تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، اختتم المؤتمر العام الـ27 للمجلس الدولي للمتاحف «آيكوم دبي 2025» فعاليات نسخته التاريخية التي استضافتها دبي للمرة الأولى في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا وجنوب آسيا، تحت شعار «مستقبل المتاحف في مجتمعات سريعة التغيير»، بحضور أكثر من 4500 مشارك من خبراء المتاحف والقيادات الثقافية وصُنّاع القرار من مختلف أنحاء العالم، ما يعكس ريادة دبي ومكانتها مركزاً عالمياً للثقافة، وحاضنة للإبداع، وملتقى للمواهب.

وشهد اليوم الأخير من المؤتمر مشاركة سمو الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم، رئيسة هيئة الثقافة والفنون في دبي، في جلسة حوارية حملت عنوان «الدبلوماسية الثقافية برؤية إماراتية: جسور التواصل والحوار»، شاركتها فيها وزيرة دولة، نورة بنت محمد الكعبي، وأدارتها رئيسة تحرير صحيفة «ذا ناشيونال»، مينا العريبي.

انتخاب

وتم خلال ختام «آيكوم دبي 2025» الإعلان عن انتخاب أنتونيو رودريجيز رئيساً جديداً للمجلس الدولي للمتاحف «آيكوم»، وناصر الدرمكي نائباً لرئيس المجلس، ومحمد سعد الرميحي، الرئيس التنفيذي لمتاحف قطر، رئيساً للمنظمة الإقليمية العربية للمجلس.

وأعلن رسمياً عن اختيار مدينة روتردام الهولندية لاستضافة المؤتمر العام الـ28 للمجلس الدولي للمتاحف «آيكوم 2028»، إذ سلمت مدير عام هيئة الثقافة والفنون في دبي، ورئيسة اللجنة التنظيمية لـ«آيكوم دبي 2025»، هالة بدري، راية «آيكوم» إلى كل من رئيس هيئة الثقافة في مدينة روتردام، مورين مولس، ورئيس لجنة آيكوم هولندا، مدير متحف «ريجكس توينثي» ومصنع المتاحف، كارولاين برينوسة.

برنامج حافل

وتضمن برنامج المؤتمر جلسة «أثر السرد، الإرث، والشباب» التي شاركت فيها وزيرة دولة لشؤون التعاون الدولي، الرئيس التنفيذي لسلطة مدينة إكسبو دبي، ريم بنت إبراهيم الهاشمي، وأدارتها المؤسس والرئيس التنفيذي لمؤسسة فكر، دبي أبوالهول.

وأشارت ريم الهاشمي إلى أهمية دور المتاحف والمؤسسات الثقافية في تعزيز قوة الدبلوماسية الثقافية، بوصفها منصات حيوية للتفاعل وتعزيز النقاش، ومساحات آمنة لاستكشاف وجهات نظر متنوعة ومناقشة القضايا المعقدة. وسلّطت الضوء على مساهمة الفعاليات الثقافية الكبيرة، مثل معرض «إكسبو 2020 دبي» و«آيكوم دبي 2025»، والمؤسسات الثقافية المحلية في تعزيز التفاهم المتبادل بين الشعوب.

ولفتت إلى ضرورة التركيز على تمكين الشباب، وتفعيل مشاركتهم في المؤسسات والفعاليات الثقافية. وأوضحت أن معرض «إكسبو 2020 دبي» صُمم بحرفية عالية لمنح كل دولة، بغض النظر عن مواردها، منصة لسرد قصتها الفريدة، وتعزيز المشاركة الحقيقية، حيث أسهم هذا النهج في تقديم صورة مشرقة عن الإمارات كحاضنة تجمع وجهات نظر متنوعة من جميع أنحاء العالم.

منصة للأفكار

من جانبه، ألقى المستشار الثقافي لصاحب السمو رئيس الدولة، الرئيس الأعلى لجامعة الإمارات، زكي أنور نسيبة، كلمة رئيسة أكد فيها أن الحدث يمثل منصة لتبادل الأفكار، ومساحة لتجديد الشعور بالرسالة المشتركة.

وقال: «تواجه المتاحف تحديات تتمثل في المحافظة على جوهر الإبداع الإنساني والتفاعل مع تحوّله المستمر. وعلينا ألّا ننسى أن المتاحف ليست مجرد مراقب للتغيير، وإنما تشكل جزءاً فاعلاً فيه، فهي مرآة للمجتمعات التي تخدمها، تعكس تاريخنا، وتطرح الأسئلة حول حاضرنا، وتفتح آفاق الخيال نحو مستقبلنا، كما أنها مؤسسات حية، ومساحات للذاكرة والحوار والاكتشاف، وهي الأماكن التي يُرسَّخ فيها الماضي، وتُطلَق فيها طاقة المستقبل».

بينما قال رئيس دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، محمد خليفة المبارك، في كلمة له: «إن المتاحف عندما تعمل لخدمة مجتمعاتها، تتجاوز مكانتها كمؤسسات لتصبح روافع للتغيير، ومحرّكات للفرص، وجسوراً للتواصل الإنساني، وعوامل تمكين للأجيال المقبلة». وأضاف: «نؤمن في الإمارات بقيمة المتاحف ودورها المتنامي، وقد عملنا على بناء منظومة متحفية شاملة وطموحة وأصيلة، انطلاقاً من قناعتنا بأن المتاحف ليست مجرد مخازن للمقتنيات، وإنما بنية تحتية حيوية للثقافة والفهم العميق والشعور بالانتماء، حيث تذكرنا المتاحف دائماً أن الهوية والابتكار ليسا نقيضين، بل ينموان معاً. ورغم التحديات التي تواجه الاستثمارات الثقافية حول العالم، تواصل الإمارات الاستثمار بهذا المجال، لإيمانها بأن التراث والمعرفة والإبداع عناصر أساسية لمستقبل مزدهر».

