بدأت تتضح أسرار اللعبة التي يقوم بها بنيامين نتنياهو؛ فهو يريد أن يُحيل حياة الفلسطينيين في غزة إلى جحيم لا منجاة منه، شاهراً سيف التشريد، والتطهير العرقي، والإبادة الجماعية، بينما يعمل حليفاه الشريران بنغفير وسموتريتش على تحويل الضفة الغربية إلى أرض إسرائيلية، خالية من سكانها… كل ذلك لئلا يتزايد، خلال هذين الأسبوعين، عدد الدول التي قررت الاعتراف بحلّ الدولتين، وبحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولة مستقلة نصّت عليها الشرعية الدولية منذ عام 1948، ومبادرة السلام العربية، واتفاقات أوسلو. وقد اختار نتنياهو أن يحقق ذلك الخيار بإراقة دماء الفلسطينيين، خصوصاً من يصطفون للحصول على لقمة غذاء يقيمون بها أوَدَهُم؛ والأطفال الذين برزت عظامهم من شدة الجوع، وسوء التغذية. وفوق ذلك كله قرر نتنياهو و«جوقة الأشرار» تسليم قطاع غزة خالياً من البشر، والشجر، والحجر للولايات المتحدة، لتحوله إلى «ريفييرا الشرق الأوسط». هل يُعقل أن تقود القوة العظمى الوحيدة حلاً يخالف ليس القانون الدولي فحسب؛ بل يخالف فطرة العقل السليم، من خلال الإبادة الجماعية، وهو ما يمكن تسميته «الهولوكوست الفلسطيني» والعالم ساكن، ساكت، لا يفعل شيئاً. ونتنياهو يواصل كل يوم فواصله الدموية، غير عابئٍ حتى بسلامة الرهائن الإسرائيليين الذين تحتجزهم حركة حماس في غزة. وهو يدعي كذباً أن الأفكار، أساساً، أمريكية، وهو ليس سوى معين لواشنطن على تحقيق غاياتها. لقد تخلّى العرب عن استعادة الأرض السليبة، وقرروا قبول فكرة السلام للحاق بما بقي من إمكانات الحياة في أرضهم المغتصبة. لكن نتنياهو كشف الحقد الذي تنطوي عليه أنفس المتشددين اليهود؛ ظلماً وعدواناً وجشعاً. وفي ظل الضغوط التي يمارسها الموفدون الأمريكيون الموالون لإسرائيل، بحكم انتمائهم العرقي إلى اليهود، لا أمل في غير حكمة القادة والزعماء الذين لا تُشِينُ مواقفَهم تهمة انحياز للعرب أو اليهود، ليقودوا دول العالم إلى صيغة سلام تتفق مع الشرعية الدولية، وتبني أسس سلام مستدام.

أخبار ذات صلة

 

شاركها.