روما – الإمارات اليوم
ضمن جهودها في مد جسور التواصل والحوار مع بلدان وثقافات العالم، استعرضت إمارة الشارقة جانباً من تاريخها الثقافي عبر العصور القديمة في العاصمة الإيطالية روما، حيث كشفت شواهد تثبت حضورها التاريخي مركزاً تجارياً وثقافياً رئيساً على طريق البهارات، وعرضت أدوات حجرية آشولية تعود إلى 500 ألف عام، كما قدمت أدلة توثق مسار الهجرة البشرية منذ 210 آلاف عام.
وفي السياق ذاته، نظّمت «دائرة العلاقات الحكومية» في الشارقة، بحضور الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيسة هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق)، والشيخ فاهم القاسمي، رئيس دائرة العلاقات الحكومية بالشارقة، حفل استقبال استضافت خلاله نخبة من كبار الشخصيات الدبلوماسية ورؤساء المؤسسات الثقافية والمعرفية والأكاديمية الإيطالية والإماراتية.
جاء ذلك على هامش معرض نظمته «هيئة الشارقة للآثار» بالشارقة وسط مدرج روما الشهير «كولوسيوم»، تحت عنوان «من الشارقة إلى روما عبر طريق البهارات»، تضمن عدداً من المحاضرات والعروض التاريخية.
قصة تواصل إنساني
وأكدت الشيخة بدور القاسمي أن المعرض يمثل احتفاءً بالإرث التاريخي والثقافي لإمارة الشارقة، وقالت: «تحكي الشارقة قصة تواصل إنساني، حيث تتشابك الثقافات والأفكار، وتتداخل الأحداث التاريخية عبر قرون من العلاقات التجارية والتبادل الثقافي، وهو ما يتجلّى بوضوح في موقع الفاية، الذي يحظى بأهمية تاريخية كبيرة، والمُدرَج على قائمة التراث العالمي التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)».
وأضافت الشيخة بدور القاسمي: «إلى جانب عرض القطع الأثرية القديمة، يمثل هذا المعرض دعوة لتعزيز فهمنا لتراثنا المشترك، ومن خلال إبراز دور الشارقة كنقطة محورية حيوية على طريق البهارات، فإننا نؤكد على أهمية الحفاظ على إرثنا الثقافي وتعزيز الروابط التي تتجاوز الحدود الجغرافية وتمتد عبر الزمن».
تعزيز العلاقات
من جانبه، ألقى الشيخ فاهم القاسمي، خلال الحفل، كلمة ترحيبية شدّد خلالها على أهمية المعرض في تعزيز العلاقات الثقافية والدبلوماسية بين الشارقة وروما، وقال فيها: «إن معرض (من الشارقة إلى روما عبر طريق البهارات) ليس مجرد استذكار لمحطات تاريخية، بل هو تأكيد على أهمية التراث المشترك في بناء جسور التفاهم بين الحضارات».
وأضاف: «تنظيم هذا المعرض في قلب روما يعكس رؤية الشارقة في صون التراث الإنساني وتقديمه للعالم في سياق معاصر يثري المعرفة المتبادلة، فنحن نؤمن بأن الثقافة ليست فقط انعكاساً للماضي، بل هي أيضاً ركيزة لصياغة المستقبل، وما نشهده اليوم هو نموذج عملي لكيفية استثمار هذا الإرث في تعزيز الحوار وترسيخ العلاقات الثقافية والدبلوماسية».
إضاءة على التجارة القديمة
بدوره، قدّم مدير عام هيئة الشارقة للآثار، عيسى يوسف، محاضرة تحت عنوان «من الشارقة إلى روما عبر طريق البهارات»، استعرض فيها الدور الذي لعبته الشارقة كمركز تجاري وثقافي رئيس في العصور القديمة.
وسلّط الضوء على الروابط التاريخية بين الموانئ العربية والمدن الإيطالية، موضحاً كيف شكلت الشارقة نقطة التقاء رئيسة ضمن «طريق البهارات»، حيث كانت القوافل والسفن التجارية تنقل السلع الثمينة من جنوب الجزيرة العربية إلى الموانئ الرومانية في البحر الأبيض المتوسط.
وأكد في ختام المحاضرة التزام هيئة الشارقة للآثار بالحفاظ على هذا الإرث التاريخي من خلال الأبحاث والدراسات التي تعزز الفهم المشترك بين الثقافات.
إرث الشارقة الثقافي
وقدّمت مديرة إدارة التراث الثقافي المادي في هيئة الشارقة للآثار، خلود الهولي السويدي، عرضاً بعنوان «إرث الشارقة الثقافي»، استعرضت خلاله العمق التاريخي العريق للإمارة من خلال مكتشفاتها الأثرية، وسلّطت الضوء على المنطقة الوسطى من إمارة الشارقة، حيث استعرضت موقع سهيلة الأثري، الذي يضم فؤوساً حجرية آشولية تعود إلى 500 ألف عام، إلى جانب موقع الفاية الذي يعد شاهداً على الاستيطان البشري خلال العصر الحجري، وهو من المواقع الفريدة التي تحتوي على أدلّة طبقية موثّقة، تعكس مسار الهجرة البشرية عبر الطريق الجنوبي لشبه الجزيرة العربية، ويعود تاريخه إلى 210 آلاف عام، وتشكل هذه المكتشفات أدلة حية تؤكد الدور المحوري للشارقة في التاريخ الإنساني المشترك، حيث ربطت الجزيرة العربية بإفريقيا والعالم، لتكون ممراً رئيساً في انتشار البشر الأوائل.
ويعكس التزام الشارقة بحماية تراثها الثقافي وجود ستة مواقع أثرية مدرجة على القائمة التمهيدية للتراث العالمي لـ«اليونسكو»، من بينها موقع الفاية، وتشمل الكنوز الأثرية الأخرى مواقع الفن الصخري التي يعود تاريخها إلى 7000 عام في خطم الملاحة وخورفكان، وموقع وادي الحلو، الذي كان مركزاً لإنتاج النحاس في العصر البرونزي، إضافة إلى مليحة التي كانت مركزاً تجارياً مهماً في فترة ما قبل الإسلام.
وشكّل المعرض فرصة ليستكشف الحضور المعروضات التي تسلط الضوء على دور الشارقة التاريخي كمركز حضاري وتجاري على طريق البهارات القديم، من خلال عرض قطع أثرية نادرة، ووسائط رقمية تفاعلية، وعروض توضيحية تعكس أهمية الموقع الجغرافي والثقافي للإمارة.
بدور القاسمي:
. الشارقة تفخر بمشاركة تراثها مع العالم، وتاريخنا جزء من سيرة البشرية ورحلة حضارتها.
فاهم القاسمي:
. تنظيم المعرض في قلب روما يعكس رؤية الشارقة في صون التراث الإنساني.