بـ40 من الخيول البيضاء النادرة، وعرض مهيب يعكس الإرث العريق لفنون الفروسية الكلاسيكية، افتتحت مدرسة «أبوظبي للفنون الفروسية الأميرية»، لتصبح خامس مدرسة عالمية متخصِّصة في مجال فنون الفروسية الكلاسيكية، بعد المدارس الأربع الموجودة في النمسا، وإسبانيا، والبرتغال، وفرنسا، والأولى من نوعها خارج القارة الأوروبية.
وتهدف المدرسة التي تقع في جزيرة الجبيل بأبوظبي، لتكريس فلسفة الفروسية باعتبارها إرثاً عربياً وعالمياً أصيلاً، والمزج بين هذا الإرث والابتكار، وفق رؤية سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس ديوان الرئاسة، بحسب ما أوضحت وزيرة تمكين المجتمع ونائبة رئيس «أبوظبي للفنون الفروسية الأميرية»، شما بنت سهيل المزروعي، رداً على أسئلة «الإمارات اليوم»، خلال الجلسة الحوارية التي تم تنظيمها قبل الافتتاح، لافتة أن المدرسة تضم 40 من الخيول الإسبانية الأصيلة «الأندلسي»، وتم اختيار جزيرة الجبيل مقراً للمدرسة لما تتسم به من ارتباط ببيئة الإمارات بما تضمه من أشجار القرم والغاف، بما يبعث في النفس شعوراً بالراحة والهدوء والانسجام مع الطبيعة.
بناء شخصية قيادية
المزروعي، أشارت أيضاً إلى أن المدرسة لا تركز فقط على تعليم ركوب الخيل، بل تعمل على تكوين شخصية فارس وقائد يمتلك مهارات القيادة والمعرفة بكل ما يحيط بالخيول والبيئة التي تعيش فيها، ولذلك تضم المدرسة بين جنباتها مدرسة ومعرضاً وداراً للحرف وغيرها من الأقسام التي تتكامل معاً. مشيرة أن المدرسة تقدم خمسة برامج متنوعة، الأول مدته أربع سنوات، وهو متخصص في إعداد فارس من البداية إلى المستوى الأولمبي الاحترافي، بينما يختص البرنامج الثاني بفنون الفروسية في المراسم، والذي يركز على الانضباط الحركي والركوب الاستعراضي في المناسبات الرسمية، ليعكس كيف يعبر هذا الفارس عن كرامة وهيبة الوطن في المحافل الرسمية، وهو برنامج لا يتوافر في العالم العربي، ويستغرق عامين. ويتوجه البرنامج الثالث إلى المتخصصين في الخيول، لتعريفهم بكيفية العناية بها، وما يتطلبه ذلك من نظم وأدوات، بما يسهم في الارتقاء بالخدمات التي تقدمها النوادي المتخصصة بالفروسية في هذا المجال. في حين يختص البرنامج الرابع «الإتقان» ويتوجه للأشخاص الذين يمتلكون خبرة في مجال الخيل والفروسية، ولكن يرغبون في صقل مهاراتهم وتطويرها مع مدربين عالميين.
ولا تقتصر برامج المدرسة على البشر فقط، فهناك برنامج موجه للخيول، حيث يتم استقبال الخيول لتدريبها على فنون الفروسية، وتحتاج إلى سنة على الأقل من الإقامة الدائمة في المدرسة، لتتحول إلى خيول أولمبية. كذلك هناك برنامج للناشئين من عمر أربع سنوات إلى 16 سنة، وهو الأول في العالم العربي، كما تقدم المدرسة برنامجاً خاصاً للأطفال من أصحاب الهمم.
