|

النبطية- على بعد أمتار قليلة من الدمار المهول الذي طال سوقها التراثي والتجاري وأبنتيها السكنية، تطلق مدينة النبطية في الجنوب اللبناني صرختها من حناجر أبنائها نصرة لغزة المحاصرة، وتنديدا بسياسة التجويع والقتل التي تنتهجها إسرائيل بحقها، عبر وقفة تضامنية حضرتها فعاليات تربوية وثقافية وبلدية ودينية ورياضية وكشفية، ورفع فيها المشاركون الأعلام اللبنانية والفلسطينية.

وأكد رئيس بلدية مدينة النبطية عباس فخر الدين للجزيرة نت أن هذه الفعالية هي أقل ما يمكن أن يُقدم لأهالي غزة بعد هذا الصمت المريب من معظم قادة العالم، تجاه ما يحصل بحقهم من مجازر وقتل متعمد وتجويع وتدمير لم يتوقف، وشدد على أن أهالي الجنوب كانوا وسيبقون إلى جانب القضية الفلسطينية، والشعب الفلسطيني الحر، من أجل استرجاع حقوقه.

وذكّر فخر الدين بأنهم ساندوا القضية الفلسطينية منذ القرن الماضي، وكانوا أول من وقفوا إلى جانب غزة وأهلها، وقدّموا خيرة شبابهم فداء لها، ومنهم رئيس بلديتها السابق وعدد من أعضاء مجلسها البلدي، في الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان.

فعالية شعبية في مدينة النبطية رفضا لحصار وتجويع أهالي غزة (الجزيرة)

دعم كامل

وكان المجتمع المدني في النبطية قد دعا إلى المشاركة الفاعلة في هذه الوقفة التضامنيّة التي أقيمت، أمس الأربعاء، في باحة النادي الحسيني في المدينة، وعبّر مؤسس “مجموعة أبناء البلد” حيدر بدر الدين -في حديثه للجزيرة نت- عن حزنه العميق لما يحصل في غزة، حيث يموت الصغار والكبار جوعا، بفعل الحصار الإسرائيلي.

وقال “الدم الفلسطيني دمنا، وهذا النزيف نزيفنا، والنبطية قدّمت الكثير وما زالت، لكن يجب على العالم أن يتحرك، هؤلاء النساء الأطفال والرجال الذين يموتون جوعا، ألا يستحقون منا أن نتحرك ونطلق صرخة إلى العالم العربي والعالم أجمع لأجلهم؟ أنقذوهم”.

ويشير بدر الدين إلى أن لبنان ساند غزة وقدّم أغلى ما يملك، “إلا أنه ومع استمرار سياسة التوحش الإسرائيلي، فلا يمكن أن يستقيل الإنسان من إنسانيته، بل على العكس، هو الآن يتمسك أكثر بخيار الدفاع عن شعب القطاع المحاصر، ويرفع الصوت عاليا لكي يستفيق العالم من سباته”.

الأطفال سجلوا حضورهم وحملوا الأعلام اللبنانية والفلسطينية (الجزيرة)

القضية الأم

بدوره، حضر ابن مدينة النبطية محمد صباح وأسرته إلى الوقفة التضامنية، وتحدث للجزيرة نت عن أسفه للصمت العالمي أمام هول المشهد في قطاع غزة، مؤكدا أن أهالي الجنوب اللبناني منحازون إلى جانب الحق والقضية الفلسطينية بوجه الغطرسة الإسرائيلية.

وأوضح صباح “أهل غزة أهلنا، يُقتلون ويُجوّعون يوميا، ونحن نعتز بالوقوف إلى جانبهم، وقدّمنا الشهداء وكل ما نملك، وسنواصل تقديم كل غالٍ ونفيس، من أجل هذه القضية”.

لوحة منى حمزة تجسد معاناة أهالي قطاع غزة المحاصر (الجزيرة)

اللوحات التشكيلية حجزت لنفسها مكانا في هذه الوقفة، حيث أخذت الحاضرين بالذاكرة إلى أحداث حقيقية حصلت في غزة، وكانت قد وثقتها الكاميرات، وهي تروي معاناة الشعب الفلسطيني في القطاع خلال الحرب الإسرائيلية المستمرة عليه منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وقالت الفنانة التشكيلية منى حمزة للجزيرة نت “مشاركتنا تعبير بسيط لما يعيشه شعبنا في فلسطين، نحاول بكل ما نملك من قوة أن نتضامن، لأننا نتضامن مع إنسانيتنا ومشاعرنا النبيلة التي دُفنت داخلنا، ونقول لأهلنا في فلسطين نحن معكم بكل ما نملك، من لوحات بسيطة وعلم وصوت، ونحن شعب واحد، ومعركتنا واحدة، وإن شاء الله سننتصر”.

وأشارت إلى أن الفنان يستطيع التعبير أكثر من خلال ريشته، ويستطيع أن ينقل هذه المعاناة بطريقته الخاصة، وهذه اللوحة استلهمتها من مشاهد حقيقية حصلت في فلسطين المحتلة، وكل قطعة فيها تحكي قصة، ومن خلالها تحاول نقل مظلومية هذا الشعب للعالم.

مأساة أطفال غزة حاضرة في لوحة الفنانة صابرين مروّة (الجزيرة)

النضال مستمر

بدورها، أكدت الفنانة التشكيلية صابرين مروّة للجزيرة نت أن الشعب اللبناني نشأ على حب القضية الفلسطينية، وهي تعبّر عن إيمانها بها بالرسم.

وأضافت “الطفل الفلسطيني كان دائما في قلب لوحاتي لأن معاناته حقيقية وكبيرة، ولا نعرف متى ستنتهي، وهذه اللوحة الزيتية تعبّر عن مشهد من مشاهد الدمار في غزة تحديدا، وهي تُظهر أخا يحتضن أخته ويغطيهما العلم الفلسطيني للتأكيد على الصمود وحمل القضية، والمضي بها رغم كل المآسي والتعب والمعاناة، وهم صامدون وباقون، والأرض لهم وستبقى كذلك، والحق سيعود حتما”.

وأكدت مروّة أنه لا يمكن لأي إنسان أن يستقيل من دوره الإنساني في نصرة المظلومين، و”يقول أنا أدّيت واجبي وانتهى الأمر، فطالما الظلم مستمر يجب أن يبقى النضال مستمرا حتى يعود الحق لأصحابه”.

وشددت على أن أبناء الجنوب اللبناني سيبقون يقدمون الغالي والنفيس في سبيل القضية الفلسطينيّة وكل القضايا الوطنية، منوهة إلى أن العديد من البلدات الجنوبية ستكون على مواعيد لفعاليات ثقافية مختلفة، من أجل التأكيد على إيمان الجنوبيين بقضيتهم وعدم التخلي عنها تحت أي ظرف كان.

شاركها.
Exit mobile version