اختتمت «مكتبة محمد بن راشد»، بنجاح كبيرة ومشاركة واسعة، فعاليات الدورة الثانية لقمة دبي الدولية للمكتبات والنشر 2025، تحت شعار «مستقبل صناعة النشر»، والتي استمرت على مدار ثلاثة أيام.
وشهدت القمة هذا العام ارتفاعاً كبيراً في أعداد المسجلين بنسبة 27.3% مقارنة بالعام الماضي، كما زادت نسبة الحضور والمشاركة الفعلية في الجلسات بنحو 31.5%، فيما ارتفع عدد الجنسيات المشاركة بنسبة 33%. كذلك سجلت القمة زيادة بنحو 50% في عدد المتحدثين الدوليين مقارنة بالدورة الأولى. وأكدت الجهة المنظمة أن ارتفاع نسبة المشاركة والحضور يعكس نجاح القمة في تطوير تجربة الحضور، وتوسيع قاعدة المشاركين من داخل الدولة وخارجها، وتعزيز مكانة دبي منصةً إقليمية للمعرفة ونظم المعلومات والمكتبات.
من جانبه، قال رئيس مجلس إدارة مؤسسة مكتبة محمد بن راشد آل مكتوم، محمد أحمد المر، إن «الدورة الثانية من قمة دبي الدولية للمكتبات والنشر شكّلت محطة جديدة في مسار تطوير صناعة النشر، حيث ناقشت مستقبل هذه الصناعة، وكيف تقوم على التكامل بين الإبداع الإنساني والتقنيات المتقدمة، وأن التحول الرقمي لم يعد خياراً، بل أصبح ضرورة تفرضها طبيعة العصر القائم على المعرفة المفتوحة».
وأضاف المر أن «العالم الثقافي اليوم يشهد تداخلاً متسارعاً بين المحتوى والمعرفة والتكنولوجيا، الأمر الذي يفرض بناء منظومات فكرية ومؤسسية جديدة تُوازن بين القيم الإنسانية والابتكار التقني، وتُعزز دور الثقافة بوصفها جسراً للحوار والتفاهم بين الشعوب، لا حدود تفصل بينها».
وأكد أن هناك حاجة ملحة لتوحيد الجهود، وبناء شراكات مستدامة تجمع المؤسسات الثقافية والأكاديمية والتقنية، بما يفتح آفاقاً أرحب لتطوير النشر العربي والعالمي، حيث إن المستقبل المنشود هو مستقبل يعتمد على تبادل الخبرات، والانفتاح على التجارب، وتمكين المعرفة لتكون المحرك الرئيس لمسيرة التنمية المستدامة». واختتم «نغادر اليوم ونحن أكثر إيماناً بأن المعرفة هي الاستثمار الأسمى في الإنسان، وأن مستقبل النشر العربي يحمل في طياته فرصاً واعدة لصياغة مشهد ثقافي أكثر إشراقاً واتصالاً بالعالم».
وناقشت القمة محاور رئيسة عدة، شملت: الابتكار، والتكنولوجيا، والتحول، وفنون الكتاب، والمشهد العالمي للنشر، والترجمة، والنشر الهادف، وفن الكتابة. كما سلّطت الضوء على التحول الرقمي في صناعة النشر، وتوازنها بين النشر التقليدي والرقمي، مع اهتمام خاص بورش العمل التطبيقية التي تنمي مهارات الكتّاب والناشرين في مجالات الترجمة والتحرير والطباعة، وتعزز مفاهيم الاستدامة والممارسات الأخلاقية في هذا القطاع الحيوي.
وشهد اليوم الأول تنظيم مجموعة غنية ومتنوعة من الجلسات والورش العملية، شملت: النظرية الأدبية للروبوتات وتأثير الذكاء الاصطناعي على الإبداع والنشر، وورشاً متقدمة في التحرير وإدارة العمليات وحقوق النشر والنشر المستدام، فضلاً عن جلسات متخصصة في الترجمة وفن الكتاب المصوّر والنشر العابر للحدود. وقد قدّمت هذه الجلسات فرصة للمتخصصين والمهتمين لاكتساب رؤى عميقة حول مستقبل النشر، وسبل تعزيز الإبداع العربي وربطه بالمعايير العالمية والتقنيات الحديثة، بما يعكس مكانة القمة كمنصة رائدة للحوار والتبادل المعرفي.
أما اليوم الثاني فركز على جوانب صناعة النشر والإبداع الأدبي، حيث تميز بجلسات حول صناعة المترجمين وكتابة قصص الأطفال، وورش عملية في تحرير المخطوطات وتجليد الكتب، إضافة إلى نقاشات متقدمة حول النشر الأكاديمي، والنشر العابر للحدود، ودور الوكلاء الأدبيين. كما تناول التنوّع والشمول في القراءة، وبناء خطة نشر ناجحة، وتأثير الجوائز الأدبية، وصناعة الذات كعلامة تجارية للكتاب، فضلاً عن استعراض استراتيجيات الابتكار والتحوّل في العقد المقبل لصناعة النشر.
وتضمن برنامج اليوم الختامي جلسات حول صناعة الجوائز الأدبية ودورها في توجيه سوق النشر، وورشاً متقدمة في كتابة ورسم كتب الأطفال، فضلاً عن جلسات حول حقوق النشر في عصر الذكاء الاصطناعي، الوصول إلى المدارس، وتسويق كتب الأطفال. كما ركز على تعزيز القراءة وبناء جيل قارئ للمستقبل، واستكشاف اتجاهات سوق النشر في الإمارات، وتمكين الأصوات غير الممثَّلة في الترجمة الأدبية. وغطت الجلسات أيضاً موضوعات مثل التميز في صناعة النشر العربي، وحماية الحقوق وصون الإبداع، والابتكار في الصوت، وتطوير دور النشر المستدامة.
وعلى هامش قمة دبي الدولية للمكتبات والنشر 2025، أعلنت «مكتبة محمد بن راشد» عن إطلاق ذراعها المؤسسية للنشر والترجمة من مختلف اللغات العالمية إلى اللغة العربية، ما يشكّل خطوة نوعية نحو ترسيخ دور المكتبة كمؤسسة فاعلة في إنتاج المعرفة ونشرها، وتعزيز حضورها في المشهد الثقافي العربي والدولي، إلى جانب تعزيز المحتوى العربي.
وشهدت فعاليات قمة دبي الدولية المكتبات والنشر الإعلان عن انطلاق الدورة العاشرة لجائزة محمد بن راشد للغة العربية، التي تندرج ضمن مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، وتنظمها مؤسسة مكتبة محمد بن راشد آل مكتوم.
ويعكس النجاح الذي حققته الدورة الثانية من قمة دبي الدولية للمكتبات والنشر، الدور الريادي لـ«مكتبة محمد بن راشد» في قيادة مستقبل الثقافة وصناعة المعرفة في المنطقة، وترسيخ مكانة دبي كوجهة عالمية للفكر والإبداع. كما يجسّد هذا النجاح التزام المكتبة برؤيتها في دعم المحتوى العربي، وتمكين النشر المعرفي، وبناء جسور التعاون الثقافي بين الشرق والغرب، بما يسهم في تعزيز مكانة الإمارات عالمياً في مجال المعرفة وصناعة النشر المستدام.
. مكتبة محمد بن راشد أعلنت على هامش القمة إطلاق ذراعها المؤسسية للنشر والترجمة من مختلف اللغات العالمية إلى اللغة العربية.
