27/8/2025–|آخر تحديث: 13:23 (توقيت مكة)
قالت صحيفة واشنطن بوست إن تحديد أي نوع من المساءلة عن قتل إسرائيل للصحفيين الفلسطينيين في غزة أمر صعب، وقارنت ما يحدث هنا بأكبر مذبحة وقعت للصحفيين في الذاكرة الحديثة في الفلبين.
وذكرت الصحيفة -في مقال بقلم إيشان ثارور- بأن 32 صحفيا قتلوا مع 26 شخصا، عندما نصب حوالي 100 مسلح جنوب الفلبين، كمينا لقافلتهم المتجهة لتسجيل مرشح معارض في انتخابات لاحقة.
وكان من المفترض أن وجود الصحفيين سيوفر درجة من الحماية للوفد، ولكن جثثهم أخرجت بعد 3 أيام من حفرة ألقاهم فيها مهاجموهم، لتكون حادثة نوفمبر/تشرين الأول 2009 أسوأ أعمال العنف الانتخابي في الفلبين، وأسوأ هجوم مسجل على الصحفيين في العالم، وقد تصدرت عناوين الصحف العالمية وأثارت ردود فعل سياسية عنيفة.
كانت العدالة بطيئة، وقتل بعض الشهود الرئيسيين، وطعن كبار السياسيين في أجندات الصحفيين القتلى، ولكن قاضيا أصدر عام 2019، أحكاما بالسجن المؤبد على بعض أفراد العائلة النافذة التي تقف وراء عمليات القتل مع العديد من شركائها.
ولكن العديد من المراقبين رأوا أن هذا التأخير عزز مناخا مقلقا من الإفلات من العقاب، وقد أشارت منظمة مراسلون بلا حدود العام الماضي إلى أن “هذا الفشل المطول في تحقيق العدالة يسلط الضوء على عجز السلطات عن كبح جماح العنف ضد الصحفيين”، وبالفعل قتل 43 صحفيا في الفلبين بعد هذه الحادثة.
أما في قطاع غزة، فقد قتل ما لا يقل عن 189 صحفيا فلسطينيا “على يد إسرائيل” -حسب إحصاء أجرته لجنة حماية الصحفيين– منذ بدء الحرب يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وهذا الرقم أكبر بكثير من حصيلة عقدين من الحرب في أفغانستان، ومن الحرب في أوكرانيا، وحربي فيتنام وكوريا.
العدالة في غزة أصعب
وإذا كان السعي لتحقيق العدالة في الفلبين صعبا وطويل الأمد، فمن المرجح أن يكون إيجاد أي نوع من المساءلة عن مقتل الصحفيين الفلسطينيين أكثر صعوبة، إذ لم تصدر أي إدانات حتى الآن بشأن مقتل الصحفية الفلسطينية الأميركية شيرين أبو عاقلة عام 2022، رغم تأكيد تحقيقات متعددة أنها قتلت برصاص قناص إسرائيلي أثناء تغطيتها الصحفية في الضفة الغربية.
أما في غزة، فتحمل إسرائيل حركة المقاومة الإسلامية (حماس) مسؤولية أي خسائر في صفوف المدنيين، كما اتهمت بعض الصحفيين بأنهم امتداد لحماس، وبالتالي تصنيفهم أهدافا مشروعة.
وتذرع مسؤولون عسكريون إسرائيليون بوجود “كاميرا تابعة لحماس”، وزعموا أن وجود عناصر من حماس في الموقع هو سبب اختيارهم للهدف، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اضطر، في ظل الإدانة الدولية، إلى وصف الوضع بأنه “حادث مأساوي”.
وكانت غارة إسرائيلية قد قتلت مراسل الجزيرة أنس الشريف و3 من زملائه، وزعمت إسرائيل أن الشريف كان رئيس “خلية إرهابية تابعة لحماس”، وهي اتهامات نفتها الجزيرة وأصدقاء الشريف وعائلته وخبراء الأمم المتحدة.
ورغم نفي السلطات الإسرائيلية استهداف الصحفيين الفلسطينيين، رحب بعض الصحفيين والمعلقين الإسرائيليين البارزين بهذه الاغتيالات، وأبدى زفي يحزكيلي، محلل الشؤون العربية في قناة آي 24، فرحه بنبأ قصف مستشفى ناصر، وقال “فكروا في حجم الضرر المعرفي الذي ألحقه هؤلاء الصحفيون الإرهابيون بإسرائيل”.
وقال الكاتب إن هذا الرأي لا يمثل أقلية في إسرائيل، حيث أظهر استطلاع رأي حديث أن 76% من اليهود الإسرائيليين يوافقون بدرجات متفاوتة على ادعاء أنه “لا يوجد أبرياء في غزة”.