لأكثر من أربعة عقود، دأب المفكر والباحث الأميركي، روبرت رايش، على دق ناقوس الخطر بشأن تفاقم انعدام المساواة في أميركا، وفعل رايش ذلك بصفته عضواً في ثلاث إدارات رئاسية، بما في ذلك فترة قضاها وزيراً للعمل في عهد الرئيس السابق بيل كلينتون، كما فعل ذلك بصفته أستاذاً في جامعة كاليفورنيا، وجامعات بيركلي وبرانديز وهارفارد، وفي ما يلي مقتطفات من الحوار الذي أجرته معه صحيفة «نيويورك تايمز»:

■ يدرك الناس معنى انعدام المساواة الاقتصادية نظرياً، لكن هل يمكن توضيحه بشكل أكثر واقعية؟

■■ أنا أتحدث عن التفاوتات الهائلة، ليس فقط في الدخل والثروة، بل أيضاً في فرص الحصول على تعليم جيد، وتفاوتات عرقية، وطبقية، لكنني أرى في جوهر الأمر أن «التنمر» عامل أساسي في خروج انعدام المساواة عن السيطرة؛ أي أن بعض الناس يسيطرون على غيرهم بطرق تمكنهم من استغلالهم بوحشية، وعندما يخرج انعدام المساواة عن السيطرة، كما حدث، سنحصل في النهاية على «متنمر» يهيمن على الجميع.

■ هل يمكنك أن تخبرنا لماذا يُثير التنمر هذه المشاعر لديك؟

■■ حسناً، أنا قصير جداً، لم يتجاوز طولي أبداً 160 سم، في طفولتي كنت أتعرض للتنمر والسخرية والإذلال لدرجة أنني كنت أخشى الذهاب إلى المدرسة، وجعلني التنمر أشعر بخوف شديد في جوانب عدة من حياتي المبكرة، لقد قوّض شعوري بالأمن الشخصي وقيمة الذات، ووجدتُ أنه لو كان لديّ شقيقان أكبر سناً لحمايتي من المتنمرين لكان ذلك مفيداً، أو أشخاص أتمسك بهم لأنني أعرف أنهم طيبون.

■ بمعنى أوسع هل هناك استراتيجيات موثوقة للتعامل مع المتنمرين الاقتصاديين؟

■■ إذا كنت عاملاً عادياً في الولايات المتحدة اليوم فأنت ضعيف للغاية، لا أحد يحميك، هذه إحدى السمات الجذابة التي قدّمها الرئيس دونالد ترامب عن قصد أو عن غير قصد في عام 2016 ومازال يُقدمها، لقد قدّم تفسيراً للأشخاص الذين تعرّضوا للوحشية والتنمر اقتصادياً واجتماعياً، وهذا تفسير خاطئ تماماً بالمناسبة، ويتعلق بالمهاجرين والدولة العميقة.

جزء من كتابي الجديد هو محاولتي لمساعدة الديمقراطيين، أو على الأقل التقدميين، على إدراك أن الطريق للمضي قدماً هو التحدث بصدق عن سبب عجز الكثير من الناس وتعرضهم للتنمر.

■ ما هو تشخيصك لسبب معاناة الديمقراطيين في تحقيق ذلك؟

■■ بعض الديمقراطيين لا يريدون سرد القصة الحقيقية لتركيز الثروة والسلطة لأنهم يتبنون أفكار الجمهوريين، لقد تفاقمت هذه المعضلة منذ أن كنت في العشرينات من عمري، وبدأت أراقب المال والسياسة والصفقات التي كان الديمقراطيون يعقدونها، يريد الديمقراطيون أن يكونوا إلى جانب العدالة الاجتماعية والإنصاف وتكافؤ الفرص والمساواة السياسية، ومع ذلك فإن بعض الديمقراطيين، لا أريد أن أبالغ في وصفهم هنا، يأخذون المال ويستمتعون ولا يريدون أن يشعروا بالذنب، لقد رأيت ذلك بنفسي، رأيتُ ذلك عندما كنتُ في لجنة التجارة الفيدرالية، ورأيتُه عندما كنت أعمل في وزارة العدل في إدارة فورد، ورأيتُه عن كثب في إدارة كلينتون، ثم عن بُعد عندما كنتُ أقدم بعض النصائح للرئيس باراك أوباما.

من الأمور المُحبطة في كتابة هذا الكتاب واستعادة ذكريات تلك السنوات أنني عثرتُ على مذكرات ورسائل ومقاطع فيديو لي في ذلك الوقت وأنا أردد مراراً: «إذا استمررنا على هذا المسار فسنجد أنفسنا في المستقبل غير البعيد مع شخص يتصرف بغوغائية، وستتعرض ديمقراطيتنا للتهديد».

■ إذا كان بعض الديمقراطيين مثل الجمهوريين، فكيف سيجد الديمقراطيون حينها أرضية مشتركة حقيقية مع العمال الذين يُكافحون؟.

■■ سيُشير الديمقراطيون إلى الشركات الكبرى في هذا البلد، وإلى ممارساتها الاحتكارية، وممارساتها المُناهضة للعمال، إلى كل ما تفعله والتي تُبقي بقية أميركا أكثر فقراً، سيفعل الديمقراطيون ما يفعله بيرني ساندرز وأكساندريا أوكامبو، لقد نجحت إليزابيث وارن وساندرز في تحقيق ذلك بفاعلية، ويبدو لي غريباً بعض الشيء أن الديمقراطيين منقسمون بين ديمقراطيي المؤسسة الذين أسميهم ديمقراطيي الشركات، والديمقراطيين التقدميين، لماذا لا يكون جميع الديمقراطيين ديمقراطيين تقدميين؟ عن «نيويورك تايمز»

شاركها.