بدأت القصة بجريمة مروعة، ففي يونيو/ حزيران الماضي، قَتل رجل فنزويلي امرأة بولندية تُدعى كلاوديا ( 24 عاما) طعنا بالسكين في وسط مدينة تورون شمال بولندا، أثناء مرورها في حديقة عامة عائدة من عملها.

دفع هذا الحادث المروع الآلاف من سكان تورون للخروج في مسيرة صامتة في السادس من يوليو/ تموز. وأفادت وسائل إعلام محلية أن المسيرة نظمها أنصار تحالف اليمين المتطرف “كونفدراتسيا”، وحمل المشاركون فيها لافتات كتب عليها: “أوقفوا الهجرة غير النظامية”.

بعد أيام انتشرت الشائعات والمعلومات المضللة، ففي 14 يوليو/ تموز تلقت الشرطة بلاغا من مجهول في مدينة فالبجيتش، جنوب غرب بولندا، عن رجل من باراغواي يُزعم أنه يلتقط صورًا لأطفال وهم يلهون في ملعب.

أوقفت الشرطة الرجل، لكنها لم تعثر في هاتفه على أي شيء يدينه. ومع ذلك، لم تمنع تبرئته من التهمة رجلين بولنديين من الاعتداء عليه بالضرب بعد ذلك بفترة وجيزة. وفي اليوم التالي، اقتحم نحو 50 شخصًا النزل الذي كان يقيم فيه ومهاجرين آخرين، وألقوا قنابل حارقة داخل المبنى، مما أجبر صاحب النزل على إغلاقه.

في الأسابيع الأخيرة، تصاعدت المشاعر المناهضة للمهاجرين في هذا البلد الأوروبي الشرقي، مدفوعة بخطاب اليمين المتطرف الذي يزعم أن بولندا غُرقت بـ”الهجرة غير النظامية وغير المقيدة”. وراجت مزاعم مفادها أن المهاجرين باتوا يسيطرون على وظائف أهل البلد ويشكلون تهديدًا للبولنديين جسديًا ومعنويًا من خلال “أسلوب حياتهم الأجنبي”، وهي مزاعم لقيت رواجا وتشجيعا من قبل بعض المشرعين.

وقال النائب في كتلة “كونفدراتسيا”، كونراد بيركوفيتش، لراديو “توك إف إم TOK FM” إن “رُهاب الأجانب هو عنصر مهم في وحدتنا الوطنية، كما أن إدانته وكبته في الغرب أديا إلى حالات اغتصاب وأعمال إرهابية، ولهذا السبب يجب أن نعتز برُهاب الأجانب”.

من جهته بقول إلمي عبدي (62 عامًا) -وهو صومالي جاء إلى بولندا في عام 1996 لاجئا- لشبكة الجزيرة: “اليوم، يُنظر إلى المهاجرين على أنهم المسؤولون عن جميع مشاكل بولندا، نحن كبش الفداء الذي يهاجمه جميع الأحزاب، رغم أن السياسيين يعلمون أن هذا غير صحيح”.

ويعمل عبدي رئيسا لمؤسسة “بداية جيدة”، التي تدعم المهاجرين، وتقدم لهم المساعدة في التسجيل بدورات اللغة ومساعدة قانونية.

وأضاف: “هذا أمر محزن لأننا (المهاجرين) نفعل كل ما بوسعنا للعمل بأمان هنا، وندفع الضرائب ونحاول الاندماج في المجتمع”.

شاركها.