Published On 5/9/2025
|
آخر تحديث: 15:17 (توقيت مكة)
نشرت صحيفة إندبندنت البريطانية مقالا لكبير محلليها للشؤون الدولية رولاند أوليفانت، تناول فيه بالتحليل الظهور اللافت لابنة زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون في زيارته الأخيرة لبكين لحضور قمة “منظمة شنغهاي للتعاون”.
ونقلت الصحيفة عن وكالة الاستخبارات في كوريا الجنوبية أن كيم جو آي هي الابنة الوحيدة المعترف بها علنا لزعيم كوريا الشمالية، ويُعتقد أنها تبلغ من العمر 12 أو 13 عاما.
اقرأ أيضا
list of 2 itemsend of list
واعتبر أوليفانت، في مقاله، أن ظهورها برفقة والدها في لقاءاته مع الرئيس الصيني شي جين بينغ ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، قد يعني أنها الأوفر حظا لخلافته.
وحسب إدوارد هاول، المحاضر في العلاقات الدولية بجامعة أكسفورد، فإن تقديمها إلى الرئيسين شي وبوتين وإلى العالم، كما لو كانت نائبته، حمل رسالة واضحة لا لبس فيها، مفادها أن “سلالة كيم باقية” في الحكم.
وأشار تحليل الصحيفة إلى أن كيم جو آي ظهرت إلى العلن لأول مرة في نوفمبر/تشرين الثاني 2022 خلال اختبار صاروخ باليستي عابر للقارات، وكانت ترتدي ملابس طفولية وهي تمسك بيد والدها.
وتوالت بعدها مشاركاتها في سلسلة من الفعاليات، من مباريات كرة القدم إلى لقاءات مع علماء الأقمار الصناعية، وبمرور الوقت أصبحت ملابسها أكثر رسمية ونضجا.
وفي مايو/أيار الماضي، خطت أولى خطواتها على المسرح الدبلوماسي عندما رافقته إلى السفارة الروسية في بيونغ يانغ بمناسبة يوم النصر.
الطفلة المحترمة
بدأ الإعلام الكوري الشمالي يصف كيم جو آي بـ”الطفلة المحترمة”، وهو لقب مخصص -حسب الكاتب- لرموز القيادة العليا، فيما اعتبر تشيونغ سونغ-تشانغ من معهد سيجونغ في كوريا الجنوبية ظهورها في بكين دليلا على أنها أصبحت “الشخصية الثانية في كوريا الشمالية”.
ومما يزيد ضبابية المشهد، وفق المقال، أن الدولة النووية لم تنتهج نمطا محددا في انتقال السلطة، إذ لم يظهر كيم جونغ أون كخليفة إلا قبل شهر من وفاة والده كيم جونغ إيل في 2011، الذي بدوره عُين رسميا وريثا لوالده كيم إيل سونغ قبل وفاته في 1994.
وأورد المقال تصريحا لرايتشل مين يونغ لي، الباحثة البارزة في مؤسسة “38 نورث” بواشنطن المتخصصة في الشأن الكوري الشمالي، جاء فيه أن اصطحاب كيم ابنته إلى الصين يتجاوز الظهور الدبلوماسي العابر، مذكّرة بأن جدها كيم جونغ إيل قام بزيارة مماثلة للصين بعد تعيينه وريثا لوالده.

لكن الباحثة نفسها حذّرت من المبالغة في قراءة هذه الإشارات من دون سياق، فمن الصحيح أن ظهور ابنة من سلالة كيم بهذا العمر غير مسبوق، لكنه لا يعني بالضرورة أن جو آي ستخلف والدها مستقبلا.
وأشار أوليفانت إلى أن جو آي ليست المرشحة الوحيدة لخلافة والدها، فعمتها كيم يو جونغ، تُعد ثاني أقوى شخصية في البلاد، وكانت أيضا في بكين، حيث ظهرت في صور مع شي وبوتين. وحتى وقت قريب، كانت المرشحة الأبرز لوراثة كيم جونغ أون في الحكم.
ورغم الطبيعة الأبوية للمجتمع الكوري، فإن صعود نساء مثل كيم يو جونغ وتشوي سون هي -أول وزيرة خارجية ثم عضوة في المكتب السياسي- أوجد سابقة تسمح بتخيل وصول امرأة إلى قمة السلطة. لكن هذه الحالات تظل استثناءً نادرا، على حد تعبير المقال.
أهداف سياسية ودعائية
ويرى خبراء أن استعراض الزعيم لابنته يخدم عدة أهداف، هي إثبات أن السلالة الحاكمة باقية في السلطة، ودحض الشائعات حول صحة كيم جونغ أون، الذي يعاني من مشاكل صحية وسمنة مفرطة، وتليين صورة النظام عبر إبراز جانب أبوي وإنساني للزعيم.
وحسب تفسير مراسل الصحيفة، فإن طبيعة “النظام المغلق” تجعل من المستحيل تقريبا التحقق من نواياه الداخلية، فلا صحفيين أو باحثين يمكنهم الاتصال بمسؤولين متقاعدين أو نواب أو أكاديميين للحصول على تصور حول تفكير النظام.

كما لا تُجرى مقابلات ولا مؤتمرات صحفية ولا تسريبات، ما يترك المحللين يعتمدون على قراءة إشارات الإعلام الرسمي والرجوع إلى السوابق التاريخية.
ومع ذلك، أثبت كيم جونغ أون -في تقدير أوليفانت- قدرته على كسر التقاليد، كما فعل حين تخلى عن هدف توحيد الكوريتين الذي تبناه والده وجده.
وخلص كاتب المقال إلى أن الزعيم الكوري الشمالي باصطحابه ابنته إلى الصين صنع منها “لغزا جديدا” يحيّر المراقبين الأجانب، مضيفا أنه سيُكتب عنها الكثير في السنوات المقبلة، “لكن ليس كل ما سيُكتب سيكون صحيحا”.