توافقت حكومات العالم، خلال مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب 30) في البرازيل، أول من أمس، على تسوية بشأن اتفاق للمناخ، من شأنه تعزيز التمويل للدول الفقيرة التي تواجه الاحتباس الحراري، لكن من دون أي إشارة إلى الوقود الأحفوري الذي يسببه.

وسعت البرازيل، من خلال هذا التوافق العالمي، إلى تأكيد أهمية معالجة آثار تغير المناخ، حتى بعد أن رفضت الولايات المتحدة، أكبر مصدر تاريخي للانبعاثات في العالم، إرسال وفد رسمي.

لكن الاتفاق، الذي جاء بعد مدّ أجل المفاوضات بمدينة «بيليم» البرازيلية، كشف أيضاً عن خلافات بين دول غنية ونامية، وكذلك بين حكومات تتبنى آراء متعارضة بشأن النفط والغاز والفحم.

وبعد التوصل إلى الاتفاق، أقر رئيس المؤتمر، آندريه كوريا دو لاجو، بصعوبة المحادثات، وقال: «نعلم أن بعضكم كانت لديه طموحات أكبر تجاه بعض القضايا المطروحة».

واعترضت دول عدة على انتهاء القمة دون خطط أقوى لكبح انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، أو معالجة مسألة الوقود الأحفوري.

ويطلق اتفاق «بيليم» مبادرة طوعية لتسريع العمل المناخي لمساعدة الدول على الوفاء بتعهداتها الحالية لخفض الانبعاثات، ويدعو الدول الغنية إلى زيادة حجم الأموال التي تقدمها لمساعدة الدول النامية على التكيف مع آثار ظاهرة الاحتباس الحراري بحلول عام 2035 بما لا يقل عن ثلاثة أمثال.

وأكد العلماء أن الالتزامات الوطنية الحالية بخفض الانبعاثات قد خفضت الاحترار المتوقع بشكل كبير، لكنها ليست كافية لمنع تجاوز حرارة الأرض 1.5 درجة مئوية، وهو المستوى الذي ينذر بآثار لتغير المناخ أشد سوءاً.

وفي غضون ذلك، أكدت دول نامية حاجتها الماسة إلى أموال للتكيف مع تلك الآثار التي بدأت بالفعل، ومنها ارتفاع منسوب مياه البحار، وتفاقم موجات الحر، والجفاف، والفيضانات، والعواصف.

وقد جذبت مسألة التكيف اهتماماً متجدداً من قبل شخصيات بارزة في مجال العمل الخيري المتعلق بالمناخ، مثل بيل غيتس، الذي دعا الحكومات أخيراً إلى «التحول» نحو تمويل هذا النوع من التدخلات، وقد تدفقت مبالغ قياسية من المؤسسات الخيرية إلى «مجال التكيف» العام الماضي، وزاد هذا التمويل بأكثر من الضعف ليصل إلى 870 مليون دولار بين عامي 2021 و2024.

ولكن بعد مرور ما يقرب من عقد من الزمن على تحديد أهداف التكيف، للمرة الأولى، كجزء من اتفاقية باريس في مؤتمر «كوب 21»، ثبت أن من الصعب حشد الدعم.

وسعى الدبلوماسيون في مؤتمر «كوب 30» إلى التوصل إلى اتفاق على قائمة محددة من 100 مؤشر يمكن استخدامها لقياس التقدم المحرز، وتسهيل توجيه الأموال، ولكن سرعان ما توقفت هذه الجهود، وتشعر البلدان النامية الأكثر عرضة لتأثيرات تغير المناخ بالقلق من أن صياغة الأهداف دون الاتفاق على تمويل كافٍ قد يجعل هذه العملية بلا معنى.

وبحلول عام 2035، ستحتاج البلدان النامية بين 310 مليارات و365 مليار دولار سنوياً لمشاريع التكيف، وفقاً لتقديرات برنامج الأمم المتحدة للبيئة، وهذا المبلغ يفوق بكثير مبلغ 40 مليار دولار سنوياً خلال عام 2025 الذي تم الاتفاق عليه في قمة «كوب 26» في عام 2021.

وإحدى المشكلات هي أن خفض الانبعاثات أقل كلفة من حماية السكان المعرضين للخطر، وقال غاريث فيليبس، الذي يعمل في مجال التمويل المناخي في مجموعة البنك الإفريقي للتنمية، وحضر قمة البرازيل، إن «التقنيات منخفضة الكربون أرخص بالفعل وأسهل في البناء، ومتاحة على نطاق واسع بشكل متزايد»، مضيفاً: «بينما يتم التخفيف تدريجياً، نحتاج الآن إلى البدء في التركيز على التكيف».

لكنّ آخرين قلقون من أن تحول التركيز قد يوفر غطاء لأولئك الذين يريدون الاستمرار في التلويث.

وقالت وفا ميسرار، التي حضرت مؤتمر «كوب 30» مع شبكة العمل المناخي في إفريقيا، وهي شبكة من المنظمات غير الحكومية: «التكيف دون خفض الانبعاثات يشبه إنقاذ قارب غارق دون إصلاح الثقب»، مضيفة: «المجتمعات التي تعيش الأزمة كل يوم، من مزارعي الساحل إلى صيادي السواحل، تعرف بالضبط لماذا التخفيف مهم: كل عُشر درجة نتجنبه هو حياة أو محصول أو منزل يتم إنقاذه».

ووفقاً لـ«متتبع العمل المناخي»، وهو شراكة بين باحثين في مجال المناخ تقوم بتحليل السياسات التي تقدمها الدول إلى الأمم المتحدة كجزء من عملية مؤتمر الأطراف، لم يطرأ أي تحسن يذكر على خطط مكافحة تغير المناخ خلال الأعوام الأربعة الماضية، وهذا يضعنا على مسار مستقبل غير متوقع، حيث تزداد حدة الجفاف والفيضانات، وترتفع درجات الحرارة إلى مستويات أعلى.

لكن الآثار لن تكون متساوية، فالتأثيرات الناجمة عن ارتفاع درجات الحرارة هي الأسوأ في الأماكن التي أسهمت، من الناحية التاريخية، بقدر أقل بكثير في الانبعاثات التي تؤدي إلى تغير المناخ، وقد أدى كل ذلك إلى دعوات لتوفير مزيد من التمويل من قبل الدول الأكثر ثراء لمساعدة الدول النامية على التكيف. عن «جابان تايمز»

• بحلول عام 2035، ستحتاج البلدان النامية إلى ما بين 310 مليارات و365 مليار دولار سنوياً لمشاريع التكيف، وفقاً لتقديرات برنامج الأمم المتحدة للبيئة.

شاركها.