استنكرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تصريحات وزراء إسرائيليين دعوا إلى فرض “السيادة الإسرائيلية” على الضفة الغربية المحتلة، ووصفتها بأنها محاولة يائسة لتصفية القضية الفلسطينية عبر نهب الأرض وسرقتها من أصحابها الأصليين.
وقالت حماس في بيان، اليوم الاثنين، إن “هذه التصريحات التي تعكس العقلية الاستعمارية والفاشية المتحكمة في منظومة الاحتلال وتشكّل انتهاكا صارخا للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، تضع المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومؤسساتها أمام مسؤولية التحرك الفوري لمحاسبة الاحتلال ووقف سياساته التوسعية الإجرامية بحق شعبنا وأرضنا ومقدساتنا”.
ودعت حماس “جماهير شعبنا الصابر المرابط إلى تصعيد المقاومة بكل أشكالها، ومواصلة الانتفاضة والاشتباك مع جيش الاحتلال وقطعان مستوطنيه حتى كسر إرادة المحتل وقادته الفاشيين وإفشال مخططاتهم التهويدية”.
جاء ذلك بعدما دعا 4 وزراء في حكومة بنيامين نتنياهو، خلال مشاركتهم في افتتاح حي بمستوطنة “هار براخا” بالضفة الغربية، إلى فرض “السيادة الإسرائيلية” على الضفة.
خطوات الضم
وقال الأكاديمي المختص بالشؤون الإسرائيلية مهند مصطفى، في مقابلة مع الجزيرة نت، إن حكومة الاحتلال الإسرائيلي تسعى حاليا إلى بناء أرضية قانونية تتيح لها ضم الضفة الغربية أو أجزاء منها، عبر تشريعات تمهّد لفرض القانون الإسرائيلي على الأراضي المستهدفة.
وأوضح مصطفى أن هذا المسار القانوني هو المدخل الرئيسي نحو فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة، مشيرا إلى أنه لا توجد معارضة فاعلة في الشارع الإسرائيلي لهذا المشروع، رغم أن غالبية الإسرائيليين لا يدعمون الضم، بل يفضلون الانفصال عن الفلسطينيين دون إقامة دولة لهم.
وبيّن أن انشغال الرأي العام الإسرائيلي بالحرب على غزة وملف الأسرى، إلى جانب عدم شعور الإسرائيليين بتكلفة الضم حاليا، يساهم في حالة اللامبالاة تجاه خطوات اليمين نحو الضم، لكنه شدد على أن هذا الصمت لا يعني وجود تأييد شعبي واسع لهذه السياسة.
أقلية يمينية
وحسب مصطفى، فإن نحو 25% فقط من الإسرائيليين يدعمون مشروع الضم، بينما يفضّل الباقون الانفصال عن الفلسطينيين دون إقامة دولة فلسطينية.
واعتبر أن اليمين يرى في الوضع الراهن فرصة لتشريع قوانين ترسخ السيادة الإسرائيلية على مراحل، موضحا أن عملية الضم قد تبدأ بمراحل من خلال اختيار مناطق معينة وتشريع قوانين خاصة بها، وصولا إلى ضم واسع.
ومنذ بدء حرب الإبادة بقطاع غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، أعلن مسؤولون إسرائيليون، في مقدمتهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، رفضهم إقامة دولة فلسطينية واعتزامهم ضم الضفة الغربية رسميا.
وبالموازاة مع الإبادة، تكثف إسرائيل تحركاتها لضم الضفة، لا سيما عبر توسيع وتسريع الاستيطان وتهجير الفلسطينيين من أراضيهم، خصوصا تحت وطأة عدوان عسكري مستمر شمالي الضفة منذ يناير/كانون الثاني الماضي.
صمت عربي
وقال الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني أحمد الحيلة إن إسرائيل تستغل الصمت العربي، وضعف المنظومة الدولية، لاستكمال احتلالها للأراضي الفلسطينية، ومن ثم التوسع في الإقليم، كما يجري الآن في لبنان وسوريا، حيث أكد نتنياهو عزمه عدم الانسحاب منهما.
وأوضح الحيلة أن إجراءات الاحتلال المحمومة بزرع المزيد من المستوطنات في عموم الضفة الغربية، ومن ثم السعي لتشريع ضم الضفة أو أجزاء منها لإسرائيل، تعد أعمالا وتشريعات احتلالية باطلة وفق القانون الدولي.
وأشار إلى أن الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية لعام 2024 يؤكد أن الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 هي أراض محتلة وعلى المجتمع الدولي العمل على إزالة الاحتلال منها، وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في تقرير مصيره.
ووفقا للحيلة، فإن ضم الضفة الغربية عمليا يعني نهاية فرضية إقامة الدولة الفلسطينية، وفق اتفاقيات أوسلو، ومن ثم تحويل السلطة الفلسطينية لمجرد إدارة مدنية وأمنية لإدارة شؤون الفلسطينيين تحت سيادة إسرائيل المباشرة، ووفقا لقوانينها ومعاييرها السياسية.