يثير الحراك الدبلوماسي الأميركي المكثف في أوكرانيا تساؤلات جوهرية حول غياب الجهد المماثل المبذول لإنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

ففي الوقت الذي يقود فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب بنفسه مفاوضات معقدة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإنهاء الصراع الأوكراني، يترك الملف الفلسطيني لمبعوثه الخاص للشرق الأوسط ستيفن ويتكوف دون تدخل رئاسي مباشر، بحسب حلقة (2025/8/21) من برنامج “من واشنطن”.

ورغم إنجاز دبلوماسي قطري بارز تمثل في قبول حركة المقاومة الإسلامية (حماس) لـ97% من الشروط المطروحة لوقف إطلاق النار، يركز ويتكوف بمفرده على الملف الفلسطيني دون الزخم الرئاسي المباشر الذي يحظى به الملف الأوكراني.

ويطرح هذا التباين -وفق خبراء- تساؤلات حول معايير الأولويات الدبلوماسية الأميركية الجديدة.

وقد شهد هذا الأسبوع حراكا دبلوماسيا أميركيا غير مسبوق لإنهاء الصراع الأوكراني الروسي، حيث تصدر ترامب المشهد بسلسلة من اللقاءات والمفاوضات المكثفة التي امتدت من ولاية ألاسكا إلى العاصمة واشنطن، في محاولة لوقف أطول حرب تشهدها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.

وتضمنت هذه التحركات استقبال بوتين في ألاسكا، تلاها بسرعة ملحوظة عقد قمة سريعة مع القادة الأوروبيين في واشنطن، وصولا إلى ترتيبات لقمّة ثلاثية مرتقبة تجمع ترامب وبوتين والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

وفاجأ ترامب الأميركيين والحلفاء باستقباله بوتين في ألاسكا، في خطوة وصفها حتى معارضوه بأنها “جهد دبلوماسي غير مسبوق”.

وأظهرت اللقاءات تبادل إشارات إيجابية بين الرئيسين، حيث اقترح بوتين أن يكون اللقاء القادم في موسكو، في حين أكد ترامب استعداده لمواجهة “بعض المتاعب” بسبب هذا التوجه.

ويفسر محللون هذا التباين بطبيعة التحديات المختلفة بين الملفين، ففي حين تتطلب المساعدات الإنسانية لغزة “تحقيق الاستقرار أولا” وإجراءات معقدة لضمان وصولها، تبدو المفاوضات الأوكرانية أكثر مباشرة في نظر الإدارة الأميركية.

والأهم من ذلك، أن القرار فيما يتعلق بملف غزة موجود في أماكن أخرى، خاصة “اليمين المتطرف” داخل إسرائيل، مما يحد من قدرة الرئيس الأميركي على التأثير المباشر، بعكس الملف الأوكراني حيث يتعامل مع قادة دول مباشرة.

كما أن المبعوث الأميركي ويتكوف يواجه تحديا إضافيا يتمثل في عمله بطاقم قليل جدا، فعندما يركز على الملف الأوكراني كما جرى في الأسابيع الماضية، لا يتواجد في الدوحة أو القاهرة لمتابعة ملف غزة برغم الاختراقات الدبلوماسية المهمة التي حققتها قطر في هذا الملف.

قمة واشنطن

وأعقب لقاء ألاسكا قمة عاجلة في واشنطن ضمت كبار القادة الأوروبيين الذين أسرعوا إلى العاصمة الأميركية لمناقشة الموقف الأوكراني.

وتبنى ترامب مقاربة واقعية صريحة، معترفا بأن روسيا “دولة عسكرية قوية” تسيطر على 79% من منطقة دونباس، مؤكدا أن أوكرانيا تدرك ذلك.

ومن جانبه، يطرح ويتكوف رؤية متفائلة، مؤكدا أن الروس قدموا تنازلات بشكل شبه فوري في لقاء ألاسكا، وأن الاجتماع تم إطالته لأنه حقق تقدما حقيقيا.

وتتضمن الرؤية الأميركية الجديدة إمكانية نشر قوات أوروبية على الأرض مدعومة بالقوة الجوية الأميركية، ولكن خارج إطار حلف شمال الأطلسي (الناتو)، حيث يؤكد ترامب أن انضمام أوكرانيا للناتو لم يكن مطروحا قط ولن يحدث أبدا.

|

شاركها.
Exit mobile version