في الـ27 من أكتوبر العام الماضي، فارقت فاريشتا عزيزي غولزاد، الحياة عن عمر ناهز الـ33 عاماً، بعد صراع مع مرض السرطان، ما دفع والدها رجل الأعمال مرويس عزيزي، للإعلان عن أكبر تبرّع فردي من القطاع الخاص بقيمة بلغت ثلاثة مليارات درهم.
وجاء التبرع دعماً لحملة «وقف الأب»، بهدف تكريم الآباء في دولة الإمارات، من خلال إنشاء صندوق وقفي مستدام، يخصص ريعه لتوفير العلاج والرعاية الصحية للفقراء والمحتاجين. وسيتم استثمار إسهام مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة عزيزي للتطوير العقاري، مرويس عزيزي في بناء حي طبي إنساني، يتضمن مستشفى ومركز أبحاث ومركز تدريب طبياً.
وولدت فاريشتا عزيزي في 23 مايو 1991 في أفغانستان، لتستقر مع عائلتها في دبي فيما بعد، وطوال سنوات حياتها، كانت مثالاً للمرأة القوية والمثابرة، فرغم صغر سنها، تركت وراءها إرثاً من المحبة والروح القتالية ضمن عائلتها، وطفلين اثنين.
وبدأ التشخيص الأول لـ«فاريشتا» بمرض السرطان قبل عامين ونصف العام من وفاتها، وعلى الرغم من تلقيها العلاج وشفائها، عاد المرض مجدداً بعد عام، لتفارق الحياة وتوارى الثرى في دبي. ورغم أن والدها مرويس كان قادراً على توفير أفضل الرعاية الصحية لابنته، سواء في ألمانيا أو دبي، إلا أنه لم يستطع أن يتجاهل معاناة كثير من الأشخاص الذين لا يمتلكون القدرة نفسها حول العالم.
وقال مرويس عزيزي في حوار مع «الإمارات اليوم»، إن ابنته فاريشتا لم تفارق قلبه، بل هي حاضرة في ضحكات حفيديه، في طيبهما، وفي كل لمسة من حبهما، كما لو أنه يراها في كل خطوة يخطوانها، مشيراً إلى أن رحلته مع معاناة ابنته كانت طويلة مملوءة بالأمل والألم في آن واحد.
وأضاف عزيزي «كانت لدي القدرة المادية لتوفير العلاج لابنتي في أي مكان في العالم، لكنني كنت أرى في الوقت نفسه الكثير من الناس الذين لا يملكون هذه الفرصة، وهم يعانون في صمت في كل مكان في العالم».
وتابع: «هذا الواقع دفعني إلى التفكير في مشروع يمكن أن يقدم العلاج والرعاية للمحتاجين، ويكون بمثابة إرث إنساني في ظل ما مرّت به ابنتي». حينها قرر مرويس أن يدفع حزنه العميق إلى خطوة فعلية لمساعدة الآخرين، من خلال هذا التبرع القياسي.
وقال: «عندما سمعت عن حملة (وقف الأب)، شعرت بأنها لحظة حاسمة، لم أستطع أن أنتظر أكثر، وقررت فوراً الإعلان عن تبرعي»، مضيفاً: «قبيل الإعلان عن التبرع لم أستطع النوم، كنت متحمساً للغاية لهذا الإعلان الذي غمرني بالسعادة».
وتابع عزيزي: «أشعر بالحزن لفقداني ابنتي، ولكن التبرع والمساعدة للآخرين يعوضني عن ذلك، عندما أرى السعادة على وجه شخص ما بسبب إسهامي، أشعر بسلام داخلي، وهذا يشعرني بالارتياح»، مضيفاً «لو عرضت عليّ كل أموال العالم، فلن أكون سعيداً بقدر ما أشعر به عندما أساعد شخصاً ما».
وأكد أن الفكرة التي ولدت من معاناة شخصية ستتحول إلى مشروع إنساني ضخم. وأن عمليات التشييد في المجمع ستبدأ قريباً، وسيتم تغطية التكاليف التشغيلية للمجمع باستمرار، من خلال تخصيص عائدات مشروعات سكنية وفندقية، أي أن المجمع سيواصل تلقي الأموال لتلبية الاحتياجات.
وتابع عزيزي: «أتطلع إلى أن يكون هذا المركز شاملاً، من خلال تقديم العلاج لجميع المرضى، خصوصاً أولئك الذين لا يملكون القدرة على دفع تكاليف العلاج، لأنني أؤمن بأن لكل إنسان الحق في العلاج المناسب، بغض النظر عن وضعه المالي».
وقال: «بالنسبة لي الأمر لا يتعلق فقط بتنمية الأعمال، بل الإسهام المجتمعي، وهذه فلسفتي في مجال الأعمال، وينبغي أن يكون الأمر كذلك»، مضيفاً: «كما أن الأمر لا يتعلق بحجم التبرع.. فعلى سبيل المثال إذا كان بمقدور شخص ما أن يتبرع بـ100 درهم وتبرع به، فإن هذا الإسهام يوازي إسهامي الذي يبلغ 3 مليارات.. المهم في الأمر هو أن نساند بعضنا بصرف النظر عن حجم الإسهام».
وأكد أن فعل الخير يجب أن يكون ثقافة مجتمعية، بحيث يسهم فيه الجميع، موضحاً «علينا أن نتقاسم ونعمل معاً لسد الاحتياجات الإنسانية، كل يد ممدودة للمساعدة تترك أثراً عظيماً في حياة الآخرين، وإسهامنا جميعاً مع بعضنا بعضاً هو ما سيبني عالماً أفضل لنا جميعاً».
مرويس عزيزي:
. إذا كان بمقدور أي شخص أن يتبرع بـ100 درهم، فإن إسهامه يوازي تبرعي بـ3 مليارات درهم.
. تقديم العلاج لمن لا يملكون القدرة على دفع تكاليفه، يسعدني أكثر مما لو عُرضت عليّ كل أموال العالم.