حذّر مسؤولون من أن اندلاع قتال بين الفصائل في شمال إثيوبيا، قد يدفع ثاني أكبر دولة إفريقية من حيث عدد السكان إلى شفا حرب أهلية، ويُنذر بإعادة إشعال الصراع مع إريتريا المجاورة.
واستولى فصيل منشق عن «جبهة تحرير شعب تيغراي»، الحزب الحاكم في ولاية تيغراي، على أجزاء من عاصمة الإقليم، ميكيلي، وسيطر على أديغرات، ثاني أكبر مدينة في الإقليم، فيما وصفه مسؤولون وخبراء بأنه بمثابة «انقلاب».
وقال الخبير في شؤون القرن الإفريقي في مركز «تشاتام هاوس» البحثي البريطاني، أحمد سليمان، إن الوضع يُشكل مخاوف أمنية خطرة لكل من إثيوبيا وإريتريا.
وأوضح: «هناك اتفاقية سلام هشة للغاية تنهار في الوقت الحالي»، مضيفاً أن رئيس إدارة تيغراي، غيتاتشو رضا، قد طُرد من منصبه على يد فصيل منافس في «جبهة تحرير شعب تيغراي»، بقيادة زعيمها دبرصيون جبريمايكل.
وأضاف الخبير: «قد يؤدي هذا إلى حرب بين أديس أبابا وتيغراي، ويُرجّح أن (جبهة تحرير شعب تيغراي) بقيادة جبريمايكل قد تحالفت مع عدوها الأكبر، المتمثّل في الحكومة الإريترية.. إنه تحالف على أساس مبدأ (عدو عدوي صديقي)».
أعنف الصراعات
أودت الحرب الأهلية الإثيوبية، التي استمرت بين عامَي 2020 و2022، بحياة ما يصل إلى 600 ألف شخص، ما يجعلها واحدة من أعنف الصراعات في العالم في الآونة الأخيرة، وقاتلت القوات الإريترية إلى جانب الجيش الفيدرالي الإثيوبي، واتُّهمت بارتكاب جرائم قتل جماعي واغتصاب.
وتدهورت العلاقات بين البلدين بشكل مطرد منذ انتهاء الحرب الأهلية في نوفمبر 2022، بعد اتفاق سلام لم تكن إريتريا طرفاً فيه. وتتردد تقارير متواترة عن حشد القوات على جانبي الحدود.
تحذير
وحذّر رئيس أركان الجيش الإثيوبي السابق، الجنرال تسادكان بايرو، الذي قاتل إلى جانب تيغراي في الحرب الأهلية، في مقال نشرته مجلة «أفريكا ريبورت»، الأسبوع الماضي، من أن «الحرب بين إثيوبيا وإريتريا قد تندلع في أي لحظة، وسيتأثر أمن البحر الأحمر بشكل مباشر».
من جهته، كتب رئيس إدارة تيغراي، غيتاتشو رضا، الموجود في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا منذ الأسبوع الماضي، على موقع «إكس»، «إن القتال في تيغراي كان جزءاً من خطة متهورة لتنصيب فصيل غير شرعي من (جبهة تحرير شعب تيغراي) في موقع السلطة، الأمر الذي قد يتصاعد إلى جولة أخرى من الحرب المدمرة».
وفي إشارة ضمنية إلى إريتريا، أضاف رئيس إدارة تيغراي أن «هناك ما يدعو إلى الاعتقاد بأن قوى خارجية تحاول استغلال هذه الأزمة».
ونفى المتحدث باسم الحكومة الإريترية، يماني جبرميسكيل، مزاعم بقاء جنود من بلاده نشطين داخل الحدود الإثيوبية في تيغراي، وقال إن أي حرب أخرى بين إريتريا وإثيوبيا ستكون «عبثية»، لكنه أضاف أن هذه الاتهامات قد تكون ذريعة لإثيوبيا لإطلاق هجمات ومحاولة استعادة السيطرة على ميناءي مصوع وعصب، اللذين فقدتهما عندما نالت إريتريا استقلالها بعد حرب تحرير استمرت 30 عاماً عام 1992.
وقال جبرميسكيل، «إن التهديد المستمر بالحرب شديد للغاية لدرجة لا يمكن تجاهله باعتباره مجرد موقف».
حرب إقليمية
وقال سليمان، من معهد «تشاتام هاوس»، إنه إذا تدخلت القوات الفيدرالية الإثيوبية في تيغراي نيابة عن قوات رضا، فقد يؤدي ذلك إلى جر إريتريا إلى حرب إقليمية.
وفي هذه الأثناء، هناك حديث عن حشد للقوات، مع وجود بعض الدلائل على تعبئة على الحدود الإثيوبية الإريترية، ويخشى مراقبون ومسؤولون من اندلاع مواجهة إقليمية، وهذا آخر ما يحتاج إليه شعب تيغراي أو المنطقة، على حد قول سليمان. عن «فاينانشال تايمز»
تصاعُد التوتر
غيتاتشو رضا )يمين( أثناء توقيع اتفاق سلام في 2022 . أرشيفية
أثارت التوترات بين إثيوبيا وإرتيريا قلقاً جديداً في المنطقة، التي لم تتعافَ بعد من الصراع الذي انتهى عام 2022، بعد توقيع «جبهة تحرير شعب تيغراي» والحكومة الإثيوبية اتفاق سلام.
وأدى الاتفاق إلى تشكيل إدارة مؤقتة، يُفترض أن تحكم تيغراي حتى إجراء الانتخابات الإقليمية، لكن التأخير في تنفيذ الاتفاق أجج انقسامات حادة داخل «جبهة تحرير شعب تيغراي».
وفي الأثناء، حذّرت دول عدة، منها الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي، من تصاعد التوتر، مؤكدة ضرورة «عدم العودة إلى العنف».
وتبدو الخيارات محدودة أمام أديس أبابا و«جبهة تحرير شعب تيغراي»، ويرى مراقبون أنه إما أن تتجه الأطراف إلى تصعيد المواجهة، ما قد يؤدي إلى اندلاع نزاع جديد تكون له تداعيات كارثية، وإما أن تعود إلى طاولة المفاوضات لإنقاذ ما تبقى من اتفاق السلام.
. الحرب الأهلية الإثيوبية استمرت بين 2020 و2022، وأودت بحياة ما يصل إلى 600 ألف شخص.