وتضمن حفل ختام المؤتمر تكريم كل من مسؤول التعليم والتواصل المجتمعي في متحف بربادوس وجمعية التاريخ، كاي هول، وجيمي براون، باحث زميل في مدرسة تاريخ الفن بجامعة سانت أندروز بجائزة «آيكوم» للاستدامة التي أطلقت للمرة الأولى في دبي، احتفاءً بالمبادرات المبتكرة والممارسات النموذجية الداعمة للتنمية المستدامة في قطاع المتاحف.

وشهد «آيكوم دبي 2025» عقد أكثر من 100 جلسة نقاشية وحوارية ودورة تدريبية متقدمة وورشة عمل تفاعلية، وتضمنت أجندة اليوم الأخير تنظيم جلسة «المتاحف ما بعد النزاعات: إبداع مساحات للتعافي»، التي شارك فيها كلٌّ من خبير إدارة التراث في معهد التراث العالمي للتدريب والبحث لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ (WHITRAP)، المهندس المعماري وعالم الآثار الدكتور غاميني ويجيسوريا، ومنسقة معارض مستقلة ومديرة تنفيذية في شركة (TAO) للإدارة، ماريان باستور روسيس.


لوحة مطرزة بالتلي

سلّمت اللجنة التنظيمية لـ«آيكوم دبي 2025» راية «آيكوم» إلى مدينة روتردام الهولندية التي ستستضيف المؤتمر العام الـ28 للمجلس الدولي للمتاحف «آيكوم 2028»، وتميزت الراية باستلهام تفاصيلها من تطريزات وروائع حرفة التلي التقليدية، ليعكس ذلك روح الهوية الثقافية المحلية، وارتباط الدولة بتراثها الثقافي غير المادي، ونهجها في صون التراث والاحتفاء به كمصدر اعتزاز للأجيال المقبلة.

وشهد تنفيذ مشروع راية «آيكوم» سلسلة من المراحل الدقيقة والمتتابعة، بدأت بإنتاج شرائط التلي المنفردة، مروراً بتشكيل شعار «آيكوم» وتثبيت حروفه على القماش بأسلوب متقَن يعكس الدقة الحرفية والإبداع الفني الإماراتي. وتم إنتاج ثلاث نسخ من الراية، سُلِّمت إحداها إلى مدينة روتردام الهولندية، فيما أودعت النسخة الثانية في أرشيف المجلس الدولي للمتاحف «آيكوم»، بينما احتفظت دبي بالنسخة الثالثة بصفتها المدينة التي استضافت للدورة الحالية. وشاركت مجموعة من الحرفيات المواطنات من مختلف إمارات الدولة في نسج الراية وفقاً لتقاليد حرفة التلي الأصيلة، ليقدمن عملاً فنياً مميزاً يجسد جماليات التراث المحلي ودقّة فنونه المتوارثة، ويعكس حضور الحرف الإماراتية كجزء أصيل من الهوية الثقافية للدولة.

وتولت الفنانة الإماراتية سارة الخيال، بدعم من «صندوق الوطن» كشريك مساهم، تصميم الراية ليجسد هذا العمل تفاعلاً متناغماً بين الإبداع المعاصر وحرفة نسج التلي التي شكلت عبر الزمن رمزاً للهوية المحلية وبراعة المرأة الإماراتية. وتؤكد هذه المبادرة التزام دبي بحماية الحرف التقليدية وصون التراث الحي، والاحتفاء بقيمته الثقافية وتعزيز حضوره على الخريطة العالمية.

ويُبرز التصميم شعار «آيكوم» بدرجتين من اللون الأزرق، منسوجتين باستخدام أربع غرز تلي تقليدية، هي: «فنخ البطيخ»، و«بروي/المشارة»، و«الفن»، و«الكولي». وتمثل كل غرزة إرثاً فنياً يعكس مهارة الحرفيات، ويجسد تنوع النسيج الثقافي الإماراتي، فيما تتكامل هذه الغرز معاً لتجسيد شعار المؤتمر «مستقبل المتاحف في مجتمعات سريعة التغيير». ومن خلال تداخل هذه النقوش وانسجامها، تتشكل لوحة فنية تعبّر عن وحدة التنوع عبر مزج الأصالة مع الابتكار، وتُبرز مكانة الثقافة جسراً للتواصل بين الشعوب، ومنصة لاستشراف المستقبل، وتحتفي بالإبداع المتجذّر في التراث الإماراتي.

ريم الهاشمي:

. المتاحف والمؤسسات الثقافية تعزز قوة الدبلوماسية الثقافية، بوصفها منصات حيوية للتفاعل.

زكي أنور نسيبة:

. المتاحف ليست مجرد مراقب للتغيير، وإنما تشكّل جزءاً فاعلاً فيه، فهي مرآة للمجتمعات التي تخدمها.

. 4500 مشارك من خبراء المتاحف والقيادات الثقافية وصُنّاع القرار شاركوا في المؤتمر.

. 100 جلسة نقاشية وحوارية ودورة تدريبية متقدمة وورشة عمل تفاعلية.

شاركها.