مراسلو الجزيرة نت
السويداء- خلال فترة حكم الأسد الأب (حافظ الأسد)، كان المزاج السياسي العام في السويداء قريباً من اليسار بانفراجاته الثورية الحالمة والمشاكسة للسلطة “الديكتاتورية” المتلونة في سوريا الأسد. ومع أوائل السبعينيات ظهرت في السويداء مجموعة أحزاب عارضت السلطة الناشئة حينها، تمثلت في مفاصل بارزة منها:
- الحزب الشيوعي/المكتب السياسي
- الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي
- حزب البعث الديمقراطي
- حزب العمال الثوري
- حركة الاشتراكيين العرب
- الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي
وكانت حركة الاشتراكيين العرب أضعفَ أحزاب المعارضة في السويداء من ناحية وجودها واستقطاباتها.
في المقابل واجهت تلك المعارضة السياسية أحزابَ السلطة، فألبسها حافظ الأسد رداءً واحداً سماه الجبهة الوطنية التقدمية.
اشتداد قبضة النظام
وفي السويداء استحوذ حزب البعث والحزب الشيوعي بقيادة خالد بكداش على النصيب الأكبر من القواعد الشعبية، وبعدهما تقاسمت أحزاب الاتحاد الاشتراكي والوحدوي الاشتراكي باقي التركة الموالية لحكم الأسد في حينها.
وبقي المشهد السياسي في السويداء كما في باقي سوريا عرضةً للتراخي بحسب اشتداد القبضة البوليسية لنظام الأسد، وهذا حدث في متصاعد منذ الثمانينيات، حيث بقيت الأحزاب المعارضة في السويداء، وأيضاً في سوريا، تتابع العمل السياسي السري المحدود، وظل التجمع الوطني الديمقراطي يصدر وثيقته “الموقف الديمقراطي ” إلى غاية عام 2000.
وفي عام 2005 أحيت القوى السياسية المعارضة في السويداء ذكرى الثورة ضد الفرنسيين في مدينة الكفر، واجتمعت لأجل ذلك الأحزاب المعارضة بغية الاحتفال، وحينها جابههم نظام بشار الأسد بتحشيد مقابل ضد المناسبة نفسها.
ولم تحتفظ السويداء خلال العقد الأول من حكم بشار الأسد بأي اصطدام واضح مع السلطة، باستثناء الصدام المسلح مع بدو المحافظة عام 2000.

سنوات الثورة
وأثناء سنوات الثورة السورية ضد الأسد عاد اليسار السياسي ليكون عنوان الحالة المعارضة في السويداء، وخاصةً من جمهور الشباب الذين أسسوا اللجنة الوطنية لدعم الثورة، التي تحولت بعد ذلك إلى تجمع القوى الوطنية في محافظة السويداء لدعم الثورة السورية، من أجل الانخراط فيها.
وصاغت مجموعة من الناشطين السياسيين تحالفات بينية، ولم تعمل الأحزاب المعارضة في السويداء وفق نسق منفصل، وتشكلت نقابات موازية لنقابات النظام، مثل: المهندسون الأحرار، والمحامون الأحرار، والفنانون الأحرار، وكانوا نواة تنظيم المظاهرات في السويداء بعد العام 2011، وهذا بتظافر جهود 16 مكونا سياسيا، ثم تشكلت في السويداء لجنة لدعم النازحين.
وخلال سنوات الثورة السورية تأسس في السويداء مجموعة من الأجسام السياسية، ولعل أهمها الهيئة الاجتماعية للعمل الوطني عام 2012، إضافة إلى:
- تيار مواطنة 2011
- تجمع بنا الوطن 2015
- الحركة الشبابية السياسية 2022
- المبادرة الوطنية لجبل العرب بقيادة كمال القنطار ونبيل شعيب ونبيل عامر.
وفي عام 2018 تشكلت اللجنة الوطنية في محافظة السويداء وكانت أقل صداماً مع السلطة مقارنةً بالتجمع الوطني الديمقراطي المعارض منذ 1979.
وكانت هذه اللجنة تدعم اعتصامات محلية في السويداء مثل اعتصامات “بدنا نعيش” المطلبية، وتدعو إلى اعتصامات أخرى، وجاء أبرزها في الاعتصام الصامت كل يوم اثنين ولمدة ثلاثة أشهر، وكان آخره متصلاً بانتفاضة السويداء عام 2023.
انتفاضة السويداء
لاحقاً دفعت انتفاضة السويداء بكثير من الأجسام السياسية الحديثة، وكان أولها الهيئة السياسية للعمل الوطني، ولاحقاً ظهرت مكونات سياسية جديدة:
- الكتلة الوطنية
- تيار الحرية والتغيير
- المجلس السياسي السوري في السويداء
- تيار سوريا الفيدرالي
ولم تكن هذه التجمعات بأعداد كبيرة إذ تتراوح مكوناتها بين10 إلى 50 شخصاً، بعضها يحمل أهدافاً ورؤىً سياسية متقاربة، وبعضها الآخر لا.
وعموماً تراوحت الحالة السياسية في السويداء، خلال انتفاضتها، بين حاملٍ سياسي يريد سوريا واحدة، بنظام مركزي، وحامل سياسي مناوئ له يريد نظاماً سياسياً لا مركزيا، ولا يمانع من إقامة إدارة ذاتية للسويداء.
وظل المشروعان يتصارعان سياسياً من دون أن يقدر أحدهما على إنتاج تحشيد شعبي يغلّب سياسياً أحد الطرحين على الآخر، ويدفع باتجاه تبنيه واقعياً.
بعد السقوط
وبعد سقوط نظام بشار الأسد أخذت تيارات سياسية جديدة تصعد إلى السطح، وتعلن نفسها بمباركة الشيخ الهجري وهي تباعاً:
- تيار سوريا العلماني
- تحالف القوى الوطنية في السويداء الذي ضم التجمع المهني والعديد من الأحزاب
- المجلس المدني من أجل سوريا
- المجلس العسكري في السويداء
- التجمع الوطني في السويداء
- إضافة إلى الحركة الشبابية الدرزية
وجميعها تُعتبر محدودة الانتشار والتأثير الواقعي على الأرض، و تتبنى عناوين سياسية تعيد تسويقها إعلامياً من منصاتها الناطقة باسمها.

