تتزايد الشكوك حول الموقف «العدواني» المتزايد لإدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، تجاه أوكرانيا ورئيسها، فولوديمير زيلينسكي، ويبدو أن الرئيس ترامب يسعى جاهداً لوقف الحرب في أقرب وقت ممكن، حيث وعد بإنهاء النزاع منذ اليوم الأول لولايته الثانية.
لكن هذا الموقف قد يتطلب مهاجمة «الضحية» والتسليم ببعض الدعاية الروسية، ما يضرّ بموقف أوكرانيا التفاوضي.
وعلى الرغم من أن الهدف النهائي من إنهاء الحرب يُعد مطلباً عالمياً، فإن الطريقة التي يتم بها هذا الإنهاء والشروط التي ستحكمه تُعدان من القضايا المحورية، فالتنازلات التي قد تشير إليها إدارة ترامب تميل إلى خدمة مصلحة روسيا، ما يثير القلق داخل الولايات المتحدة بشأن تقديم تنازلات قد تسهم في تعزيز نفوذ موسكو.
السؤال الأهم
ويبقى السؤال الأهم: إلى أي مدى سيكون الشعب الأميركي مستعداً لتقبل هذه التنازلات لمصلحة السلام؟ وعلى نحو أكثر تحديداً: إلى أي مدى سيشعر الأميركيون بالقلق بشأن تشجيع هذه التنازلات وتمكين خصم قوي مثل روسيا؟
ورغم استعداد البعض لقبول تنازلات لإنهاء الحرب، إلا أن هناك قلقاً عميقاً بشأن تشجيع روسيا على التوسّع.
وتجسد هذا القلق بشكل واضح خلال الاجتماع الذي جمع ترامب ونائبه جيه دي فانس، مع زيلينسكي في البيت الأبيض أخيراً.
ففي الوقت الذي دافع فيه ترامب وفانس عن ضرورة تبني موقف أكثر ليونة تجاه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لتحقيق السلام، حذّر زيلينسكي من أن تقديم تنازلات كبيرة لروسيا سيؤدي إلى تداعيات سلبية مستقبلاً.
وقال زيلينسكي إن نفوذ روسيا قد يبدو غير محسوس الآن، لكنه سيؤثر في الولايات المتحدة بالمستقبل.
وردّ ترامب بغضب على هذا التحذير، مشدداً على أن الولايات المتحدة قوية بما يكفي لعدم الخوف من التأثيرات المستقبلية. ومع ذلك، يظل الخوف من توسيع النفوذ الروسي في أوروبا مصدر قلق حقيقياً داخل الأوساط الأميركية.
الرأي العام
ويبدو أنه من الممكن أن يتردد الرأي العام الأميركي في منح روسيا قدراً أعظم مما ينبغي، وفي الوقت نفسه لا يبدو أن الأميركيين مستسلمون مثل إدارة ترامب لمنح روسيا قدراً كبيراً من أراضي أوكرانيا.
وكشفت استطلاعات للرأي عن تباين في مواقف الأميركيين، فبينما أظهر استطلاع أجرته مجلة «الإيكونوميست» البريطانية، بالتعاون مع مؤسسة «يوغوف»، الشهر الماضي، أن نحو 20% من الأميركيين أبدوا قبولهم بأن تحتفظ روسيا ببعض الأراضي الأوكرانية، أظهر استطلاع آخر أجراه مركز «بيو» للأبحاث أن 44% من الأميركيين يفضلون استمرار أوكرانيا في القتال لاستعادة أراضيها.
وعلى الرغم من ذلك، يظل الأميركيون مترددين في تقديم المزيد من التنازلات لروسيا، ويبدو أن هناك خوفاً كبيراً من أن يؤدي ذلك إلى تهديدات أكبر ضد دول مجاورة لأوكرانيا.
خياران
وكان استطلاع للرأي أجرته مؤسسة «غالوب» الأميركية في ديسمبر الماضي، سأل الأميركيين أن يختاروا بين خيارين، الأول إنهاء الحرب في أسرع وقت ممكن، حتى لو تمكنت روسيا من الاحتفاظ بمكاسبها الإقليمية، فيما الخيار الثاني كان حول دعم أوكرانيا في استعادة الأراضي، حتى لو أطال ذلك أمد الحرب.
وكان الخيار الأول الذي يبدو مشابهاً لموقف ترامب، آخذاً في الارتفاع، لكن الأميركيين لايزالون منقسمين بالتساوي تقريباً، وفقاً لما كشفه استطلاع آخر أجراه مركز «بيو» للأبحاث في وقت لاحق.
وفي استطلاع جديد أجرته جامعة «هارفارد»، عبّر 63% من الأميركيين عن قلقهم من أن توسّع روسيا في أوكرانيا قد يدفعها للتوسّع نحو دول أخرى، وهو ما يعكس حجم القلق الداخلي في الولايات المتحدة من تعزيز روسيا لنفوذها في المنطقة.
وبالنتيجة، بينما تواصل إدارة ترامب الدفع باتجاه تنازلات قد تعزّز من قوة روسيا، فإن الرأي العام الأميركي يبدو حريصاً على عدم منح موسكو المزيد من الأراضي أو النفوذ، حيث يعتبر أن ذلك يُشكل تهديداً طويل الأمد. عن «واشنطن بوست»
. لا يبدو أن الأميركيين مستسلمون مثل إدارة ترامب لمنح روسيا قدراً كبيراً من أراضي أوكرانيا.
. %44 من الأميركيين يفضلون استمرار أوكرانيا في القتال لاستعادة أراضيها.