تبدو فكرة أن تحقق أوكرانيا «نصراً» يعيد إليها الأراضي التي فقدتها لصالح روسيا منذ عام 2014، أمراً غير واقعي.
ومع استمرار الحرب وتعثر أي مفاوضات جادة لوقف إطلاق النار، بدأت بعض الأطراف تروج لفكرة نشر قوات حفظ سلام كحل بديل.
وكان كبار مسؤولي الدفاع في المملكة المتحدة اجتمعوا أواخر الشهر الماضي، لمناقشة فكرة تشكيل «ائتلاف من الدول الراغبة» للمشاركة في مهمة حفظ السلام. وقال الباحث بينس نيميث، من جامعة «كينغز كوليدج» في لندن، إن القادة الأوروبيين لن يرسلوا قوات إلى أوكرانيا إلا إذا تم التوصل إلى سلام دائم، وهو أمر استبعده الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خصوصاً إذا كان السلام يتضمن وجود قوات غربية على الأراضي الأوكرانية.
لكن مهمة حفظ السلام لا يمكنها أن تكون بديلاً للمفاوضات أو القوة العسكرية، حيث إن نجاح مثل هذه المهمة يعتمد بشكل أساسي على وجود اتفاق سلام فعلي يمكن الحفاظ عليه.
وفي أفضل الأحوال، يمكن لقوات حفظ السلام أن تعزز الثقة بين الأطراف المتحاربة، لكنها لا تُفرض بالقوة ولا تسبق الاتفاق السياسي.
الدور الدفاعي
أما عن الدور الدفاعي لحلف شمال الأطلسي «الناتو»، فهو فعّال ضمن حدود دوله الأعضاء، عبر الردع العسكري والتخطيط الدفاعي، غير أنه يجب ألا يُخلط مع العمليات الهجومية لاستعادة الأراضي الأوكرانية من روسيا. وفي ظل عدم استعداد «الناتو» لاستخدام جميع عناصر قوته، وهو خيار محفوف بالمخاطر خصوصاً مع روسيا النووية، يبقى قرار إنهاء الحرب فعلياً بيد الرئيس بوتين.
والسؤال المطروح حالياً، إذا تم التوصل إلى اتفاق سلام، هل يجب على «الناتو» إرسال قوات لحفظه؟ الفكرة منطقية إذا كان الهدف تفادي سقوط آلاف القتلى مقابل مكاسب محدودة على الأرض.
وقد أشارت بعض دول «الناتو» إلى إمكانية المساهمة بقوة قوامها 30 ألف جندي لهذا الغرض.
وبالنظر إلى تجربة «القوة متعددة الجنسيات في سيناء»، فإن مهمة مشابهة لمراقبة الالتزام باتفاق سلام بين روسيا وأوكرانيا قد تكون ممكنة نظرياً، لكن التحدي يكمن في أن حدود أوكرانيا مع روسيا تمتد لمسافة قد تصل إلى 1600 كيلومتر، وهو نطاق يتجاوز بكثير ما هو مطبق في سيناء.
تساؤلات مهمة
وفي هذا السياق يُطرح عدد من التساؤلات المهمة: أولاً: «الناتو» ليس طرفاً مباشراً في الحرب، بل يقدم الدعم لأوكرانيا من خلال أعضائه بشكل فردي، وليس كمؤسسة موحدة، ولهذا من غير المرجح أن توافق جميع الدول الـ32 الأعضاء في الحلف على مهمة حفظ سلام مشتركة.
ثانياً: موافقة روسيا على هذا الطرح مستبعدة بشدة، فبوتين يرى في تواجد قوات «الناتو» على حدود بلاده تهديداً مباشراً للأمن القومي الروسي، وكان أحد أسباب الحرب أصلاً هو منع توسع الحلف قرب روسيا.
ثالثاً: حتى لو تم الاتفاق على نشر 30 ألف جندي، فمن أين ستأتي هذه القوات؟ فمعظم الدول الأعضاء ملتزمة بالفعل بمهام الدفاع ضمن أراضي «الناتو»، ما يجعل من الصعب توفير هذه القوة في الوقت الحالي.
اعتبارات سياسية وعسكرية
وعلى الرغم أن «الناتو» يمتلك الخبرة والقدرة التنظيمية اللازمة لقيادة مثل تلك المهمة فإن الاعتبارات السياسية والعسكرية تجعل من الخيار غير عملي حالياً. وقد يكون من الأنسب أن تتولى هذه المهمة الأمم المتحدة أو منظمة محايدة، وربما تشارك فيها دول مثل الصين أو الهند، ما قد يجعلها مقبولة أكثر من الجانب الروسي.
وفي الوقت نفسه، يبدو أن بعض أعضاء «الناتو» قد يكونون راغبين في المشاركة، إلا أن بقاء الحلف بعيداً عن أي اتفاق مباشر بين روسيا وأوكرانيا ربما يكون أفضل له من الناحية السياسية والاستراتيجية.
وقد يكون من الأفضل توجيه الموارد العسكرية الإضافية لدعم حدود «الناتو» بدلاً من المغامرة في مهمة حفظ سلام غير مضمونة النتائج في أوكرانيا. عن «ذا هيل»
. رغم أن «الناتو» يمتلك الخبرة والقدرة التنظيمية لقيادة مهمة حفظ سلام، فإن الاعتبارات السياسية والعسكرية تجعل الخيار غير عملي حالياً.
. القادة الأوروبيون لن يرسلوا قوات إلى أوكرانيا إلا إذا تم التوصل إلى سلام دائم، وهو أمر استبعده الرئيس الروسي.