25/8/2025–|آخر تحديث: 03:29 (توقيت مكة)
في لحظة واحدة، يمكن أن يسقط بريق نجوم الملاعب من قمة المجد إلى قفص الاتهام، فصورة كانت أمس ملهمة للأطفال، تصبح اليوم واجهة لعناوين الصحف بتهمة “الاعتداء الجنسي”.
وعلى سبيل المثال وليس الحصر، في عام 2018 اهتزت صورة كريستيانو رونالدو بعدما وجد نفسه متورطا في قضية قديمة تعود وقائعها إلى 2009، لتتصدر قصته الصفحات الأولى في أوروبا وأميركا.
في 2019، عاش نيمار واحدة من أعقد أزماته، حين اتهمته عارضة برازيلية باغتصابها، قبل أن تُغلق القضية لغياب الأدلة.
أما بنجامين ميندي، مدافع مانشستر سيتي السابق، فدخل دوامة محاكمات طويلة بتهم الاغتصاب، ليُبرَّأ من معظمها عام 2022، لكن مسيرته الكروية تحطمت.
وفي 2025، طالب مكتب الادعاء العام بمحاكمة المغربي أشرف حكيمي نجم باريس سان جيرمان الفرنسي للاشتباه بإجباره فتاة على اغتصابها في منزله في بولون-بيلانكور في فبراير/شباط 2023. ونفى حكيمي التهمة مرارا، ورغم ذلك طلبت زوجته الطلاق منه.
لماذا يقع النجوم في فخ الاغتصاب؟
أسماء لامعة، ومليارات الدولارت من العقود، وملايين من المعجبين، ومع ذلك يقع هؤلاء النجوم في الدوامة ذاتها: بين عناوين الإعلام ودهاليز المحاكم، لماذا؟ هل هو اندفاع شخصي غير محسوب؟ أم فخاخ تُنصب بعناية لاستغلال شهرتهم وأموالهم؟ أم خليط معقد من كل ذلك؟
النجومية فخّ براق
الشهرة المفرطة والثراء السريع يضعان الرياضي في دائرة مغلقة تجعله عرضة لـ:
- علاقات عابرة من السفر المستمر والاحتكاك بجمهور واسع.
- محيطين يسعون لمكاسب مالية أو شهرة شخصية.
- شعور بالحصانة يجعل بعض اللاعبين يظنون أنهم فوق القانون.
يقول عالم الاجتماع الرياضي الإسباني مانوي كاستيلس في ندوة عقدت بالعاصمة مدريد في نوفمبر/تشرين الثاني 2021 إن “النجومية المفرطة تُذيب الحدود بين الحياتين العامة والخاصة، وتجعل الرياضي يعتقد أن السلوك المتهور لن يعود عليه بعواقب، وهذه هي الثغرة التي يقع منها في دائرة الاتهام”.

ماذا قال النجوم؟
وأدرك بعض النجوم حجم الأزمة التي حدثت لهم بسبب وقوعهم في شراك قد يكون تم التخطيط لها سابقا، وعبروا عن ذلك، ومنهم كريستيانو رونالدو الذي قال في مقابلة لمنصة “دازن” في أكتوبر/تشرين الأول 2019 “أنا هادئ لأن ضميري مرتاح، لكنهم حاولوا استغلال اسمي وصورتي. الشهرة تجعلك هدفا دائما”.
وقال نيمار عبر مقطع فيديو على إنستغرام في يونيو/حزيران 2019 “قد أرتكب أخطاءً في حياتي، لكن لن أكون قادرا أبدا على فعل ما اتُّهمت به. شعرت بأنني في فخ”.
وأوضح بنجامين ميندي بعد تبرئته من التهم التي دمرت مسيرته الكروية في يوليو/تموز 2022 “كانت حياتي جحيما، الناس حاكموني قبل القضاة. لن أنسى هذا أبدا”.

وأكد أشرف حكيمي في مقابلة لقناة “كانال بلاس” الشهر الجاري أنه “متهم زورا”، وأعرب عن ثقته في نتيجة المحاكمة المرتقبة.
وقال النجم المغربي “أنا هادئ، لكن اتهامي زورا أمر فظيع وغير عادل، لا أتمنى هذا لأحد، إنه ليس عدلا، لكنني أعلم أن الحقيقة ستظهر”.
الإعلام يسبق القضاء
وتعد قضايا الاعتداء الجنسي من أصعب الملفات القضائية لندرة الأدلة واعتمادها غالبا على شهادة طرف ضد آخر. لكن الإعلام يحكم مبكرا كالآتي:
- يضع النجم في قفص الاتهام منذ اللحظة الأولى.
- يضخم القضية بصور وعناوين مثيرة.
- يؤثر على الرعاة والعقود قبل أي حكم قضائي.
وهناك مقولة شهيرة لأحد خبراء القانون “في قضايا النجوم السمعة غالبا هي أولى الضحايا، حتى لو انتهت المحاكمة بالبراءة”.
بين الحقيقة والاستغلال
الواقع يؤكد أن بعض النجوم ارتكبوا فعلا تجاوزات، لكن في المقابل كشفت قضايا أخرى عن محاولات استغلال واضحة لثرواتهم وشهرتهم.
في حالة نيمار 2019، قالت النيابة في ساو باولو إن “الأدلة غير كافية، وهناك تناقضات في رواية المُدعية”.
وفي قضية رونالدو، انتهى الملف بتسوية مالية، لكن الأثر الإعلامي بقي حاضرا حتى بعد تبرئته من الناحية الجنائية.
هذه المنطقة الرمادية تجعل النجم، حتى وهو بريء، يعيش تحت عبء الشك المستمر.
الأرقام تتحدث
وفقا لتقرير Safe Sport International” (SSI)” في 2023 تبرز أهدافها، وهي منظمة تعمل في مجال حماية الرياضيين من العنف والإساءة:
- أكثر من 120 قضية اعتداء جنسي مرتبطة برياضيين محترفين عالميا خلال آخر 10 سنوات.
- انتهت 35% فقط بإدانات قضائية.
- أُغلقت 65% لغياب الأدلة أو بتسويات مالية.
هذه الأرقام تكشف عن فجوة ضخمة بين حجم الاتهامات ونسبة الإدانة، مما يعزز فرضية أن جزءا من هذه القضايا يدخل في خانة “الفخاخ” أكثر مما هو جرائم مثبتة.