في مشهد مفاجئ أعاد فن الشارع إلى صدارة النقاش العام في العاصمة البريطانية، ظهر عمل جداري جديد للفنان بانكسي على جدار محاكم العدل الملكية في قلب لندن. اللوحة التي لم يُعلن عنها مسبقاً جذبت منذ الساعات الأولى عشرات المارة والمهتمين بالفن المعاصر، قبل أن تؤكد وكالة «رويترز» صحة نسبها إلى الفنان البريطاني الأشهر في عالم فن الشارع.
الجداريّة الجديدة تحمل بصمة بانكسي المألوفة في المزج بين النقد السياسي والسخرية السوداء. يظهر في العمل شخصية على هيئة قاضٍ يرتدي الشعر المستعار التقليدي للمحاكم البريطانية، لكن وجهه مطموس بعلامة «X» حمراء كبيرة، بينما تخرج من يده مطرقة القضاء على شكل ميكروفون، في إشارة تبدو كتعليق لاذع على العلاقة بين العدالة والإعلام أو ربما على رمزية الصمت المفروض في قضايا الرأي العام.
اختيار محاكم العدل الملكية كموقع للعمل ليس تفصيلاً عابراً؛ فهذا المبنى التاريخي الذي يحتضن أبرز القضايا القانونية في بريطانيا تحوّل فجأة إلى مسرح لنقاش حول حرية التعبير وحدود الفن السياسي في الفضاء العام. بعض المارة اعتبروا الجدارية شكلاً من أشكال «الاحتجاج البصري» الذي يذكّر بمسؤولية القضاء عن حماية الحريات، بينما رأى آخرون أنها استفزاز غير مناسب لمؤسسة يفترض بها أن تبقى فوق التجاذبات.
السلطات المحلية لم تصدر حتى الآن قراراً بشأن الإبقاء على العمل أو إزالته، في حين بدأ نشطاء في جمع توقيعات إلكترونية تطالب بالحفاظ عليه كجزء من التراث الثقافي المعاصر للمدينة.
الجدير بالذكر أن بانكسي نادراً ما يكشف عن نواياه أو يفسّر أعماله، تاركاً الباب مفتوحاً أمام الجمهور لتأويل رسائله.
ومع مرور الساعات، تحوّلت الجدارية إلى نقطة جذب سياحية مؤقتة، حيث احتشد الزوار لالتقاط الصور ونشرها على وسائل التواصل الاجتماعي، ما حوّل موقع محاكم العدل الملكية إلى فضاء ثقافي عابر يعيد طرح السؤال الأقدم: من يملك الحق في تعريف العدالة، القانون أم الشارع أم الفن؟
• نشطاء بدأوا في جمع توقيعات إلكترونية تطالب بالحفاظ عليه كجزء من التراث الثقافي المعاصر للمدينة.