في ظل العلاقات المتنامية بين المملكة وجمهورية كوريا الجنوبية، التي تشهد تطوراً متسارعاً في مختلف المجالات، يبرز التعاون الثقافي والأكاديمي كإحدى الركائز الأساسية التي تعزز هذا التقارب.
وتأتي برامج الابتعاث والتدريب الطبي والشراكات التعليمية كجسور فاعلة تربط بين الشعبين، وتسهم في إعداد كوادر سعودية مؤهلة بخبرات عالمية.
وفي هذا السياق، التقت «عكاظ» الملحق الثقافي السعودي في كوريا الجنوبية الدكتور عبدالعزيز الدايل، في العاصمة سيئول، للحديث عن أوضاع الطلبة السعوديين هناك، وجهود الملحقية في دعم مسيرتهم التعليمية، والتحديات التي يواجهونها، إلى جانب آفاق التعاون الأكاديمي بين الجامعات السعودية والكورية.
كسر حاجز اللغة
• نود في البداية أن نعرف عدد الطلبة والطالبات المبتعثين حالياً في كوريا الجنوبية؟ وما أغلب التخصصات التي يلتحقون بها؟
•• حالياً يوجد نحو 160 سعودياً، سواء دارساً أو متدرباً، ومعظمهم أطباء ومهندسون.
• ما أبرز التحديات التي يواجهها الطلبة السعوديون في كوريا، سواء على الصعيد الأكاديمي أو المعيشي؟ وكيف تتعامل الملحقية معها؟
•• يعتبر حاجز اللغة أهم التحديات الأكاديمية، ولهذا السبب تمنح وزارة التعليم، فترة أطول لدراسة اللغة الكورية مقارنة بالفترة التي تمنحها لدراسة اللغة الإنجليزية. وعلى المستوى المعيشي، ووفقاً لمؤشرات تكلفة المعيشة، تصنف مدينة سيئول من ذات التكلفة العالية، ما يلقي بعبء إضافي على بعض الطلاب.
• ما مدى إقبال الطلاب السعوديين على الالتحاق بالجامعات الكورية، وهل هناك دعم خاص لهذا التوجه؟•• تتعامل الملحقية مع عشرات الطلبات أسبوعياً لمواطنين يرغبون في استكمال دراستهم في كوريا، ما يظهر وجود رغبة وإقبال، وجمهورية كوريا الجنوبية ضمن دول برنامج الابتعاث، وهذا إحدى صور دعم الدراسة في كوريا.
تبادل طلابي وتدريبي
• برنامج «الزمالة» بين السعودية وكوريا الجنوبية يُعد من المبادرات الطموحة واللافتة، هل يمكنكم إطلاعنا على أهدافه الرئيسية ومراحله الحالية؟•• برنامج التدريب الطبي؛ الذي بدأ منذ أكثر من 10 سنوات، يعتبر من أنجح شراكات التدريب الطبي، ويهدف إلى توفير فرص تدريب إقامة طبية وزمالة طبية ودورات طبية قصيرة. والآن العمل جارٍ على توسيعه ليشمل برامج إقامة في التمريض والصيدلة، وبرامج تدريب لتخصصات طبية مساندة من الأشعة والمختبرات.
• هل هناك اتفاقيات أو شراكات موقعة مع جامعات كورية كبرى لاستقبال الطلبة السعوديين أو تبادل أعضاء هيئة التدريس؟•• يوجد العديد من الاتفاقات بين جامعات سعودية وجامعات ومستشفيات كورية، بعضها متعلق بالتبادل الطلابي، وبعضها متعلق بالتدريب، خصوصاً في المستشفيات الجامعية، وبعضها في إعداد البرامج الأكاديمية، وغيرها.
• من خلال متابعتكم، ما مدى اندماج الطلبة السعوديين في المجتمع الكوري، وهل هناك مبادرات من الملحقية لتعزيز التفاهم الثقافي بين الجانبين؟•• الطلبة السعوديون في كوريا يتمتعون بقدر جيد من الاندماج في المجتمع الكوري، مع محافظتهم على هويتهم وثقافتهم، وتعمل الملحقية الثقافية على دعم هذا الاندماج الإيجابي من خلال تنظيم فعاليات ثقافية وتعليمية، وتشجيع المبادرات الطلابية التي تسهم في تعزيز التفاهم المتبادل بين الجانبين السعودي والكوري، بما يعكس الصورة الحضارية للمملكة ويعزز العلاقات الثنائية بين البلدين.
إرشاد أكاديمي ودراسي
• ما نوع الدعم الذي تقدمه الملحقية للطلبة الجدد فور وصولهم إلى كوريا الجنوبية، وهل هناك برامج توجيهية أو إرشادية خاصة؟•• يركز دعم الملحقية للطلبة الجدد على الإرشاد الأكاديمي والدراسي، وفي حدود معينة تقدم لهم الملحقية الدعم في ما يتعلق بإجراءات استخراج الإقامة وتصاريح الممارسة الطبية، وهناك لقاءات سنوية تعقدها الملحقية لجميع الطلاب يتخللها نقاش بين الطلاب القدامى والجدد لتبادل الخبرات، إضافة إلى عروض لتعريف الطلاب الجدد بالأنظمة الكورية، وطريقة الدراسة، ومتطلبات الحياة المختلفة.
طلابنا.. جسور للتواصل
• ما رؤيتكم المستقبلية لتوسيع الابتعاث إلى كوريا الجنوبية، وهل هناك خطط لزيادة عدد الطلبة السعوديين في السنوات القادمة؟
•• كوريا الجنوبية ضمن مستهدفات برنامج الابتعاث، ولها دور مهم في رفع كفاءة رأس المال البشري، للمساهمة في التنمية الاقتصادية والعلمية وتنمية المهارات والقدرات الفنية والمهنية، وعدد المبتعثين يزداد كل سنة، باستثناء فترة كورنا، نظراً إلى زيادة عدد المقاعد المخصصة لها ولزيادة الإقبال عليها.
أيضاً هناك تفاهم مع بعض الجامعات الكورية حول برامج التبادل الطلابي، وبرنامج الطالب الزائر، وبرامج التدريب الصيفي، وغيرها من البرامج التي تسهم في إتاحة فرصة الدراسة والتدريب للطلاب من الدولتين، والتعرف على ثقافة كل دولة.
• رسالتكم للطلبة السعوديين في كوريا، خصوصاً في ظل التحولات العالمية والتطورات العلمية المتسارعة، وكيف يمكنهم أن يكونوا سفراء للثقافة السعودية؟
•• ندعو أبناءنا الطلبة السعوديين في كوريا الجنوبية، إلى أن يكونوا نماذج مشرّفة تمثل الوطن خير تمثيل، من خلال الجد والاجتهاد في طلب العلم، والانفتاح الواعي على الثقافات الأخرى، مع الحفاظ على القيم الإسلامية والسعودية الأصيلة. وفي ظل التحولات العالمية المتسارعة فإنهم مطالبون بأن يكونوا جسوراً للتواصل الحضاري، وسفراء ينقلون الصورة المشرقة عن المملكة وثقافتها للعالم.
أخبار ذات صلة