وافق شخص من جنسية دولة آسيوية على بيع ساعتين فخمتين من طراز «باتيك فيليب» يبلغ ثمنهما أكثر من ثلاثة ملايين و670 ألف درهم إلى آخر أوروبي من دون أن يحصل على مقابل لهما سواء أكان نقداً أو بآلية دفع مضمونة، وسلّمهما إلى المشتري بعد أن استضافه الأخير في مقر إحدى الشركات وأقنعه أنه مديرها التنفيذي، ثم حرر له عقداً باسم الشركة، وأوهمه لاحقاً أنه اشترى الساعتين لمصلحة شخصية مهمة، وأرسل إليه إيصالات بتحويل المبلغ إلى حساب البائع، لكن اكتشف لاحقاً أنها حوالات مزورة.
وتفصيلاً، قال المجني عليه إنه اتفق مع المتهم على بيع ساعتين ثمينتين إليه، بعد أن أوهمه الأخير بأنه مدير تنفيذي لشركة استثمارية في دبي، وزوده بصورة رخصتها التجارية، ثم أبرم معه اتفاقية شراء باسم الشركة.
وأضاف أنه وافق على تسليم الساعتين إلى المتهم بعد أن اقتنع كلياً بقدراته المالية، ووقع معه عقد شراء عليه ختم عائد للشركة، على أن يحول إلى حسابه البنكي ثمن الساعتين وهو مليون دولار.
وأشار إلى أنه تواصل مع المتهم عبر «واتس أب» حين تأخر في السداد، فأبلغه الأخير بأنه باع الساعتين إلى شخصية مهمة، وطلب منه تحرير فواتير باسم تلك الشخصية، فوافق وحرر الفواتير بناء على طلبه، ثم أرسلها إليه عبر «واتس أب».
وتابع أن المتهم أرسل إليه صوراً لحوالتين مصرفيتين، إحداهما بمبلغ 200 ألف دولار، والأخرى بمبلغ 300 ألف دولار على وعد بإرسال بقية المبلغ إليه لاحقاً، مشيراً إلى أنه راجع البنك وصُدِم بعدم وجود أي إيداعات مالية في حسابه أو تحويلات، وحين حاول التواصل مع المتهم لاحقاً لم يرد عليه الأخير وأغلق هاتفه.
وأفاد المجني عليه بأنه توجه إلى مقر الشركة التي استقبله فيها المتهم، وسأل عنه موظفة الاستقبال، فأبلغته بأنه غير موجود، وزودته برقم شخص آخر من جنسية دولة عربية، لمساعدته في الوصول إليه، لافتاً إلى أنه تواصل مع ذلك الشخص وعلم منه أن المتهم تعرّض لحادث مروري ولا يمكنه الرد حالياً، ثم تلقى صورة لحوالة بنكية أخرى من رقم الوسيط بمبلغ 300 ألف درهم، لكن لم يدخل المبلغ إلى حسابه أيضاً، ما أدخل في نفسه الشك والريبة، وراجع البنك، ليكتشف أنها حوالة مزورة.
وأكّد المجني عليه أنه تواصل مراراً مع المتهم وطلب منه إعادة الساعتين أو سداد قيمتهما، لكن دون جدوى، إذ ظل يماطله لفترة من الوقت، ثم توقف كلياً عن الرد عليه، ما دفعه إلى تحريك دعوى جزائية ضده اتهمه فيها بالاستيلاء على ماله بطريقة احتيالية، والتزوير في محرر رسمي، واستخدم ذلك المحرر في خداعه.
وبعد نظر الدعوى من قبل محكمة الجنايات، قضت بإدانة المتهم بجريمة تزوير الحوالات البنكية، وعاقبته بالحبس ثلاث سنوات وصار الحكم نهائياً، لكن أحالت جريمة الاحتيال إلى محكمة الجنح.
وبناء على الحكم الجزائي لجأ المجني عليه إلى المحكمة المدنية، مطالباً برد ثمن الساعتين بقيمة ثلاثة ملايين و670 ألف درهم، وقدّم حافظة مستندات تضمنت صورة من الحكم الجزائي، والمراسلات المتبادلة بينهما، فيما لم يمثل المدعى عليه أمام المحكمة المدنية.
وبعد فحص الدعوى، أوضحت المحكمة في حيثيات حكمها أنه من المقرر قضاءً أن «محكمة الموضوع غير مكلفة بتوجيه الخصوم إلى مقتضيات دفاعهم وحسبها أن تقيم قضاءها وفقاً للأدلة والمستندات المطروحة عليها، بما يكفي لحمله كما أنها غير مكلفة بإثبات دفاع الخصوم وعليهم تقديم الدليل على ما يدعونه».
كما أن من المقرر قضاءً في شأن الضمان أو المسؤولية المدنية أن «المسؤولية عن الفعل الضار تستلزم توافر عناصر ثلاثة، هي: ثبوت ارتكاب الشخص للفعل إيجاباً أو سلباً، وثبوت الضرر في جانب المتضرر، وعلاقة السببية بينهما»، وأفادت بأنه حسب قانون الإثبات فإن الحكم الصادر في الدعوى الجزائية تكون له حجية ملزمة أمام المحكمة المدنية في ما فصل فيه فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين المدنية والجزائية، وفى الوصف القانوني للفعل ونسبته إلى فاعله، فإن فصلت المحكمة الجزائية نهائياً في هذه المسائل امتنع على المحاكم المدنية أن تعيد بحثها، بل يتعين عليها أن تعتبرها وتلتزمها في بحث الحقوق المدنية المتصلة بها لكي لا يكون قضاؤها مخالفاً للحكم الجزائي السابق عليه».وبتطبيق القواعد السابقة على القضية ذكرت المحكمة أن الثابت لديها من الدعاوى الجزائية التي استند إليها المدعي في دعواه المدنية، أن هناك خمس تهم وجهت إلى المدعى عليه، وأُدين من قبل محكمة الجنايات بتهمتي التزوير واستعمال محرر مزور، وعوقب بالسجن ثلاث سنوات، فيما أحالت تهمة الاستيلاء على مال الغير بطريقة احتيالية إلى محكمة الجنح، ولم يقدم المدعي حكماً صادراً في هذا الشأن من محكمة الجنح حتى تتبين المحكمة المدنية من حدوث جريمة الاستيلاء واستلام المدعى عليه للساعتين من عدمه، كما لم يقدم المدعي صورة من العقد المزور وقيمة المبلغ المتفق عليه، وفق الاتفاق المبرم بينهما، وما يفيد استلام المدعى عليه للساعتين، ومن ثم تقضي برفض الدعوى، لعدم الصحة والثبوت.
 
									 
					