التشخيص الدقيق، وأن الحلول العشوائية لا تحقق النتائج المطلوبة، ما لم تُبنَ على بيانات واضحة وواقعية.

وترصد الاستبانة مدى وعي أولياء الأمور بتأثير الغياب المتكرر في المسار الأكاديمي للطلاب، لمعرفة مستوى الإدراك الأسري بمخاطر الغياب وانعكاساته المحتملة على التحصيل العلمي، خصوصاً أن العديد من الدراسات التربوية تشير إلى وجود علاقة مباشرة بين الغياب المتكرر وتراجع الأداء الدراسي وفقدان المهارات التراكمية.

وتستطلع المدارس من خلال الاستبانة نوع الدعم الذي يأمل أولياء الأمور أن تقدمه المدرسة، سواء كان أكاديمياً عبر دروس تقوية، أو متابعة فردية، أو دعماً نفسياً وسلوكياً لتعزيز الدافعية والانضباط، أو عبر تحسين قنوات التواصل بين المدرسة والأسرة، بما يضمن متابعة حثيثة لأي بوادر لغياب غير مبرر، وتهدف المدارس من خلال هذا السؤال إلى تحديد الفجوات التي قد تحتاج إلى تدخلات إضافية، سواء عبر البرامج الإرشادية المدرسية أو عبر إشراك الكوادر التعليمية في خطط دعم فردية للطلبة الأكثر تضرراً.

وتطلب الاستبانة مقترحات عملية من أولياء الأمور للحد من الغياب، تأكيداً على دورهم كشركاء فاعلين في العملية التعليمية، وعلى أهمية العمل التشاركي في معالجة الإشكالات السلوكية والأكاديمية التي تواجه الطلبة، من خلال تضمين المقترحات في الخطط التطويرية، بما يعزز الثقة بين الجانبين.

وأكدت إدارات المدارس أن المسح يأتي ضمن خطة شاملة تسعى من خلالها إلى تحليل إشكالية الغياب المتكرر بموضوعية، ووضع برامج علاجية مبنية على بيانات موثوقة.

وأشارت إلى أن النتائج التي سيتم استخلاصها من الاستبانة ستسهم في إطلاق مبادرات نوعية تستهدف رفع نسب الحضور والانضباط، وتعزيز جودة التعليم ومخرجاته، إلى جانب تحسين التجربة التعليمية للطلبة، ودعم استقرارهم الأكاديمي.

وأضافت أن المرحلة المقبلة ستشهد تنفيذ برامج متابعة للطلبة الأكثر عرضة للغياب، وتفعيل لجان مختصة بالتواصل المباشر مع الأسر، وصولاً إلى بناء بيئة تعليمية أكثر التزاماً وتفاعلاً، تُسهم في دعم الطلبة وتمكينهم من تحقيق نتائج دراسية متميزة.

شاركها.