بين الفروسية والثقافة
بالإضافة إلى الطراز المعماري الفريد، الذي يجمع بين الطراز الأندلسي ولمسات عربية وإماراتية، يدرك الزائر وهو يجول في أرجاء «أبوظبي للفنون الفروسية الأميرية» أنه تم تصميمها بعناية لتأمين أعلى مستويات الراحة للخيول، على مساحة تبلغ 65 ألف متر مربع، مع اعتماد معايير عالمية دقيقة في مجالات الرعاية والتدريب، لتوفير بيئة ملائمة للفرسان والخيول، وتمكينهم من ممارسة أنشطتهم في بيئة رياضية تُلبي مختلف احتياجاتهم ومتطلباتهم. وتضم المدرسة قاعة عروض مُكيفة تتسع لـ1200 شخص، كما تحتوي على 60 إسطبلاً مزودة بنظام تكييف خاص، وتقنيات مراقبة متقدمة، إلى جانب عيادة للرعاية البيطرية وإعادة التأهيل، وساحات للتدريب، ومسارات مُظللة للخيول والرياضيين.
قطع أثرية
وإلى جانب الأقسام المخصصة للخيول والتدريب، تضم المدرسة «معرض الفروسية»، وهو الأكبر في العالم العربي، حيث يضم 173 قطعة من القطع الأثرية النادرة، بعضها يعود تاريخه إلى ما يزيد على 2000 عام، وتتتبع هذه الأعمال مسار رحلة البشرية عبر مختلف الحضارات والثقافات، من السهول العشبية في آسيا الوسطى إلى قصور الأندلس، حيث اعتبرت الخيل رمزاً للقوة والجمال. وتبرز القطع المعروضة من الأسلحة والدروع والمخطوطات ومعدات الفروسية واللوحات، تقاليد الفروسية في المثابرة والحرفية والإتقان، ليس باعتبارها شواهد من الماضي فحسب، بل تعبيرٌ حيٌ عن شراكة كتبت تاريخاً مشتركاً.
وإلى جانب المقتنيات التاريخية، يضم المعرض عملاً للفنانة الإماراتية ريم المبارك، يعبّر عن إرث الفروسية وتقاليدها الراسخة، والعلاقة الوثيقة بين الفارس والخيل، ويتكون العمل من سلسلة لوحات تجسّد خطوات الخيل في حركات معينة خلال تدريبات الفروسية الكلاسيكية، وما تتميز به من دقة وخفة واتزان، وقد جمع العمل الرمال من خمسة مواقع مختلفة في أرجاء الإمارات.
كتب نادرة
وتضم المدرسة مكتبة هي ثانية أكبر مكتبات الفروسية على مستوى العالم، حيث تحتوي على أكثر من 15 ألف كتاب، وتتنوع هذه الكتب بين الإصدارات المتخصصة بالخيول، وتمثل الشريحة الأكبر، وأخرى تركز على تاريخ وتراث الإمارات، إلى جانب كتب الأدب والشعر، خصوصاً التي ترتبط بالخيل، كما تضم المكتبة قسماً للكتب النادرة.
وتعتبر «دار الحِرَف»، التي تضمها «أبوظبي للفنون الفروسية الأميرية»، أول مشغل لصناعة سروج الفروسية في دولة الإمارات، وتهدف إلى إعادة إحياء هذه الحرفة التقليدية وتطويرها، وجذب الأجيال الجديدة لتعلم هذه الحرفة، تحت إشراف نخبة من المتخصصين الذين يتمتعون بمهارة عالية. ومن اللافت أن الأدوات التي يتم تصنيعها في الدار تحمل ملامح من ثقافة دولة الإمارات.
هوية عربية
حرص القائمون على «أبوظبي للفنون الفروسية الأميرية» على إضفاء ملامح من الثقافة المحلية، سواء في ملابس الفرسان المطرزة بالتلي التقليدي، أو في تصميمات السروج والأدوات المرتبطة بها والمستوحاة من الثقافة العربية، إضافة إلى عرض أعمال فنية لفنانين إماراتيين تتوزع داخل المكان، كذلك حملت إسطبلات الخيول أسماء مثل «الصهيل» و«الصافنات».
. المدرسة تهدف إلى تكريس فلسفة الفروسية باعتبارها إرثاً عربياً وعالمياً أصيلاً.
. لا تقتصر برامج المدرسة على البشر فقط، فهناك برنامج لتدريب الخيول على فنون الفروسية لتتحول إلى خيول أولمبية.