الفصائل المسلحة
أما الفصائل المسلحة في السويداء فظلت، منذ نشأتها محلية الطابع، انغمس بعضها في أعمال “مشبوهة”، متحالفا بذلك مع الأجهزة الأمنية للنظام السابق، وبعضها أخذ على عاتقه توجهات دفاعية عامة تخصّ السويداء، وتبنى خيار أبنائها بعدم الالتحاق بجيش نظام الأسد.

- “حركة رجال الكرامة”، أسسها في عام 2013 الشيخ وحيد البلعوس، وتعدّ الفصيل المسلح الأكبرعدداً وعتاداً، يتراوح عدد مكوناتها من 5 إلى 8 آلاف مقاتل، ويعتبر الفصيل الأكثر قرباً وتنسيقاً مع حكومة دمشق منذ سقوط النظام وحتى الآن. ويقف إلى جوارها سياسياً “تجمع أحرار الجبل” بقيادة سليمان عبد الباقي القريب من دمشق وتوجهاتها، لكنه فصيل متواضع العدد والتسليح.
- فصيل “مضافة الكرامة” يقوده النجل الأكبر للشيخ الشهيد وحيد البلعوس، ليث البلعوس، نظّم فصيله المسلح (يتكون من قرابة 50 مقاتلا) مرَكزاً على التطوع بجهازي الأمن العام والجيش في بلدته المزرعة.
- “لواء الجبل” يعد الفصيل الثاني من حيث الحجم والعتاد، تشكل عام 2015، ولديه حالياً 5 آلاف مقاتل، وموقفه السياسي يبدو قريباً من موقف الشيخ الهجري.
- “المجلس العسكري في السويداء” الذي أُشهر رسمياً بعد سقوط النظام، ويعد أحد أكبر الفصائل المسلحة الثلاثة في السويداء، بعدد مقاتلين يقارب 5 آلاف ومعظمهم من الضباط والعناصر المسرحين من جيش الأسد السابق، وهو بميول سياسية تبدو معادية لنظام الشرع بدمشق، وُيبدي تقارباً شديداً من الشيخ الهجري.
- “درع التوحيد” فصيل مسلح تابع للشيخ الهجري، مسؤول عن حمايته وأمنه، يتمركز في بلدته قنوات، ويقوده طارق المغوش ولديهم نحو 300 مقاتل.
- إضافة إلى فصائل مسلحة أخرى من نحو 300 مقاتل، مثل “قوات شيخ الكرامة” لأمجد بالي في محيط صلخد، و”قوات العَليا” لحسام سيف ورأفت بالي، و”تجمع سرايا الجبل” لوائل أبو قنصول، و”فصيل جيش الموحدين” لأسامة الصفدي بتعداد مقاتلين لا يتجاوز 15 مقاتلاً.
- “قوى مكافحة الإرهاب”، أو “حزب اللواء السوري” وقد توحدت مع قوات العليا وقوات شيخ الكرامة ووائل أبو قنصول ودرع التوحيد، وأعلنوا رفضهم حكومة دمشق رفضاً قطعياً بعد خطاب الشيخ الهجري ما قبل الأخير.