حذّر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أمس (الثلاثاء)، من أن الحرب الأهلية في السودان «تخرج تدريجيا عن السيطرة»، مطالبا الطرفين المتحاربين بوقف فوري لإطلاق النار وإنهاء «كابوس العنف»، فيما يستمر جمع الدلائل على جرائم حرب في مدينة الفاشر بدارفور بعد سيطرة قوات الدعم السريع عليها الأسبوع الماضي.
الأمم المتحدة تُحذر
ووصف غوتيريش الوضع في الفاشر، بأنه «مركز الآلام والجوع والعنف والنزوح»، مشيرا إلى أن مئات الآلاف من المدنيين محاصرون منذ 18 شهرا تقريبا، وأن الوضع يتفاقم يوما بعد يوم منذ دخول قوات الدعم السريع إلى المدينة نهاية الأسبوع الماضي.
وقال في تصريح للصحفيين على هامش قمة العالم للتنمية الاجتماعية في الدوحة: «الأشخاص يموتون جوعا ومرضا وعنفا»، مضيفا أن هناك «تقارير موثوقة عن إعدامات واسعة النطاق» منذ سيطرة قوات الدعم السريع.
كما دعا غوتيريش الدول الداعمة للأطراف إلى وقف تدخلاتها العسكرية، مشيرا إلى أن «التدخل الخارجي يعرقل الجهود للوصول إلى وقف إطلاق نار».
سيطرة «الدعم السريع» على الفاشر
وسيطرت قوات الدعم السريع، على الفاشر الأسبوع الماضي بعد حصار دام 18 شهرا، مما منحها السيطرة على جميع عواصم الولايات الخمس في دارفور.
وأفادت تقارير الأمم المتحدة بأن جنودالدعم السريع نشروا فيديوهات تظهر إطلاق نار على مدنيين، بما في ذلك في مستشفى الولادة بالمدينة، مع إعدامات جماعية واعتقالات تعسفية.
وأكد مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة تلقي «تقارير متعددة ومقلقة» عن إعدامات فورية لمدنيين يحاولون الفرار، مع دوافع عرقية، وفيديوهات تظهر عشرات الرجال غير المسلحين يُقتلون أو يُتركون ميتين محاطين بمقاتلي قوات الدعم السريع.
كما أشارت صور أقمار صناعية من جامعة ييل إلى تجمعات أجساد بشرية ومناطق ملطخة باللون الأحمر، ما يشير إلى مذابح واسعة.
في السياق نفسه، أعلن المدعون في المحكمة الجنائية الدولية يوم الإثنين أنهم يجمعون أدلة على «قتل جماعي، واغتصاب، وجرائم أخرى» في الفاشر، معتمدين على شهادات ناجين وصور فضائية.
وأفاد تقرير للأمم المتحدة بأن أكثر من 450 شخصا قُتلوا في مستشفى واحد، مع هجمات جنسية واستهداف عرقي لمجموعات مثل الفور والزغاوة، فيما نفت قوات الدعم السريع ارتكاب الفظائع، لكن شهادات الهاربين وفيديوهات على وسائل التواصل الاجتماعي توفر رؤية «نهاية العالم» للهجوم.
الأزمة الإنسانية الأسوأ
الحرب الأهلية بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع التي اندلعت في أبريل 2023، خلقت واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في القرن الـ21، وفقا للأمم المتحدة، حيث قُتل أكثر من 150,000 شخص، ونزح أكثر من 14 مليونا آخرين، مع 25 مليونا يعانون من انعدام أمن غذائي حاد.
وفي الفاشر وحدها، فرّ أكثر من 36,000 شخص إلى تاويلا غربا منذ السبت، حيث يعيش بالفعل 650,000 نازح، وسط قصف وهجمات على المستشفيات والأسواق والمخيمات، وأفاد المجلس النرويجي للاجئين بأن آلاف الأطفال يتلقون العلاج في مخيمات النزوح، مع انتشار الأمراض والتجويع كسلاح حرب.
الجهود الدبلوماسية ومخاوف التقسيم
جاءت دعوة غوتيريش في الدوحة أثناء مناقشة القوات المسلحة في بورت سودان خطة السلام الأمريكية المقترحة منذ سبتمبر، التي تتضمن توقفا إنسانيا لثلاثة أشهر يليه وقف إطلاق نار دائم وانتقال مدني لمدة تسعة أشهر، بوساطة مصر والإمارات والسعودية.
ومع ذلك، أظهرت اجتماعات مجلس الأمن والدفاع وقوات الدعم السريع مقاومة قوية للخطة التي طورها مبعوث تر مب لأفريقيا مسعد بولوس، مع إصرار على سحب قوات الدعم السريع من المدن مثل الفاشر قبل أي هدنة.
إدانة عربية لانتهاكات «الدعم السريع»
وأدانت السعودية ومصر وقطر وتركيا والأردن «الانتهاكات المروعة»، كما دعمت الدول التهدئة والتوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار في جميع أنحاء السودان مع تضافر الجهود الإقليمية والدولية للتوصل إلى هدنة إنسانية شاملة تُمهد الطريق لإطلاق عملية سياسية جامعة.
أخبار ذات صلة
