أجمع محللون سياسيون على خطط إسرائيل لتهجير سكان الضفة الغربية بعد ضمها المحتمل -كليا أو جزئيا- وتصفية القضية الفلسطينية للمضي قدما لتحقيق رؤية رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لإقامة “إسرائيل الكبرى”.

ويرى الكاتب والمحلل السياسي محمد القيق أن نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية- يمتلك فرصة ذهبية داخليا وخارجيا لضم الضفة لأسباب عدة مثل الهرب من فشله في غزة، وتجنب انهيار ائتلافه الحاكم، والضوء الأخضر الأميركي.

كما اعتاد نتنياهو تحويل كل مأزق إلى إنجاز شخصي وتاريخي -مثلما تحدث القيق لبرنامج “مسار الأحداث”- حيث يروج أن ضم الضفة يأتي ردا على الإعلانات الأوروبية المرتقبة بشأن الاعتراف بالدولة الفلسطينية وضعف السلطة الفلسطينية.

وكان موقع أكسيوس الأميركي نقل عن مصادر أن الوزيرين الإسرائيليين جدعون ساعر ورون ديرمر أبلغا نظراءهما في عدة دول أوروبية أن إسرائيل ستضم أجزاء من الضفة إذا تم الاعتراف بالدولة الفلسطينية.

وإضافة إلى ذلك، تبرز عقلية إسرائيل التوسعية في المنطقة، إذ تدرك -وفق القيق- أنها “لا يمكن لها أن تتمدد في الإقليم طالما بقيت القضية الفلسطينية”، لذلك “تخطط لتهجير أهل الضفة”.

واقع ميداني

أما بالنسبة لمسألة الضم، فلم تكتمل الصورة بعد لدى الإسرائيليين بين من يريد ضم كل المناطق الفلسطينية في قطاع غزة والضفة الغربية ومن يريد ضم كافة المستوطنات ومناطق “ج”، حسب رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الخليل بلال الشوبكي.

وتعد مناطق “ج” أكبر مناطق الضفة الغربية، وتشكلت وفق التقسيم الذي أفرزته اتفاقية أوسلو الثانية عام 1995، وتمثل 61% من مجموع أراضي الضفة، وتسيطر السلطات الإسرائيلية على الإدارة المدنية والأمنية فيها.

وتترجم إسرائيل خطط ضم الضفة الغربية واقعا على الأرض، حيث تقلص دور السلطة وتقيد العمران في مناطق تخضع للولاية الإدارية للفلسطينيين، وهو ما اعتبره الشوبكي “إعداما لفكرة الدولة الفلسطينية على حدود 1967”.

لكن يسود انقسام في الأوساط السياسية الإسرائيلية بشأن مستقبل السلطة، إذ يريد البعض الإبقاء عليها بشكلها الحالي كأعلى سقف ممكن من أجل إعفاء تل أبيب من مهمة إدارة حياة الفلسطينيين.

ويرى آخرون بأن بقاء السلطة بالشكل الحالي مزعج -حسب الشوبكي- ويجب تفكيكها على شكل مناطق جغرافية غير متصلة ولا يوجد لديها رؤية سياسية، وتحويلها إلى بلديات تدير شؤون الفلسطينيين.

مخاوف جدية

وعمليا، لن يكون ضم الضفة صعبا بعد السكوت عما جرى في غزة، لكن العملية ستعقد حياة الفلسطينيين، إذ لا يمكن التنقل بين المناطق بعد تحويلها إلى جزر، مثلما قال الباحث الأول بمركز الجزيرة للدراسات لقاء مكي.

ورجح مكي انهيار السلطة وعدم قدرة الفلسطينيين على التعايش مع الواقع الجديد، لذلك تهدف إسرائيل إلى إيجاد “إدارة عميلة تابعة لها أمنيا وإداريا” ، كما لم يستبعد أن يؤدي الضم إلى تهجير سكان الضفة الغربية، التي تنظر إليها تل أبيب أنها “قضية دينية، وليست أمنية مثل غزة”.

وأعرب عن قناعته بأن الولايات المتحدة لن تمانع ضم مناطق “ج” ردا على الاعترافات الأوروبية، وسط خشية من خطط وخطوات إسرائيلية انتقامية بشأن شمالي الضفة (طولكرم، جنين، طوباس، قلقيلية، ونابلس) تدفع سكان هذه المناطق إلى التهجير.

وفي هذا الإطار، كشفت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان عن مصادرة إسرائيل مئات الدونمات من أراضي الضفة الغربية التابعة للفلسطينيين بمحافظتي نابلس وقلقيلية، مشيرة إلى أن الاحتلال يهدف إلى شرعنة أوضاع بؤرة استيطانية مقامة في المنطقة.

شاركها.
Exit mobile version